هبط المسبار العلمي «كوريوسيتي»، غير المأهول، على المريخ بنجاح وبدأ يرسل الصور الى الارض، بعد 8 سنوات تقريباً من بدء برنامج وكالة الفضاء الأميركية «ناسا» لاكتشاف الكوكب الثاني الاصغر في المنظومة الشمسية. وبدا أمس ان الولاياتالمتحدة احتلت «الكوكب الاحمر» بعد حوالى 40 عاماً من «احتلال» القمر في 21 تموز (يوليو) 1969. وعند الخامسة صباحاً، بتوقيت غرينيتش، اعلنت الوكالة «ان المسبار كوريوزيتي، ووزنه طن واحد، هبط في المكان المخصص له بعد رحلة استغرقت قرابة عامين ورحلة قطع فيها مسافة 570 مليون كلم». وبعد اقل من دقيقتين تلقى مختبر مركز الفضاء للمتابعة في باسادينا في كاليفورنيا رسالة نصية جاء فيها «هبطت بسلام وأنا الآن في موقعي». وبعد 13 دقيقة ارسل المسبار الصورة الاولى عبر القمر الاصطناعي «أوديسي» الذي يدور حول المريخ، وفور وصول الصورة سارع العاملون في المركز الى الاحتفال بالصياح، كما يفعل حضور مسابقات الاولمبياد عند فوز اي متسابق، ما استدعى مدير المركز العالم تشارلز عشي (اللبناني الاصل) الى طلب الهدوء قبل ان يُعلن تحقيق الهدف. يشار الى ان العشي (65 عاماً) نال بكالوريوس في العلوم من جامعة غرونوبل الفرنسية ثم بكالوريوس علوم من معهد كاليفونيا للتكنولوجيا وعين في العام 2001 مديراً لمركز الفع في باسادينا. وهو عضو في مجلس المستشارين لجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية. وفور هبوط المسبار، اتصل الرئيس باراك أوباما بالمركز مهنئاً. وقال: «إنها خطوة هائلة الى الأمام في استكشاف الكوكب، لم يقم أحد قط بشيء من هذا القبيل... كان أداء رائعاً انه انجاز سنفخر به على الدوام». وظل المسبار الآلي يجوب الفضاء نحو ثمانية شهور قبل دخول الغلاف الجوي للمريخ بسرعة 20921 كيلومتراً في الساعة، أي بسرعة تزيد على سرعة الصوت 17 مرة، قبل بدء الهبوط. وقال الين تشين نائب رئيس فريق الهبوط: «لا يمكنني أن أصدق هذا، هذا أمر لا يصدق». واستخدم «كوريوسيتي» المحاط بغلاف خارجي لحمايته نظاماً آلياً هو الأول من نوعه لدخول الغلاف الجوي للحد من سرعته بصورة كبيرة قبل الهبوط. وهبط المسبار في منطقة يُطلق عليها اسم «فوهة جيل»، وتقع قرب خط الاستواء للكوكب في النصف الجنوبي منه. وسيمضي كوريوسيتي عامين في استكشاف الفوهة وجبل ارتفاعه خمسة كيلومترات يتكون مما يبدو أنها ترسيبات منبثقة من جوف الفوهة. ومشروع «كيوريوسيتي» الذي يكلف 2.5 بليون دولار، ويطلق عليه رسمياً المختبر العلمي للمريخ، هو أول مهمة تتعلق بوجود حياة في الفضاء تقوم بها «ناسا» منذ مهام سفن الفضاء «فايكينغ» في السبعينات. ويمثل هبوط المسبار على سطح الكوكب انتصاراً كبيراً وعلامة بارزة ل»ناسا» التي تعاني من خفض في الموازنة، وتوقف برنامج المكوك الذي استمر 30 عاما. وتعتزم «ناسا» إخضاع المسبار ومعداته المعقدة، الذي وصف بأنه أول مختبر علمي متنقل كامل يرسل الى العالم الخارجي، لعمليات صيانة هندسية تستغرق أسابيع قبل بدء المهمة التي تستغرق عامين. والمسبار الذي انطلق من قاعدة كيب كنافيرال في فلوريدا في 26 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي مزود مجموعة من المعدات المتقدمة القادرة على تحليل عينات التربة والصخور والغلاف الجوي على الفور وإرسال النتائج إلى الأرض.