«العشوائية حسنة». هو اقتناع الكاتب ستيف بوغان الآن، بعد صدور كتابه الجديد «اتبع المال» الذي اختارته هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» ليكون «كتاب الأسبوع». لم يكتب ستيف رواية، بل أمضى شهراً كاملاً يتنقل بين الولايات الأميركية، ملاحقاً ورقة نقدية من فئة ال10 دولارات، تحمل الرقم IA74407937A، ووثّق رحلته. كتب عن أماكن زارها بفضل الدولارات العشرة، وعن أشخاص التقاهم وساعدوه في رحلته واستقبلوه في منازلهم. وبهذه النبذة، يعرّف موقع «أمازون» الإلكتروني للكتب بعمل ستيف بوغان، الصحافي الذي عمل في صحف بريطانية مرموقة مثل «الإنبندنت» و«الغارديان» و»التايمز»: «ماذا تفعل إن أردت الولوج تحت جلد بلادٍ ما، لتفهم ناسها وتشعر بنبضها؟ قد تمشي في ركب السياح، أو لعلّك تأخذ بنصيحة «ديب ثروت» - المصدر الذي اعتمده الصحافي بوب وودوارد لكشف فضيحة «ووترغيت» - عندما قال: «اتبع المال». وهذا بالضبط ما فعله ستيف بوغان. دفع ورقة ال10 دولارات مرة، وراح يلاحقها من جيب إلى جيب، في رحلة ملحمية استمرت شهراً، وطوى خلالها مسافة 5300 كيلومتر، متسلّحاً فقط بحسّ الدعابة وحقيبة صغيرة اتسخت كل الملابس التي حوتها. شارك بوغان مزارعي كنساس حصادهم، وتتبّع موظفة تلاحق المدينين المتعسرين في كولورادو، وفقد السيطرة مع فرقة «بلوز» في أركنساس، واسترخى في قصر لاعب كرة قدم في سانت لويس... هكذا، دخل بوغان حيوات أشخاص عاديين واستثنائيين، تنقلت الورقة النقدية بين أيديهم، كالإرساليين في كولورادو، والمصرفيّ في شيكاغو، وصيادي الغزلان في ديترويت، لينتهي بلوحة فوضوية، عاطفية ومضحكة، لأميركا المعاصرة التي قلما يتعرّف إليها السياح». استحوذ هذا الكتاب على مخيلات القراء. وإلى جانب تنويه «بي بي سي» بالكتاب، أهدته مجلة «تايم آوت» خمس نجوم هذا الأسبوع. والتقت صحيفة «إيست لندن لاينز» أخيراً ستيف بوغان، فسألته عما دفعه لملاحقة ورقة نقدية، فعاد بالحديث إلى العام 2006، عندما اتصلت به «الغارديان» ليقترح عليه محررها أن يلاحق ورقة نقدية من فئة ال 10 جنيهات استرلينية: «في البداية، كنت سأرفض وأنهي المكالمة، لكنني فكرتُ قليلاً، وأدركتُ أنّ ذلك قد يكون ممكناً. فرحتُ أبحث عن طريقة للقيام بالرحلة، وأمضيتُ سبعة أيام وسبع ليال رائعة، تسليتُ كثيراً... وقبل أن ينتهي الأمر قرّرت القيام بشيء أكبر وأفضل. فكّرت بالذهاب إلى أميركا مع ورقة نقدية مشابهة ألاحقها شهراً... وبعد أربع سنوات، استقللت طائرة إلى هناك». ويخبر ستيف إنه كان يبادر أحدهم مثلاً بأن «اسمع، أعرف أنّ الأمر سيبدو غريباً، لكنني آتٍ من إنكلترا، ألاحق هذه الورقة النقدية، هل تمانع إن تبعتك؟... توقّعتُ أن يكون الرد: أغرب عن وجهي، إلا أن الناس قبلوا، بل عرض عليّ بعضهم المكوث في منزله». ولفت ستيف، في المقابلة مع «إيست لندن لاينز»، إلى أنه تعلّم أشياء كثيرة، «فقد كانت هذه المرة الأولى التي أخرج فيها من الطرق السريعة التي تصل الولايات بعضها ببعض، لأرى القرى الأميركية الصغيرة أو أميركا الحقيقية. أدركتُ أنّ آراءنا في أميركا ترتكز على أمرين: إما هوليوود وهذه لا تمثّل الحياة الحقيقية، أو السياسة الأميركية الخارجية التي لا توافق عليها غالبية الأميركيين لأنها لا تعبّر عن طبيعتهم». ويضيف في وصف ما تعلّم: «اكتشفتُ كم كنتُ مشتاقاً إلى اختبار السفر العشوائي، إلى الشعور بأني لا أعرف أين سأكون في اليوم التالي... أنصح الجميع بتجربة العشوائية في سفرهم، لأنهم حينئذ سيعيشون أفضل المغامرات وسيتسلّون كثيراً. فالعشوائية أمر جيّد!».