طلب الرئيس المصري محمد مرسي منح الحكومة الجديدة التي عينها برئاسة هشام قنديل فرصة لحل المشاكل التي يعاني منها المصريون، فيما انتقد حلفاء له وخصومه التشكيل الوزاري لضمه عدداً من بيروقراطيي نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك وأعضاء في الحزب الوطني المنحل، وأيضاً بسبب ضمها وزراء من جماعة «الإخوان المسلمين» دون سواها. واضطر مرسي إلى أن ينتقل بمروحية من محافظة قنا حيث أدَّى صلاة الجمعة إلى محافظة الأقصر لزيارة بعض المناطق السياحية ولقاء القيادات التنفيذية والشعبية هناك، بسبب قطع أهالي قنا الطريق البرية وقضبان السكك الحديد احتجاجاً على الانقطاعات المتكررة للكهرباء والمياه لساعات طويلة عن قرى ومدن بأكملها، وهو ما بات سمة غالبية مناطق البلاد. وأقرَّ الرئيس في كلمة ألقاها عقب صلاة الجمعة ب «الخلل» الحادث في خدمات الكهرباء والمياه المنقطعة بصفة شبه دائمة عن بعض المناطق. واعتذر قائلاً انه يواصل الليل بالنهار من أجل الانتهاء من هذه المشكلة الطارئة. ودعا إلى منح الحكومة الجديدة «الفرصة الكاملة من أجل العمل على تحقيق مطالب وطموحات الشعب المصري وأهداف الثورة». وكان قنديل عقد اجتماعاً عاجلاً أمس مع وزراء في حكومته لدراسة التكليفات الواردة في خطاب الرئيس للحكومة «وبدء تنفيذها وتأطيرها في برنامج واضح يُترجم إلى برامج وخطط عمل تنفيذية تلتزم بها الحكومة وتحاسب عليها»، بحسب بيان لمجلس الوزراء أوضح أن خطاب الرئيس يتضمن «البرامج التي تتصدى للمشكلات اليومية للمواطنين، والبرامج والخطط المستقبلية التي يتم تنفيذها على المدى المتوسط والبعيد». وأشار قنديل إلى أنه سيعقد اجتماعات لمجموعات عمل تتصدى للأمور العاجلة كالأمن والنظافة والمرور والوقود. وكان مرسي سلم قنديل خطاب التكليف خلال اجتماع ترأسه لمجلس الوزراء أول من أمس. وأوضح مرسي خلال الاجتماع أن «أهم الحاجات في الفترة الحالية هي تحقيق الأمن والاستقرار في الشارع، وضبط قواعد المرور وتوفير رغيف الخبز بجودة جيدة وتوفير كل حاجات الوقود للمواطن وإبراز الوجه الحضاري للشارع المصري في النظافة والانضباط ودعم البنية الأساسية للمرافق من المياه والكهرباء والصرف الصحي». وأكد للوزراء أنه سيتابع بنفسه مؤشرات أداء الحكومة «لأن الشعب المصري يعلق آمالاً كبيرة عليها وينتظر منها تحقيق الكثير من طموحاته». وطلب «التخلي عن لغة الصدام والتخوين». ونالت الحكومة الجديدة قدراً كبيراً من الانتقاد حتى من حلفاء الرئيس. وقال حزب «النور» السلفي في بيان إنه «يرى أنه كان من الأوفق مشاركة جميع القوى السياسية في إدارة المرحلة الحالية، ضماناً للالتحام الوطني في النهوض بالبلاد من كبوتها وعلاج الأزمات المزمنة». وذكّر بأن «جميع القوى الوطنية ساهمت بصدق في إنجاح مرشح الثورة لانتخابات الرئاسة، وتم الاتفاق على التكاتف والتشارك في تحمل المسؤولية وإدارة مؤسسات الدولة بعيداً من أساليب الإقصاء والتهميش التي كان يمارسها النظام البائد». وأوضح أن «قيادات الحزب فوجئت بعد خطاب تنصيب الرئيس بالانقطاع الكامل عن عملية التفاهم والتواصل سواء مع مؤسسة الرئاسة، أو مع حزب الحرية والعدالة، إذ تم التجاهل التام لأي تنسيق أو مبادرة تشاور، أو مجرد استطلاع الرأي أو محاولة التعرف على الكفاءات العلمية والفنية والإدارية لحزب النور والقوى السياسية كافة ما سيؤثر سلباً على مجريات الأمور». وفي ما بدا عرضاً للتحالف ضد «الإخوان»، قال الحزب في بيانه إنه «يعلن بوضوح أنه يمد يديه إلى القوى الوطنية كافة للتنسيق والتعاون لتكوين جبهة موحدة لمواجهة المستجدات على الساحة». وانتقدت «حركة 6 أبريل» في بيان تشكيل الحكومة الجديدة. وقالت عضو المكتب السياسي في الحركة إنجي حمدي في بيان إن الحكومة الجديدة «استمرار لعدم تنفيذ الرئيس لوعوده ومنها تشكيل حكومة تكنوقراط يغلب عليها أصحاب الكفاءات وتمثيل المرأة والشباب والأقباط تمثيلاً حقيقياً، لكنه أخلف وعده وغاب عن التشكيل الوزاري تمثيل المرأة والأقباط والشباب في شكل قوي». ولم تضم الحكومة الجديدة سوى امرأتين هما وزيرة البحث العلمي نادية زخاري ووزيرة التأمينات نادية خليل. ولم تضم أقباطاً باستثناء زخاري كما غاب عنها شباب القوى الثورية تماماً. وأضافت حمدي أن «من حق مرسي أن يختار حكومته كي يتحمل مسؤولية اختياره عندما يتم محاسبته على أفعالهم. ولكن من حق المواطن أن يعلم ما هي معايير الاختيار». وتساءلت: «لماذا تم تعيين (رئيس الوزراء السابق) كمال الجنزوري مستشاراً للرئيس وتكريمه في وقت صرَّح مرسي بأن حكومة الجنزوري فاشلة ولابد من رحيلها؟ أين التشاور مع القوى الوطنية والشفافية والوضوح التي وعد بها الرئيس شعبه؟». وأضافت: «نعلم أن المجلس العسكري يمارس ضغطاً في اختيار الوزراء والإبقاء على الجنزوري ولكن على الرئيس مصارحة شعبه لأننا سنحاسب الرئيس المنتخب إذا تقاعس عن دوره». وأشارت إلى أن «ثورة 25 يناير لم تقم ضد الرئيس المخلوع حسني مبارك وإنما قامت ضد نظام مبارك وفكر مبارك، فلماذا يبقي أول تشكيل وزاري لرئيس منتخب بعد قيام الثورة على فكر مبارك ويحتفظ بوزراء ممن يحملون هذا الفكر؟». وأضافت:»لابد من أن يعلم الرئيس أن الكثير من المصريين قاموا باختياره في جولة الإعادة فقط لإسقاط الفلول. فلماذا يأتي بالفلول في حكومته الجديدة؟». وتساءلت: «لماذا الاحتفاظ بوزير المال ممتاز السعيد رجل وزير المال السابق يوسف بطرس غالي، ما سبب اختيار أحمد جمال الدين لوزارة الداخلية وهو مساعد وزير الداخلية في أحداث محمد محمود ومجلس الوزراء والعباسية وبورسعيد؟ هل هذا تكريم المصابين والشهداء؟ لماذا الإبقاء على وزارة الإعلام؟ بدل تطهير هذا الجهاز وتطويره والدفع نحو إعلام حر مستقل لا يعبر عن حاكم أو سلطة أو حزب، يأتي (الرئيس) بعضو في جماعة الإخوان المسلمين (صلاح عبدالمقصود) وزيراً للإعلام. ما أسباب الإبقاء على وزراء المال والخارجية والإنتاج الحربي والدفاع؟». وحذر من «عواقب وخيمة إذا استمر هذا المسار الذي لا يرضي شباب الثورة ولا يفي بوعوده (مرسي) ولا يدل على الشراكة الحقيقية لجميع أبناء الوطن». وقال الناطق باسم حزب «المصريين الأحرار» أحمد خيري في مدونته على موقع «تويتر» إن وزير الإعلام الجديد «نموذج الإخواني المطيع، وهو اختيار شاطري بالدرجة الأولى»، في إشارة إلى نائب مرشد الجماعة خيرت الشاطر. وانتقد عضو «الجبهة الوطنية» التي تحالفت مع مرسي قبل إعلان فوزه حمدي قنديل تشكيل الحكومة. وتساءل في مدونته على موقع «تويتر»: «كيف يمكن الدفاع عن حكومة من 35 وزيراً ليس بينهم سوى امرأتين، ووزارة واحدة أعطيت لمسيحية، وكيف يمكن الدفاع عن حكومة ليس فيها أحد من شباب الثورة؟». وأضاف: «كيف يمكن الدفاع عن حكومة ليس فيها من الوجوه التي مهدت للثورة سوى وزير واحد هو وزير العدل أحمد مكي؟ وكيف يمكن الدفاع عن حكومة لا يزال فيها وزير للإعلام؟».