«رحنا إلى البندر في شهر نيسان.. نشتهي نبيع الفل لكل ولهان»، هكذا يستقبل أهالي جازان موسم قطف زهور الفل، من قلب جازان حتى تصل الفل إلى جدة، وتضج شوارعها هذه الأيام بأصوات باعة الفل عند الإشارات والمرافق العامة، إثر انتشار باعة «الفل» أمام الإشارات المرورية. ويعد ارتباط هذه الأغنية بباعة «الفل» أن جميعهم من الجنسية اليمنية فأصبحتَ تسمع منهم كلمات هذه الأغنية كإعلان ودعاية بطريقة فنية رائعة، إذ إنهم يسيطرون على هذا العمل لمعرفتهم الكبيرة بأسراره وخفاياه، فباتت الإشارات المرورية في المحافظة الساحلية تفوح بعبق «الفل» الجازاني الجميل. «الفل» زهرة جميلة تغنى بها الكثيرون لجمالها ولطبيعتها المميزة، إذ إن فيها من الأسرار الكثير، فهي تعطي الجسد الراحة وتحسن الحالة النفسية للإنسان، كما أن الفل من جمالها عُلقت على الأعناق، وصُنعت منها التيجان التي وضعت على رؤوس الجميلات، فهي كنز منذ القدم عرفها القدماء وتوارثوها من جيل إلى جيل، ويروى أن كليوباترا نجحت في إغواء مارك أنطونيو القائد الروماني الذي فتح مصر بسبب أنها كانت تستعمل زيت الفل. يقول بائع الفل أحمد في حديث إلى «الحياة» إن هذه المهنة كنت اعتبرها مهنة بديلة فأنا ليست لدي إقامة ولم أكمل تعليمي ومع طول عناء في البحث عن عمل لم يحالفني الحظ للحصول على عمل يكفل لي حياة كريمة فنصحني أحد أقاربي بأن أبيع الفل في الإشارات المرورية إلى أن أحصل على عمل. وأضاف: تأتينا الفل من جازان وتكون مغطاة بالثلج لكي تحتفظ برائحتها الزكية وبقائها فواحة حتى تصل إلى يد الزبون، وعندما نستلمها من الموزع نوليها اهتماماً كبيراً ونحافظ عليها من أشعة الشمس. وفي ما يخص المردود المالي، يضيف: «أنا أعتبره مغرياً بالنسبة لي، إذ أحصل في كل يوم على ما يقارب ال200 ريال، وزاد: من المستحيل أن أستعمل «الفل»، لأن ذلك سيعود علي بالخسارة، فكل عقد محسوب علي ثمنه، ولكن سأحرص على أن أرتديه في ليلة زفافي، لأنه لا يخذلني إذا كنت في حاجته». من جهته، يرى المواطن عبدالإله الجهني في حديث إلى «الحياة» أن الفل هو أفضل الروائح بالنسبة إلي وتشعرني بالتفاؤل والنشاط، وليس كل الفل التي تباع في الأسواق هذه الأيام ذات جودة عالية، وأسعارها عادة تتفاوت من يوم إلى آخر. ويشير الجهني إلى أنه يقصد شراء الفل من الباعة الذين يوجدون في الإشارات المرورية، إذ إنه وفقاً لقوله يستمتع معهم، وبروحهم المرحة، وأسعارهم دائماً ما تكون منخفضة مقارنة ببائعي الأسواق. كما يرى أن الظاهرة إيجابية ومريحة للعين وهي أفضل من ظاهرة رؤية المتسولين، أعلم أنهم مخالفون ولكن هم يبحثون عن لقمة العيش بطريقة شرعية فما هو الضرر في ذلك.