يدخل عدد من السعوديين إلى المحاكم للتخاصم في قضايا السب والشتم والتشهير والعنصرية التي تقع في وسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت بشكل عام، واضعين بذلك حدًا للجدل الواسع الذي صنف الكثير من مشاركات السعوديين في هذا الجانب على أنها انتهاك للقوانين، وإساءة يستدعي تطبيق الأحكام الشرعية فيها. وظل رواد الشبكات الاجتماعية يستهدف بعضهم البعض بالسب والشتم والتشهير، دون أن يكون هناك أي رادع لما يجري، في الوقت الذي أوضح فيه المتحدث الرسمي لوزارة الداخلية اللواء منصور التركي، بوجود نظام الجرائم المعلوماتية، كما تتوفر ضمن الخدمات الإلكترونية التي يقدمها الأمن العام على بوابة وزارة الداخلية، وذلك خدمة للإبلاغ عن الجرائم المعلوماتية التي يتعلق موضوعها بصاحب البلاغ مثل اختراق المواقع الإلكترونية، تهديد وابتزاز الأشخاص، أو الإساءة إليهم وغيرها من الجرائم المماثلة التي حددها النظام، وهذه الخدمة معمول بها منذ عدة أشهر. وجاء توضيح وزارة الداخلية حول البلاغات ذات العلاقة بنظام الجرائم المعلوماتية على موقعها الإلكتروني، واستقبال الشكاوى عن المشاركات المسيئة التي يتعرض لها الأفراد على الإنترنت، خطوة مرحب بها من قبل الجميع، لحفظ الحقوق والحد من التجاوزات التي لا تتوقف في الشبكة. وكانت قضية الإعلامي أحمد عدنان، هي التي أشعلت فتيل اللجوء للقضاء لردع السب والشتم في الشبكات، إذ تقدم بشكوى لمسئول رفيع في وزارة الثقافة والإعلام، ضد مغرد قام بقذفه في تويتر، وتمت إفادته بأن الوزير الدكتور عبد العزيز خوجه، وجه بإحالة القضية فورًا إلى الجهة المختصة للتحقيق فيها ومعاقبة المتطاول بحسب الأنظمة، وعلى ذلك تم استدعاء المواطن إلى هيئة التحقيق والإدعاء العام تمهيدًا لمحاكمته. وقال عدنان ل «الحياة»: «الخطوة جاءت في محلها وفي وقتها الصحيح»، معتبرًا أن ما يجري في المشهد الإلكتروني «كشف لنا عن تجذر مرض العنصرية في المجتمع، وخطوة وزارة الداخلية لا بد أن تتبعها مواجهة شاملة لمرض العنصرية». ودعا عدنان، إلى تضافر جهود «وزارة العدل، ووزارة التعليم، ووزارة الثقافة والإعلام، ووزارة الشؤون الإسلامية، ووزارة الداخلية، ومجلس الشورى، بحيث يكون هناك نظام حاسم واضح يدين الممارسات العنصرية والطائفية عموماً لحماية الوحدة الوطنية»، لافتاً إلى أن تلك الخطوة «قصدها حماية لحرية الرأي والتعبير وليست معادية لها، ويجب على المتضررين التعامل مع مبادرة الوزارة بإيجابية». وقام عدد من المغردين بالمبادرة للاستفادة من هذه الخدمة لإيقاف كافة المتطاولين عليهم، كما فعل أحد مبتكري المسلسل اليوتيوبي «مسامير» مالك نجر، حيث كتب في حسابه في شبكة تويتر «الشخص الذي كتب ما كتب قبل قليل احتفظت باسمه، وسأتقدم بدعوى قذف ضده يوم السبت إن شاء الله»، وقد أشار عليه بعض المغردين أن يتجه إلى الخدمة التي أقرتها وزارة الداخلية أخيرًا عبر موقعها الإلكتروني. كما تحدث ل «الحياة» مجموعة من المغردين حول القرار الأخير، حيث يقول المحامي بدر الجعفري، «أعتقد أنها آلية متقدمة أصدرتها وزارة الداخلية في الوقت المناسب، مواكبة لنمو إقبال المجتمع الواقعي على الواقع الافتراضي». واعتبر أنه من الطبيعي «أن يصحب هذا المجتمع الافتراضي الجديد العديد من الوقائع والمستجدات والمخالفات والجرائم التي لم تكن معهودة سابقاً»، ويعتقد الجعفري، أن آلية تلقي البلاغات «ستردع الكثير من ارتكاب التجاوزات والإساءات التي تصنف ضمن الجرائم المعلوماتية وستحد منها بالطبع، لا سيما إذا تضمنت خصائص ميسرة للمتابعة والتعقيب وأثمرت عن إحالة المتهمين لهيئة التحقيق والادعاء العام». بدوره قال المغرد عصام الزامل: «قيام وزارة الداخلية بوضع صفحة خاصة للتبليغ عن إساءات مواقع التواصل الاجتماعي كانت خطوة انتظرها الكثيرون، لأن البعض يعتقد أن هذه المواقع خارجة عن سلطة العقاب، وبالتالي قد تستغل للإساءة والتجريح لبعض الشخصيات، لذلك فإن وجود وسائل سهلة للتبليغ سيساهم في الحد من هذه الإساءات وبالتالي تحسين بيئة الاستخدام لهذه المواقع». في الطرف الآخر طالب المغرد علي القحطاني بضرورة «أن تكون هناك شروط واضحة ودقيقة لما يتم الإبلاغ عنه»، مبررًا رأيه «حتى لا تتلقى وزارة الداخلية سيلاً من الشكاوى التي لا تستحق النظر، خصوصًا فيما يصدر في (توتير) بحكم أنها شبكة أشبه بالشارع، حيث لا تعلم من يتابعك ولا يستأذنك في ذلك». ولم يخف القحطاني، وهو طالب دراسات عليا في كلية الحقوق في جامعة الملك سعود، أن كل خطوة «تبنى على نظام وتفعل فيها فكرة حقوق الإنسان، فهي مرحب بها، ويجب أن تفعل وتكون سلاحاً لكل متضرر ممن يقذفون في عرضه وشرفه أو يشهرون فيه وينسبون إليه ما هو زور وتدليس». يشار إلى أن موقع وزارة الداخلية يتيح إمكانية التقدم عبر التسجيل بخدمات الموقع أولاً، ومن ثم التقدم بتعبئة النموذج المختص بذلك الموجود في قسم الجرائم الإلكترونية، ويطلب فيه من المستخدم إضافة عنوان الموقع الإلكتروني الذي أساء إلى الشخص واسم المشارك أو المسيء الذي قام بالمشاركة، إضافة إلى رقم الملقم «port» الخاص بالمستخدم الذي سيقوم بإرسال الطلب، الذي عادة ما يحمل رقم 8080، ويطلب النموذج من المستخدم أيضاً تاريخ المشاركة التي تمت ووقتها حسب المنطقة المدونة في المنتدى الإلكتروني أو إحدى صفحات الشبكات الاجتماعية.