مع دخول شهر رمضان المبارك يحاول كثير من الطلبة السعوديين المبتعثين في الولاياتالمتحدة الأميركية نقل أجواء رمضان الروحانية معهم للتخفيف من معاناة الصيام في بلاد لا تعتاد على هذا المنظر، ولذلك اعتاد هؤلاء الطلبة على إقامة موائد الإفطار في الشهر الفضيل، يعدون فيها الأكلات الرمضانية والقهوة العربية، مستغلين أجواء الشهر في إحياء روحانيته الإيمانية التي يفتقدونها في الغربة بعيداً عن وطنهم وأسرهم. تلك الأجواء كما يروي الطلاب شجعت بعض الأميركيين على مشاركة المبتعثين الصوم وحضور مائدة الإفطار قبل أذان المغرب، كما بدأ بعضهم في المساهمة في إعداد الطعام. يقول طالب الدراسات العليا في ولاية أوهايو محمد الغربي: «لدي أصدقاء من الولاياتالمتحدة الأميركية يصومون معنا مراعين مشاعرنا كمسلمين، مضيفاً أن «أجواء الصوم الرمضانية في الولاياتالمتحدة لا تختلف كثيراً عن السعودية، سوى في فقدان الأهل والأصدقاء». ويعتقد طالب بكالوريوس في ولاية فلوريدا تركي الفالح، أن «بعض الأميركيين في الولاية بدؤوا في الاعتياد على هذا الشهر الكريم، مؤكداً أن بعض الأساتذة يتعاونون معهم، تقديراً لظروف الصوم، بشرط أن نعوض المواد الدراسية بعد رمضان. وتابع: «بعض الأميركيين يصومون معنا على أساس مبدأ الصحة الجسمية، فالعائلة التي أقطن لديها متحمسون للصيام، ففي النهار لا يأكلون شيئاً باستثناء شرب الماء، وقبل الأذان يجهزون مائدة من الأطعمة الصحية قليلة الدسم والألياف حتى يستفيدوا من الصيام صحياً». من جهته، قال الطالب محمد يوسف الذي يعيش في ولاية مينيسوتا: «سفرة الإفطار لا تكاد تخلو يومياً من بعض الأجانب، ويستمتعون بما نجهز من فطائر وأكلات رمضانية، وغالبيتهم تجذبهم القهوة والتمر والسبموسة». وزاد: «نشاهد علامات الانبهار في وجوههم حينما نقول لهم بأننا جهزنا المائدة بأنفسنا، وحينما يصعب علينا شيء نتصل على أمهاتنا أو أخواتنا ليساعدونا في وصف المقادير أو طرق التحضير». لكن ذلك لا ينفي مصاعب يعانيها طلاب سعوديون في دول أخرى، مثل طالب ماجستير في كلية القانون في إحدى الجامعات البريطانية الحارث السحيباني، الذي أكد ل «الحياة» أن «تجربة العيش خارج بيئة الإنسان المألوفة أمر ليس بالهين ولا باليسير على كل أحد، فكيف بشهر له رونقه وروحانيته الخاصة التي يستمدها من حشود المؤمنين». وقال: «في المنطقة التي أسكنها عموماً لا أحد يعبأ بك، خصوصاً في الأماكن العامة، أما في الدائرة الضيقة في الجامعة والمكتبة فأرى نظرة تقدير واحترام عميقتين»، وأضاف: «ما رأيته من أساتذتي هو بالغ الحرص على ألا نتأثر ولا يرتبك تحصيلنا الدراسي خلال رمضان، فتقل المتطلبات الدراسية أحياناً وترحّل أحياناً أخرى لعطلة نهاية الأسبوع، أما الاختبارات فأذكر أول تجربة اختبار في رمضان كانت تقدم الاختبارات لجميع الطلبة لأول الدوام مراعاة للصائمين». وأضاف أن التجمعات الإسلامية تكثر في بريطانيا، ولا تقتصر أنشطتها وتفاعلاتها على رمضان فقط بل كل العام، إلا أنها تكتسب ميزة إضافية في رمضان، إذ تأتي العائلة المسلمة كل يوم للإفطار والصلاة، لافتاً إلى أن المراكز الإسلامية تشهد تفاعلاً من عوائل المبتعثين بشكل واضح، في حين يكتفي كثير من الشباب العزاب بالالتقاء بمفردهم للإفطار والصلاة في مساكنهم أو في الأماكن العامة.