خسر بنك ستاندرد تشارترد 16 مليار (بليون) دولار من قيمته السوقية صباح اليوم الثلاثاء بعدما هددت هيئة الخدمات المالية في نيويورك بالغاء رخصة البنك للعمل بالولاية وذلك لاخفائه تعاملات مرتبطة بايران قيمتها 250 مليار دولار. وقالت الهيئة أمس الاثنين إن ستاندرد تشارترد "مؤسسة مارقة" وإنه "تواطأ" مع حكومة إيران التي تخضع لعقوبات أميركية بسبب برنامجها النووي وأخفى 60 ألف معاملة ليجني رسوماً بمئات الملايين من الدولارات على مدى عشر سنوات. وبحلول الساعة 11:20 بتوقيت غرينتش هوى سهم البنك الذي يركز على آسيا 23.5 بالمئة إلى 11.25 جنيه استرليني مسجلا أدنى مستوى في ثلاث سنوات. وبذلك ترتفع خسائر أسهم البنك إلى 30 بالمئة منذ ظهرت تلك الأنباء قبيل إغلاق تعاملات الاثنين. وقال مستثمر بإحدى المؤسسات "اللغة المستخدمة مقلقة للغاية. قد يكون الأميركيون يبالغون بالطبع لكن الوضع هنا لا يبدو كذلك." وقالت هيئة الخدمات المالية إن البنك الذي يجري محادثات مع السلطات الأميركية منذ سنوات بشأن المسألة ترك النظام المصرفي الأميركي عرضة لإرهابيين ومهربي مخدرات ودول فاسدة. ووصفت الهيئة التنظيمية في نيويورك كيف جادل البنك بشأن مواصلة التعامل مع ايران. وستاندرد تشارترد أحد أقل البنوك تاثرا بالأزمة المالية بفضل تركزيه على الأسواق الصاعدة ونهجه المتحفظ بشأن رأس المال والسيولة. وفي أكتوبر تشرين الأول 2006 حذر أكبر مسؤول عن انشطة البنك في الامريكتين - والذي لم تذكر الهيئة اسمه - في "رسالة تنم عن الذعر" من أن التعاملات الإيرانية يمكن أن "تلحق أضرارا كارثية بسمعة" البنك وتنطوي على "مسؤولية جنائية خطيرة". ورد مدير تنفيذي في لندن قائلا "من أنتم أيها ... الأميركيون لتطلبوا منا ومن باقي العالم ألا نتعامل مع الايرانيين." وقالت الهيئة إن الرد أظهر "ازدراء واضحا للقواعد التنظيمية المصرفية الأميركية". وقال ستاندرد تشارترد في بيان إن البنك "لا يعتقد أن الأمر الذي أصدرته إدارة الخدمات المالية يعبر عن صورة كاملة ودقيقة للحقائق." وإذا تقرر إلغاء رخصة عمل ستاندرد تشارترد في الولاية فسوف يكون ذلك ضربة مدمرة لبنك أجنبي إذ سيحول دون وصوله المباشر إلى السوق المصرفية الأميركية. وقالت إدارة الخدمات المالية في ولاية نيويورك إن ستاندرد تشارترد يقوم بمباشرة تعاملات بقيمة 190 مليار دولار يوميا لحساب عملاء في العالم. وستاندرد تشارترد ثالث بنك بريطاني يتورط في تحقيقات تجريها سلطات تنفيذ القانون الأميركية. ووافق بنك باركليز على دفع 453 مليون دولار لتسوية تحقيقات أميركية وبريطانية بشأن التلاعب في سعر فائدة قياسي عالمي في يونيو حزيران. وبعد ذلك بشهر أصدرت لجنة بمجلس الشيوخ الأميركي تقريرا وجه انتقادات لاذعة لجهود اتش.اس.إس.سي بشأن الرقابة على المعاملات المشبوهة. وقال البنك إنه أطلع الهيئات الأميركية المختصة على تحليل أظهر أنه "حرص على الإذعان وأذعن إلى حد كبير" للقوانين الأميركية. وذهب ستاندرد تشارترد إلى تقدير أن المعاملات التي لم تلتزم بتلك القوانين تقل قيمتها عن 14 مليون دولار. وقال إن 99.9 بالمئة من المعاملات المرتبطة بإيران امتثلت للقواعد. وقال ستاندرد تشارترد "فوجئت المجموعة بتلقي الأمر من هيئة الخدمات المالية نظرا لاستمرار المناقشات مع الوكالات. نعتزم مناقشة تلك الأمور مع الهيئة ومواجهة موقفهم." ويتعين على البنك المثول أمام الهيئة في 15 أغسطس آب. وقال جاريث هنت محلل المؤسسات المالية لدى كاناكورد جينويتي الذي صنف سهم البنك بتوصية بالشراء "البعض يتبعون الوهم القائل بأن ستاندرد تشارترد أول البنوك المحمية من المخاطر في العالم وهو ليس كذلك. اكتشفنا أن ستاندرد تشارترد معرض للمخاطر مثل كل البنوك." وخفض مايك تريبيت المحلل لدى اوريل تصنيفه للسهم إلى توصية بخفض الوزن في المحفظة الاستثمارية من توصية بالشراء. وقال "يمكنك رسم عدد من السيناريوهات من عاصفة في فنجان إلى كارثة .. لكن من الصعب تبين ذلك حاليا." وستاندرد تشارترد هو سادس بنك أجنبي منذ 2008 يكون محل اتهام بالتورط في معاملات مع بلدان تخضع لعقوبات مثل إيران في تحقيقات قادها مسؤولون اتحاديون وفي ولاية نيويورك. ووافقت أربعة بنوك - هي باركليز ومجموعة كريدي سويس وبنك آي إن جي ولويدز - على غرامات وتسويات تبلغ قيمتها إجمالا 1.8 مليار دولار. ويخضع إتش إس بي سي حاليا للتحقيق من جانب أجهزة تنفيذ القانون الأميركية. وأمرت إدارة الخدمات المالية في نيويورك ستاندرد تشارترد بتوضيح لماذا ينبغي الا يخسر البنك رخصة العمل بالولاية والقدرة على القيام بمعاملات بالدولار. كما امر رئيس الهيئة بنجامين لوسكي البنك باستقدام مستشار خارجي لمراقبة تعاملاته. وقال لوسكي "عمل بنك ستاندرد تشارترد كمؤسسة مارقة." وتحقيق لوسكي غير معتاد لأن التحقيقات في المعاملات المصرفية المرتبطة بإيران كان يقودها بالأساس مكتب المحامي العام في مانهاتن ووزارة العدل.