على نغمات تطرب السامعين، تتنقل المطربة الشابة فيرا وفرقتها الموسيقية بين أغاني الماضي والحاضر، وهي تغني بجميع اللهجات العربية لأشهر المطربين العراقيين والعرب، فضلاً عن غنائها باللغات الإنكليزية والفارسية والسريانية، والأخيرة لغتها الأم. حين فكرت الشابة المرِحة فيرا أن تدخل عالم الغناء، لم تواجه صعوبات كبيرة لجهة تفهُّم عائلتها وزوجها موهبتها، وتشجيعهم لها على دخول هذا المجال الذي تخشى كثيرات الخوض فيه، بسبب التقاليد السائدة في مجتمع محافظ مثل المجتمع العراقي لا ينتج الكثير من الأصوات النسائية. تقول فيرا وهي تبتسم: «بدأت الغناء في المطبخ، وكان أفراد عائلتي يحبون الاستماع إلى صوتي، فشجعوني على دخول المجال وسجلت بالفعل أول ألبوم غنائي باللغة السريانية». عائلتها المكونة من فتاتين وصبيين وزوجها لم تتردد يوماً في دعمها، وتقول: «هم دائما يطالبونني بالغناء لهم في البيت، ويحبون سماع الكثير من الأغاني بصوتي». وعلى رغم قلة الدعم لأصوات مثل صوتها المائل دوماً إلى التراث والأغنيات الخالدة، ما زالت متمسكة بالألوان الأصيلة، إذ إنها تغني لأشهر مطربي العراق والمطربين العرب، ولها مستمعون بين الشباب وغيرهم. وبات محبو الموسيقى والطرب على موعد أسبوعي مع فيرا في أحد مطاعم مدينة السليمانية، حيث تشدو أكثر من ساعتين تمران وكأنهما دقائق معدودة. وتقول فيرا: «أغنّي باللهجات المصرية واللبنانية والمغربية وجميع اللهجات العربية الأخرى، وأحفظ الأغاني بشكل جيد، حتى أنني لا أواجه صعوبة في تلبية طلبات المستمعين لأي أغنية يريدون سماعها». وترى فيرا أن العراق «يعاني ازمة حقيقية في مجال الغناء، بسبب عدم توافر اللحن الجيد والصوت الجيد والأداء الجميل في المطرب ذاته، إذ إن غالبية المطربين الشباب يملكون واحداً او اثنين من هذه المعايير». بلادها التي تعاني أزمة في الأصوات النسائية وتقاليد مجتمعها القاسية، لم تقف عائقاً أمامها، وتقول ضاحكة: «لماذا أتراجع، فنصف الكرة الأرضية اليوم مطربون ونصفهم الآخر مستمعون، والجيد سيأخذ فرصته يوماً». فرقة فيرا مؤلفة من ثلاثة شباب من هواة الموسيقى. يقول وليد، الذي يمثل مايسترو الفرقة: «جميعنا نحب الفن، ونعمل في مجالات أخرى، بعضها مرادف له وبعضها الآخر بعيد كل البعد عنه، ولكننا نجتمع في النهاية هنا كل مساء لنعزف ونغني». وليد يعمل في إحدى الفضائيات المحلية في مدينة السليمانية ليكسب قوته ويتمكن من ممارسة هوايته المموسيقية. ويقول: «في البداية كنا نواجه صعوبة في الانسجام مع فيرا ولكننا تجاوزنا هذا الأمر بمرور الوقت ووصلنا إلى درجة كبيرة من التوافق معها أثناء العزف». أما نوّار، فيعمل مدرساً للموسيقى، ويجد في عمله متعة كبيرة، لا سيما أن هوايته في العزف صقلتها دراسته الأكاديمية التي جعلت منه لاحقاً مدرساً للموسيقى وليس عازفاً فحسب. آرتين هو اصغر الشباب سناً في الفرقة وأكثرهم خجلاً، لا يتحدث كثيراً لكنه يكتفي بالإيماء بالموافقة على حديث زملائه.