ممدداً على فرشته، يحاول محمد السنساوي الاستعانة بعصاه لتوضيح جمله. ويقول هذا المقاتل السوري الذي أحاط به مقاتلون إسلاميون وحفنة من الأجانب «أترون، أنا أطلق اللحية وليس الشاربين وهذا طبيعي فأنا سلفي». سيطر هؤلاء المسلحون منذ تموز (يوليو) على باب الهوى، المركز الحدودي بين سورية وتركيا. ويتعرض هؤلاء وهم بالعشرات إلى القصف بانتظام من قوات الجيش السوري. ويرفعون علمهم الأسود الذي تكتب فيه الشهادة باللون الأبيض، على معسكرهم. وظهر 15 رجلاً معظمهم من السوريين بعدما كانوا نياماً أو يلهون ببنادقهم. وظهر آخرون في جانب آخر وبدوا كأنهم ليسوا من أبناء البلد. وقال السنساوي: «سنقيم دولة إسلامية». وداخل المركز الحدودي كتب على أحد الحيطان «الإسلام هو الحل». وأضاف: «حين ننتصر سيطبق مبدأ العين بالعين. من يستسلم سنعفو عنه والبقية سيقتلون». ويقول المسلحون إنهم ينتمون إلى كتائب تحت قيادة واحدة. وأوضح: «نقوم أحياناً بعمليات مشتركة مع الجيش السوري الحر» المشكّل من منشقين ومدنيين حملوا السلاح. ويقود المسلحون المسيطرون على المركز الحدودي، طبيب أسنان سوري سابق اسمه محمد فراس وهو رئيس «مجلس الشورى الوطني» الذي يقول إنه يضم عشرة آلاف مقاتل. يقلل من أهمية الجيش الحر ويقول إنه «مجموعة من المجموعات»، ملمحاً إلى صراع مقبل على السلطة. ويضيف: «سنرى بعد سقوط النظام من الأقوى على الميدان ومن يمكنه أن يحكم البلاد». وتابع: «نحن لا نمثل القاعدة في سورية ونقوم بعمليات في إدلب وحمص وحماة وحلب ودمشق. هدفنا هو نشر نمط عيشنا وقتال الجيش». منذ أسابيع عدة تشير وسائل الإعلام الغربية إلى تنامي حضور المقاتلين الإسلاميين. لكن المقاتلين الأجانب قلة كما أن معظم المجموعات المسلحة لا تتشكل من إسلاميين. في المقابل فإن التنافس على أشده بين الإخوان المسلمين والسلفيين. وقال مقاتلون إن سلفيين غاضبين من عدم تلقي سلاح من لواء التوحيد الذي يسيطر عليه الإخوان المسلمون، انسحبوا الأربعاء من معارك حلب وعادوا إلى الشمال. وظهرت رايات تشير إلى «القاعدة» لكن ذلك لا يعني أن الإسلام السياسي هو الأيديولوجية المهيمنة على حركة التمرد. وفي انادان غرب حلب، يقول ضابط كبير منشق إنه «ضد الإسلاميين». وأوضح اللواء عبد الناصر فرزات «لا أريد أن يستولي الإسلاميون على الثورة». في هذه الأثناء يسوي ابنه عصبة سوداء وضعها مثل العديد من المقاتلين المتطرفين على جبينه. ويقول الوالد: «هذا لا علاقة له بالإسلاميين في رأيي». وفي القرى المحيطة بحلب قرب الحدود مع تركيا تتكرر الرموز الإسلامية ذاتها والرايات وإطلاق اللحى والإشارة أحياناً إلى دولة إسلامية جامعة. لكن العقيد جابر العكيدي قائد المجلس العسكري للمتمردين في حلب يقلل من أهمية الأمر ويقول: «هناك ما بين 50 و100 يملكون برنامجاً إسلامياً متشدداً من 4 إلى 5 آلاف ثائر في حلب». ويرى بيتر هارلينغ المحلل لدى مجموعات الأزمات الدولية «انترناشونال كرايسيز غروب» أن «الخطر يراوح من التمرد التقليدي إلى الجماعات الجهادية المتشددة التي تعتمد خطاب ورموز القاعدة». وأضاف أن «المجموعات الجهادية كسبت لجهة حضورها ووزنها ولكنها عسكرياً تقوم بدور ثانوي». واتهم الطبيب عبد القادر محمد من حماة في اتصال معه عبر سكايب النظام بأنه قام ب «كل شيء» حتى تظهر هذه المجموعات المتطرفة داخل حركة التمرد عليه «لأن من مصلحته أن تنمو هذه القوى كونها تثير الخوف في الخارج وفي صفوف الشعب السوري». وقد ظهرت مجموعات مثل النصرة وجند الله التي لم تكن معروفة حتى الآن. واختطف صحافيون هولنديون وبريطانيون لدى متطرفين أجانب قرب الحدود التركية قبل أن يفرج عنهم «الجيش السوري الحر». ونشرت مواقع إسلامية متطرفة عدة نداءات لإسلاميين أجانب للالتحاق بالثورة. ويذكر حسن أبو هنية خبير المجموعات الإسلامية في عمان بأنه «بين 2003 و2006 كان معظم الجهاديين الذين يسافرون إلى العراق لقتال الجنود الأميركيين، يأتون إلى سورية». وهذه المجموعات كانت تديرها لفترة أجهزة الاستخبارات السورية لكنها عادت واستقلت عنها. وأضاف المحلل: «كل الشروط اجتمعت لتتجذر القاعدة والسلفيون في سورية، والنظام فقد قطاعات كاملة من البلاد وطبعاً تتمركز القاعدة حيث لا توجد دولة».