في ثاني عملية سطو من نوعها خلال اسبوع في العاصمة العراقية اقتحمت مجموعة مسلحة فرع مصرف الرافدين في منطقة الكرادة في قلب بغداد واستولت على 8 بلايين ونصف بليون دينار (نحو 6 ملايين دولار) من دون خلع او كسر، ولاذت بالفرار بعدما قتلت ثمانية من الحراس. وتعتبر الكرادة ثاني اهم منطقة امنية في بغداد بعد «المنطقة الخضراء»، وتتميز بانتشار أمني مكثف من جانب قوات الشرطة والجيش، وتحرسها ألوية تابعة للرئاسة العراقية بسبب وجود منازل عدد من كبار المسؤولين فيها، فيما دعا نواب الى تشكيل غرفة عمليات مشتركة لتدارك الثغرات الأمنية. وأبلغ مصدر امني الصحافيين امس ان «مسلحين مجهولين اقتحموا فجر الثلثاء فرعاً تابعاً لمصرف الرافدين في منطقة الزوية وسط حي الكرادة في بغداد وسرقوا 4 بلايين ونصف بليون دينار عراقي بعدما قتلوا 8 من حراس المصرف، وتمكنوا من فك ابواب الخزنة العملاقة بواسطة آلة قص وسرقة الاموال». وعثرت الشرطة فجر أمس على جثث الحراس في احدى غرف القبو، ونقلت الى مستشفى ابن النفيس قبل تسليمها الى ذويهم، وكان سبعة منهم يرتدون ملابس داخلية، وواحد يرتدي زي الشرطة. واضاف المصدر «عثرنا على 8 حراس مقتولين بالرصاص بعد ان وثقت اياديهم وكممت افواههم». وتابع ان «الحراس قتلوا باطلاق النار على رؤوسهم من الخلف، اي بطريقة الاعدام، كما وضع الجناة مخدة في فوهة السلاح الرشاش بغية كتم الصوت». واضاف المصدر ان «قوات الامن والشرطة طوّقت المكان واغلقت جميع مداخل الكرادة ومخارجها لتفتيش كل السيارات». وابدت مصادر امنية «استغرابها حيال كيفية دخول المصرف من دون كسر او خلع للابواب او النوافذ مع ان التعليمات واضحة جدا بعدم فتح الابواب لأي كان خلال اوقات الليل». وقال مسؤول امني ان العملية «نفذتها عناصر ارهابية فقدت التمويل الخارجي لعملياتها فبدأت البحث عن مصادر تمويل داخلية ضمنها سرقة المصارف». من جهته، قال احد موظفي المصرف ان «المبلغ المسروق لا يقل عن 4.5 بليون دينار عراقي (حوالى 3.8 ملايين دولار)». واضاف ان «المبالغ التي وصلت ظهر الاثنين كرواتب لعناصر الشرطة والموظفين في وزارة الداخلية كانت قيمتها 5.6 بليون دينار لكن اللصوص تركوا في الخزنة بليوناً ومئة مليون من الفئات الصغيرة». واكد ان «اللصوص دخلوا المصرف من دون تحطيم الابواب والنوافذ». وتجمع موظفو المصرف، وغالبيتهم من النساء امام المبنى، وبدأ بعضهم بالصراخ والبكاء لدى نقل جثث الحراس. وصاحت احداهن، «الله اكبر على المجرمين، لم ار جريمة بهذه البشاعة، صارت السرقات مثل الافلام الاجنبية، يسرقون المصارف ويقتلون ويختفون». فيما قالت اخرى، «اتمنى ان يشنق المجرمون ويعلقون هنا على باب المصرف ليكونوا عبرة لكل من يفكر بالسرقة والقتل». وقال مدير عام مصرف الرافدين عبد الحسين الياسري ل «الحياة»ان «المصرف سيفتح تحقيقاً في الحادث» ممتنعاً عن اعطاء المزيد من التفاصيل، فيما القت اللجنة الامنية في البرلمان العراقي باللوم على الاجهزة الامنية في وقوع حوادث السطو في الاسابيع الثلاثة الماضية. ولفت عضو لجنة الامن والدفاع في البرلمان وليد شركة في اتصال مع «الحياة» الى «ثغرات امنية كبيرة في بغداد لاحظتها لجنة الامن والدفاع بعد انسحاب القوات الاميركية من المدن وطالبت اللجنة الحكومة بإنشاء غرفة عمليات مشتركة بين اجهزة الاستخبارات ووزارتي الدفاع والداخلية والامن الوطني». واوضح ان «ضعف الاجهزة الامنية يعود الى عدم وجود تنسيق بينها وعمل كل جهاز بشكل منفرد الامر الذي سهل وقوع حوادث السطو في الاسابيع الاخيرة» . وعن خلفية عصابات السطو قال «لا نستطيع ارجاعها الى جهة معينة. فهناك بقايا الميليشيات، وهناك تدخلات خارجية اقليمية، وحدودنا مفتوحة، فضلاً عن الصراعات السياسية بين الاحزاب مع اقتراب الانتخابات النيابية». وهذه هي ثالث عملية سطو من نوعها منذ انسحاب القوات الاميركية من المدن في 30 حزيران (يونيو) الماضي، حيث تعرضت شركة «النبال» للصيرفة في شارع الصناعة في بغداد الى هجوم الأحد الماضي من جانب مسلحين بواسطة اسلحة كاتمة للصوت، أسفر عن مقتل ثلاثة اشخاص واصابة خمسة. وسبق هذه العملية سطو مسلح على معمل طابوق المعامل جنوب بغداد وسرقة 70 مليون دينار عراقي من جانب مسلحين مجهولين. يذكر ان منطقة الكرادة تتميز بانتشار أمني مكثف من جانب قوات الشرطة والجيش، وتحرسها الوية تابعة للرئاسة العراقية بسبب وجود منازل عدد من كبار المسؤولين فيها. وتكشف هذه العمليات وجود ثغرات امنية في المنطقة على الرغم من الانتشار الواسع لنقاط التفتيش والتي يصل عددها الى 40 نقطة، اذ تفصل بين نقطة وأخرى اقل من 200 متر وفق تصريحات القادة الأمنيين الذين يعدون الكرادة ثاني اهم منطقة امنية في بغداد بعد «المنطقة الخضراء».