عندما افتتح رئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان وعقيلته «جامع شاكيرين» في اسطنبول، وصفه بأنه تحفة معمارية عصرية، تزيد على قائمة الجوامع التاريخية الموجودة في تركيا، جامعاً يتميز بناؤه بالجمال والفن الراقي والذوق الرفيع. واستطرد أردوغان يقول: «أعترف بأنني تابعت عملية البناء في مختلف مراحلها. ولا يسعني بهذه المناسبة، إلا أن أقدم كل الثناء والشكر لمؤسسة سميحة شاكر الوقفية التي ساعدت بتبرعاتها السخية، على دعم القطاعين التربوي والصحي». واختتم رئيس الوزراء كلمته بتهنئة المهندسة زينب فضل أوغلو، «لأنها نجحت في وضع تصميم ينسجم في رونقه مع المكان والزمان». ومثل هذا الثناء تردد على ألسنة كل الخطباء الذين شاركوا في حفلة التدشين يوم الثامن من أيار (مايو) سنة 2009. أي الحفلة التي شهدت أكبر حشد من المهندسين والأكاديميين وخبراء التعمير. ويقول أصحاب مشروع «جامع شاكيرين» إن تحقيقه استغرق ثلاث سنوات، من 2006 حتى 2009. ووفق الوصف الذي أطلقه مدير الشؤون الإسلامية لمحافظة اسطنبول المفتي مصطفى تشاغريشي، فإن «جامع شاكيرين» تحول في نظره إلى قبلة السياح «لكونه يمثل تحفة معمارية، مثله مثل الجوامع التاريخية التراثية». وفي مقالة كتبها البروفسور أوغور دورمان عن جبانة «كاراجا أحمد»، يقول: «سئل مرة السفير التركي في إسبانيا يحيي كمال بيات، عن عدد سكان مدينة اسطنبول. وبدلاً من أن يذكر الرقم الصحيح، ضاعف العدد بطريقة أثارت الدهشة والاستغراب. وبرر السفير مغالاته بالقول إن أحياء تركيا يعيشون في جوار موتاهم. وكان بهذا الكلام يشير إلى ظاهرة بناء المدافن قرب المنازل». والثابت أن هذا التقليد وجد في عهد السلاطين، كنوع من التذكير بالقدر الذي ينتظره كل إنسان، الأمر الذي يردعه عن التعلق بهذه الدنيا الفانية. لذلك، وصفت الجبانة التي شيد فوق أرضها «جامع شاكيرين» بجبانة السلطان «كاراجا أحمد». ويؤكد الدليل الذي اختارته إدارة «جامع شاكيرين» لمرافقة الزوار، أنه يقدم كل شهر تقريباً، معلومات تتعلق بموضوع أطروحات جامعية حول هذه المنشأة. وهو يرى أن الفناء الطويل المغطى بقباب ملونة، والمئذنتين السامقتين كالنخيل، والقبة المعدنية التي تغطي المسجد، «كل هذه المظاهر المعمارية تجعل من هذا الموقع مصدراً لصورة ثقافية مغايرة لآلاف المساجد القائمة في تركيا، خصوصاً أن الإضاءة مع ما تبرزه من انعكاسات جميلة في الليل، تطل على سكان اسطنبول كقوس قزح». وحرصت المهندسة زينب فضل أوغلو، على توزيع النقوش المقتبسة من القرآن الكريم على جدران المسجد والأروقة، الأمر الذي يثير اهتمام الزوار الذين يتنافسون عادة لحل الخطوط المكتوبة بالخط الكوفي. في الكتاب الضخم الذي يضم تصاميم المسجد، إضافة إلى لقطات مصورة لمختلف المشاهد البارزة، نشرت سلسلة مقالات لكبار المهندسين يتحدثون فيها عن الخصائص التي تميز هذه المنشأة وسط ألف جامع تحتضنها مدينة اسطنبول. ويروي الكتاب حكاية وفاء أسرة المرحوم إبراهيم شاكر لوالدتهم التركية الأصل المرحومة سميحة، التي يحمل لها أولادها: غازي وغادة وغسان، أطيب ذكرى. وعليه قرروا تجسيد حبها لعمل الخير بتشييد مسجد مميز في تصميمه المتألق وفي غايته الإنسانية المعبرة.