سكان قرى في جازان ل«عكاظ»: مشاريع «المحلاة» دون المستوى    محافظ الطائف يقف على فرضية الدفاع المدني    الأمير سعود بن نهار يطلق بطولة كأس الطائف للصقور للعام 2025    شات «DeepSeek» الصيني يهز عرش «إنفيديا».. ويقلق التكنولوجيا الأمريكية    قواعد محددة لأزياء رواد المطاعم الفاخرة    نائب وزير الدفاع يرعى تخريج الدفعة 105 من طلبة الكلية الجوية    الصحف الإيطالية: الخيمة السعودية إرث جمع حضارات آلاف السنين    الهلال ينهي تعاقده مع نيمار بالتراضي    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على تباين    أمير القصيم يبارك الوصول ل 5 ملايين شجرة ضمن مبادرة "أرض القصيم خضراء"    عيون «العقيد» على شباك الأهلي    شباك الفتح تقود «الدون» للهدف 920    محرز يسجل رقماً تاريخياً مع الأهلي    العدالة يواجه الفيصلي.. الجبلين يلاقي أحد.. وأبها مع العربي    برعاية خادم الحرمين.. انطلاق أعمال المؤتمر العالمي عن تاريخ الملك عبدالعزيز    مختص في «الموارد» ل «عكاظ»: لا نِسب إلزامية لتقييم الأداء في نظام العمل    مصرع 3 من أباطرة المخدرات في مصر وبحوزتهم 58 كيلوغراماً ب 10 ملايين جنيه    انطلاق مناورات تمرين "رماح النصر 2025" في مركز الحرب الجوي    أمير المدينة المنورة يرعى حفل إطلاق مشروع درب الهجرة النبوية وتجربة «على خُطاه»    أمير المدينة يرعى حفل إطلاق مشروع درب الهجرة النبوية وتجربة "على خطاه"    أجمل رحلات العمر    لغز «كورونا» يعود.. هل خُدع العالم بوباء مصنوع ؟    3 آلاف استفادوا من مركز تمكين المرأة بغرفة الشرقية    603 جولات لضمان الإستثمار الأمثل للمواقع التعدينية    مناقشة وزير تحت قبة «الشورى» !    نائب وزير الدفاع يرعى تخريج كلية الملك فيصل الجوية    " النصر أولوياته متباينة"    في الجولة 17 من دوري" روشن".. ضمك يصعق الاتحاد في الوقت بدل الضائع    في الجولة ال 19 من دوري يلو.. العدالة يواجه الفيصلي.. والجبلين يصطدم ب« أحد»    محافظ الخرج يشيد بجهود «رفادة» الصحية    المخيم الملكي والصورة الأجمل    وسائل "التباعد" الاجتماعي    السلوكيات الخاطئة    مملكة الإنسانية تواصل مساعداتها للشعوب الشقيقة    الإسعاف الجوي بالقصيم يباشر حادث انقلاب مركبة بعنيزة في زمن قياسي    أحفاد أنشتاين في شوارعنا!    منظمة التعاون تدعم صمود الفلسطينيين وترفض التهجير القسري    إطلاق المرحلة الثانية لتوثيق مواقع التراث المغمور بالمياه    رئيسة وزراء إيطاليا تزور منطقة الحِجِر والمعالم التاريخية والأثرية في العُلا    "الدارة" تدشّن فعاليات مختبر التاريخ الوطني    جائزة عادلة وتمكين أطفال السرطان    لوم ليس له معنى !    الدفاتر    ترمب: حظر خدمة المتحولين جنسياً بالجيش.. وإعادة الرافضين للقاح «كوفيد»    "فتح" ترفض تهجير الفلسطينيين    نائب أمير الشرقية يستعرض أنشطة الأمر بالمعروف    أيهما أفضل الشيك الذهبي أم البقاء على رأس العمل؟    المشهد القادم أكثر لطفا !..    المسامحة بلا حدود    اكتشاف علمي جديد لتنظيم السكر وإنقاص الوزن    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالسويدي يُنقذ عشرينياً من تبعات حادث مروري مروع    مكتب وزارة البيئة بالزلفي.. محاضرة عن أضرار المخدرات وسبل الوقاية منها    نائب أمير مكة يستقبل المعزين في وفاة الأمير عبدالعزيز بن مشعل    اكتمال الاستعدادات لبطولة كأس الطائف للصقور للعام 2025 في نسخته الأولى    جامعة أمِّ القُرى تطلق الأسبوع الإعلامي في نسخته الثانية    كيف يعشق الرجال المرأة.. وكيف تأسر المرأة الرجل؟    السعودية باختصار    ولاء بالمحبة والإيلاف!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إفلاس بعض دول منطقة اليورو ضرورة!
نشر في الحياة يوم 08 - 08 - 2012

تواجه دول منطقة اليورو أزمة عاصفة، وقد لا تنجح كلها في البقاء فيها، فتضطر الى الانسحاب. ويرجى ان ينجو اليورو من الأزمة. فهو ركن المشروع الأوروبي الأبرز. وشأن فرنسا، لن تحجم ألمانيا عن خطوات قاسية هي بمثابة تضحيات لإنقاذ منطقة اليورو. ولكن لا تجوز مطالبة باريس برلين بالإقدام على ما لا طاقة لها به، كما يفعل الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند. ويبدو ان ثمة اغفالاً في الخارج، خصوصاً في فرنسا، للأخطار التي تكبدتها كل من باريس وبرلين الى اليوم.
ويقال ان ألمانيا مدينة اخلاقياً لمنطقة اليورو ببذل المبالغ الضخمة، وأنها اكثر من قطف ثمار اليورو. لكن مثل هذا القول يغفل ان ألمانيا سبق لها مواجهة أزمة اليورو الخاصة بها. فالعملة الموحدة بددت الخطر المترتب على صرف العملات وتحويلها من عملة الى أخرى في الدول الشريكة في منطقة اليورو. فنقل الألمان مدخراتهم الى دول اخرى أوروبية. وأجج ذلك معدلات التضخم الألماني. وتضخمت كلفة المعيشة والرواتب والأسعار تضخماً بث الاختلال في التوازن الألماني.
وفي الأعوام السابقة على الأزمة، نزح ثلثا الادخار الألماني الى الخارج، في وقت كان إعمار ألمانيا الشرقية في ذروته وتمس الحاجة الى الاستثمارات الكبيرة. وطوال اعوام طويلة، بلغت معدلات الاستثمار والنمو في المانيا أدنى المستويات في دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية. وهجرة الادخارات أدت الى ارتفاع معدلات البطالة. وفي 2005، تفاقمت البطالة تفاقماً حمل المستشار غيرهارد شرودر على انتهاج اصلاحات اجتماعية أليمة ساهمت في حرمان ملايين الالمان العاطلين من العمل من المساعدات الحكومية. ولم يطل الامر قبل خسارة شرودر الانتخابات في 2005. واليوم ينظر بعين الحسد الى فائض الموازنة المالية الالمانية من غير الوقوف عند السبب: هجرة رؤوس الاموال. فقانون الرأسمالية واضح: إذا انتقلت رؤوس الاموال من البلد «أ» الى البلد «ب»، واجه البلد «أ» الانهيار، وازدهر البلد «ب»، وارتفعت معدلات الاستيراد فيه والعائدات. وفي البلد «أ»، تنخفض الصادرات، وتتجمد قيمة الرواتب وتبقى على حالها، وترتفع معدلات البطالة والصادرات. ولقيت ألمانيا مصير البلد «أ»، في وقت نعمت دول جنوب اوروبا بمصير البلد «ب». لذا، ترفض برلين مشروع جمع الديون الاوروبية وجعلها مشتركة. واليوم يدعى الالمان الى تعويض قسم من خسائر نجمت عن الاصول «السامة» الصادرة عن دول جنوب أوروبا. ولا شك في ان الاقتصاد الالماني نما نمواً مضطرداً في 2010 و2011، إثر عودة مبالغ الادخار الى الداخل، وانتعاش قطاعي البناء والعقارات بعد اعوام من الكساد. والنمو المعتدل طوال عامين لا يعتد به، فهو يأتي بعد عقد من الانكماش.
والحق ان نقد مشروع انقاذ اليورو لا يقصد به الوقوف موقف المتفرج إزاء الازمة. وأولويات الإنقاذ الرامية الى تجاوز أزمات السيولة الموقتة لا تجافي المنطق. لكن تجنب إفلاس دول جنوب أوروبا مهما كان الثمن، خطر. فأوروبا لم تبخل طوال 5 سنوات في ضخ السيولة في اقتصادات منطقة اليورو الأقل تنافسية. ومنذ 2007، دعم المصرف المركزي الأوروبي دول أطراف اوروبا من طريق مبالغ بذلتها دول وسط أوروبا للمساهمة في اعادة تمويل ديون الدول هذه. وسدد المصرف المركزي الألماني 730 بليون يورو من هذه المساعدات. ومنذ أيار (مايو) 2010، اشترى البنك المركزي الاوروبي سندات ديون عامة تفوق قيمتها 200 بليون يورو، ووفر صندوق الانقاذ الداخلي بين الحكومات وصندوق النقد الدولي 400 بليون يورو. وإذا أُضيفت مساهمة صندوق الانقاذ الأوروبي الجديد والمساعدة التي وعد بها صندوق النقد الدولي، بلغت قيمة المساعدات 2200 بليون يورو. وسددت ألمانيا شطراً راجحاً من هذه السيولة. وطلب باراك اوباما من المانيا تحمّل أخطار أضخم في غير محله. فبرلين لم تقف موقف المتفرج إزاء الأزمة. وإذا استنفدت اموال الانقاذ كلها، ولم تسدد اليونان وإرلندا وإيطاليا والبرتغال وإسبانيا الديون المترتبة عليها نتيجة إعلانها الإفلاس، خسرت ألمانيا 771 بليون يورو، أي 30 في المئة من ناتجها المحلي، وفقدت فرنسا 579 بليون يورو، أي 29 في المئة من ناتجها المحلي.
ومشكلات منطقة اليورو لا تذللها مراكمة مزيد من الديون. فمثل هذا التذليل هو صنو مداواة الداء بالداء. فالتضخم في دول جنوب اوروبا غذّاه دفق الديون، فانخفضت قدرة هذه الدول التنافسية. وعلى سبيل المثال، الاسعار اليوم في اليونان أغلى ب60 في المئة من نظيرتها في تركيا. ومثل هذا الفرق لن يُردم من طريق الاصلاحات، وثمة سبيلان الى رفع قدرات دول الجنوب التنافسية من غير تأجيج التضخم في دول وسط منطقة اليورو: أولهما من طريق خروج الدول المصابة بالأزمة من العملة الموحدة وخفض سعر قيمة العملات المحلية، والثاني هو البقاء في منطقة اليورو والتزام عملية طويلة ومؤلمة لخفض الأسعار. والحلان عسيران وأليمان، لكن الحل الثاني هو الأخطر، إذ يفترض تقليص الرواتب تقليصاً كبيراً، وقد يؤدي الى زعزعة الاستقرار السياسي وانزلاق الدول الى شفا الحرب الأهلية. وأولوية الاستقرار الأوروبي ترجئ الى الغد قرارات يفترض ان تتخذ اليوم. والانتظار يفاقم حجم الديون. والخروج الموقت لدول الازمة مستحب. وهو ضرب من علاج وإعادة تأهيل للاقتصادات التي أدمنت على الديون في شكل مزمن.
* خبير اقتصادي بارز في ألمانيا، استاذ اقتصاد ومالية عامة في جامعة ميونيخ، عن «لوموند» الفرنسية، 1/8/2012، اعداد منال نحاس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.