دارت معارك عنيفة في حلب وريفها امس، استخدم فيها الطيران الحربي السوري بحسب شهود، والقنابل الفراغية بحسب معارضين. وقال مقاتلون من المعارضة إن قتالاً شرساً دار في حي صلاح الدين بحلب وهي بوابة جنوبية للمدينة، موضحين إنهم اضطروا للانسحاب من بعض المواقع على الخط الأمامي بسبب القصف الذي حوّل المباني إلى أنقاض. وقال المقاتل المعارض أبو علي لرويترز «انسحب مقاتلو الجيش السوري الحر من أجزاء من صلاح الدين»، مضيفاً أن مقاتلي المعارضة يعيدون تنظيم صفوفهم لشن هجوم مضاد. وقال مقاتل آخر إن 68 شخصاً على الأقل قتلوا في صلاح الدين. وقالت وسائل إعلام حكومية إنه في إطار حملة أوسع نطاقاً للجيش هاجمت قوات النظام مقاتلي المعارضة على جبهات عدة منها حي قرب المطار في جنوب شرقي حلب و مناطق شرقية عدة وبلدة على المشارف الشمالية الغربية لحلب. ورأى مراسلون لرويترز في تل رفعت على بعد 35 كيلومتراً شمالي حلب طائرة تابعة للقوات الجوية السورية تحلق على ارتفاع منخفض وتطلق الصواريخ مما دفع القرويين إلى الفرار مذعورين. وأكد الناطق باسم «الجيش السوري الحر» في الداخل انسحاب الجيش الحر من حي صلاح الدين، في حين أشار مصدر امني في دمشق إلى أن المعركة المقبلة الكبيرة ستكون في حي السكري جنوب شرقي المدينة الذي يسيطر عليه المعارضون. وقال الناطق باسم القيادة المشتركة للجيش الحر في الداخل العقيد قاسم سعد الدين لفرانس برس: «حصل انسحاب للجيش السوري الحر من صلاح الدين»، غير انه أشار إلى أن «الانسحاب تكتيكي». ورد سبب الانسحاب إلى «القصف العنيف والعشوائي ولأن التدمير كان كاملاً». وشدد على أن «الانسحاب يقتصر على صلاح الدين لككنا باقون في مدينة حلب»، موضحاً أن «الجيش الحر لديه خطط عسكرية للمدينة لا استطيع الكشف عنها». وفي هذا السياق، أفاد مصدر امني في دمشق فرانس برس بأن قوات النظام «تتقدم بسرعة من حي صلاح الدين باتجاه سيف الدولة»، مشيراً إلى أن «المعركة الكبيرة المقبلة ستكون في حي السكري (جنوب شرق). ولفت إلى أن الجيش النظامي «استخدم في معركة صلاح الدين 10 بالمئة فقط من التعزيزات التي حشدها في حلب». وكانت مصادر أمنية في دمشق ذكرت أن حشود الجيش السوري في حلب بلغت نحو 20 ألفاً، مقابل ما بين ستة إلى ثمانية آلاف من المقاتلين المعارضين. وأكد قائد كتيبة درع الشهباء في الجيش الحر النقيب حسام أبو محمد لفرانس برس في وقت سابق امس أن الجيش السوري الحر نفذ «انسحاباً تكتيكياً كاملاً» من حي صلاح الدين إلى الشوارع المحيطة بالحي، متهماً الجيش السوري باستخدام «قذائف فراغية» في عمليات القصف. ولفت إلى أن «الحي (صلاح الدين) بات خالياً تماماً من الثوار»، موضحاً أن «الجيش (النظامي) يتقدم داخل الحي». وأضاف أن مقاتلي الجيش الحر «انسحبوا من صلاح الدين إلى الشوارع المحيطة به في سيف الدولة والمشهد» شرق صلاح الدين. وأرجع سبب الانسحاب إلى «القصف المدفعي الهائل الذي استخدمت فيه القنابل الفراغية مستهدفاً المناطق السكنية في الحي من جهة الحمدانية»، حيث «سيطر الجيش النظامي من بعدها على شارع 10 وشارع 15». وقال إن «سحابة بيضاء من الغبار تغطي صلاح الدين نتيجة عنف القصف ... ما أدى إلى تسوية نحو أربعين مبنى بالأرض ومقتل أكثر من 40 مقاتلاً وأعداد كبيرة من المدنيين». وكان قائد كتيبة نور الحق النقيب واصل أيوب أفاد فرانس برس من حلب صباح امس بأن «كتائب الجيش الحر تنفذ انسحاباً تكتيكياً من صلاح الدين وتتراجع إلى جبهه جديدة في حيي سيف الدولة والمشهد (شرق صلاح الدين)». ويشهد صلاح الدين منذ يومين معارك وصفت بأنها «الأعنف» منذ ثلاثة أسابيع حين سيطر مقاتلون معارضون على أحياء من مدينة حلب، حيث تبادل الجيش النظامي والجيش الحر السيطرة على صلاح الدين. وأشارت لجان التنسيق المحلية إلى أن القصف على مدينة حلب فجراً طال «أحياء السكري والأنصاري الشرقي والمشهد وجسر الحج». وذكرت الهيئة العامة للثورة السورية أن «قصفاً مدفعياً يستهدف الأحياء الشرقية من حلب». ولاحت في سماء حلب طائرة تابعة للقوات الجوية السورية بلونها الأصفر وهي تحوم في الأجواء ثم سمع أزيزها بعد أن حلقت على ارتفاع منخفض وظهرت ألسنة اللهب البرتقالية للصواريخ التي أطلقتها على قرية تل رفعت في حلب. وشاهدت مراسلة رويترز الطائرة وهي تقوم باثنتي عشرة دورة على الأقل فوق القرية التي يعيش فيها بضعة آلاف وتقع على بعد 35 كيلومتراً شمالي مدينة حلب. وأطلقت الطائرة صواريخ ونيران رشاشات آلية. وأصيب قرويون بالذعر وحاول البعض الفرار على دراجات نارية فيما كدس آخرون بعض الممتلكات وخبزاً في شاحنات صغيرة. وسمع دوي انفجارات وتصاعد الدخان من بستان للزيتون. وحوصرت شاحنة بين ألسنة اللهب. وقال أبو حسن وهو مقاتل معارض من لواء الفتح إن الطائرات استهدفت قواعد للمعارضة بالمنطقة وأضاف «تم قصف أربع من قواعدنا حتى الآن في تل رفعت وحولها». وأطلق ثلاثة من مقاتلي المعارضة نيران مدفع قديم مضاد للطائرات وبندقية على الطائرة دون جدوى. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن حصيلة قتلى أمس بلغت 68 شخصاً، هم 17 مدنياً بالإضافة إلى خمسة من المقاتلين المعارضين بينهم ثلاثة مقاتلين معارضين خلال الاشتباكات في حي صلاح الدين، بالإضافة إلى مقاتلين اثنين قتلا جراء إصابتهما بقذيفة في بلدة كفركمين بريف حلب. وفاد المرصد بأن «تعزيزات تضم ثلاث دبابات وناقلات جند مدرعة ومئات الجنود وصلت إلى محيط نادي الضباط قرب ساحة سعدالله الجابري» وسط مدينة حلب. وأشار إلى تعرض «أحياء الصاخور والشعار ومساكن هنانو وطريق الباب وصلاح الدين للقصف من قبل القوات النظامية السورية». وفي ريف حلب، ذكر المرصد أن مقاتلين معارضين سيطروا على قسم الشرطة في قرية الحاضر بريف حلب الجنوبي. ولفت المرصد إلى أن أربعة مدنيين قتلوا في مدينة حلب جراء القصف على حيي الإذاعة والمغاير وعمليات القنص في حي بستان القصر بمدينة حلب. وأضاف أن ريف حلب شهد مقتل خمسة مديين في مدينة الباب وبلدة حريتان وقرية كفر حلب. وتوزع باقي القتلى المدنيين بين ثلاثة اثر القصف الذي تعرضت له بلدة نصيب في درعا (جنوب)، بالإضافة إلى مدني في إدلب (شمال غرب). كما ذكر المرصد مقتل مدنيين اثنين في ريف دمشق جراء تواصل القصف على بلدة الزبداني، مشيراً إلى اشتباكات عنيفة بين القوات النظامية ومقاتلين معارضين في بلدة عين ترما وبلدة التل التي تحاول القوات النظامية اقتحامها. وأفاد المرصد بأن اشتباكات وصفت ب «الأعنف» تدور بين القوات النظامية والمقاتلين المعارضين في بلدة كفرنبل في إدلب. وفي حماه(وسط)، نفذت القوات النظامية صباح امس حملة مداهمات واعتقالات في أحياء الأربعين والفيحاء وطريق حلب بمدينة حماه. وتعرضت بلدات النعيمة وأم المياذين وحيط وبصر الحرير وطيبة بريف درعا للقصف من قبل القوات النظامية. وفي مدينة الحسكة (شرق)، قامت القوات النظامية باقتحام حي غويران ورافق ذلك قطع للاتصالات وحملات دهم واعتقالات، بحسب المرصد. وفي حمص، لفتت الهيئة العامة للثورة السورية إلى أن «سحب الدخان وألسنة اللهب تتصاعد من حي جورة الشياح في حمص بسبب احتراق المنازل نتيجة القصف العنيف الذي يتعرض له الحي». وأسفرت أعمال العنف أول من امس عن مقتل 167 شخصاً، هم 95 مدنياً و18 مقاتلاً معارضاً، بالإضافة إلى 54 من القوات النظامية. وشهدت مدينة حلب وحدها مقتل 33 شخصاً هم 24 مدنياً وتسعة من المقاتلين المعارضين، بحسب المرصد.