تؤدي الحكومة المصرية الجديدة برئاسة هشام قنديل اليمين اليوم أمام الرئيس محمد مرسي قبل أن يترأس الأخير أول اجتماع للحكومة لمناقشة تكليفاته لها. وأظهر تشكيل الحكومة أن للمجلس العسكري اليد الطولى في اختيار المكلفين بتولي الوزارات السيادية، إذ احتفظ وزيرا الخارجية محمد كامل عمرو والمال ممتاز السعيد بحقيبتيهما، فيما اختير مساعد وزير الداخلية للأمن العام اللواء أحمد جمال الدين وزيراً للداخلية، وهو تولى قبل الثورة مديرية أمن أسيوط وسيناء، كما انه ابن شقيق القيادي البارز في الحزب الوطني المنحل عبدالأحد جمال الدين. ولم يحسم قنديل، حتى قبل أداء الوزراء اليمين بساعات، مصير حقيبتي العدل والإعلام، اللتين أثارتا جدل،اً لقرب وزيري العدل القاضي عادل عبدالحميد والإعلام اللواء أحمد أنيس من المجلس العسكري، كما أنهما خاضا معارك ضد جماعة «الإخوان المسلمين» والرئيس مرسي، كان آخرها دعوى قضائية حرَّكها مرشد «الإخوان» محمد بديع ضد أنيس. واستمر عدد من وزراء حكومة تسيير الأعمال التي يقودها كمال الجنزوري في الحكومة الجديدة. لكن لم تضم الوزارة أياً من وزراء عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك إلا وزير الدفاع المشير حسين طنطاوي، وإن لم تمثل قطيعة تامة مع النظام السابق، إذ شهدت تصعيد مسؤولين كبار في نظام مبارك لتولي حقائب وزارية. ولوحظ أن قنديل نأى بنفسه عن لعبة المحاصصة السياسية وفضل توزير تكنوقراط ليسوا محسوبين على أي تيار سياسي، خصوصاً في الوزارات السياسية. ولم يستثن من تلك القاعدة سوى ثلاثة وزراء محسوبين على جماعة «الإخوان» وقريبين من نائب مرشدها العام خيرت الشاطر، هم وزير الشباب أسامة ياسين والإسكان طارق وفيق والتعليم العالي مصطفى مسعد، والأخيران لهما باع في إعداد «مشروع النهضة»، وهو البرنامج الانتخابي لمرسي، وكذلك عضو الهيئة العليا في حزب «الوسط» عميد كلية الحقوق في جامعة الزقازيق محمد محسوب، الذي عُين وزيراً للشؤون القانونية والمجالس النيابية. وخرج السلفيون من الحكومة الجديدة خالي الوفاض، حتى أن القطب السلفي محمد يسري استُبعد من وزارة الأوقاف بعد أن كان قريباً من توليها إثر ما تردد عن اعتراض مشيخة الأزهر على هذا الاختيار واللجوء إلى المجلس العسكري لتغييره، كي لا يسيطر السلفيون على منابر المساجد. وأُعلن تولي رئيس جامعة الأزهر أسامة العبد حقيبة الأوقاف. ودفع ذلك التجاهل حزب «النور» السلفي إلى عقد اجتماع عاجل قرر خلاله مقاطعة الحكومة الجديدة، وفق الناطق باسمه يسري حماد. وقال حماد ل «الحياة»، إن الحزب قرر أيضاً سحب مرشحيه المحتملين للحقائب الوزارية وعدم المشاركة في هذه الحكومة بسبب «عدم منطقية» الاختيارات. أما «الجماعة الإسلامية»، ففضلت إمهال الحكومة فرصة قبل الحكم على أدائها، وقال الناطق باسمها محمد حسان ل «الحياة»، إن «أهم شيء معيار الكفاءة والأمانة بغض النظر عن الانتماء الحزبي... ويجب إمهال الوزراء فرصة قبل الحكم عليهم». وقال مؤسس «حركة 6 أبريل» أحمد ماهر ل «الحياة»، إن «الحركة ستحدد موقفها من الحكومة الجديدة بعد إعلان تشكيلتها النهائية»، وهو موقف اتخذته غالبية القوى الليبرالية واليسارية، التي أعلن معظمها عدم المشاركة في الحكومة. وعُلم من وزراء الحكومة الجديدة كلٌّ من: المشير حسين طنطاوي وزيراً للدفاع، محمد كامل عمرو وزيراً للخارجية، ممتاز السعيد وزيراً للمال، نادية زخاري وزيرة للبحث العلمي، نجوى خليل وزيرة للتأمينات والشؤون الاجتماعية، ومحمد إبراهيم وزيراً للآثار، وهؤلاء مستمرون من حكومة الجنزوري. أما الوزراء الجدد، فهم اللواء أحمد جمال الدين وزيراً للداخلية، رئيس هيئة الاستثمار أسامة صالح وزيراً للاستثمار، رئيس الشركة القابضة للبتروكيماويات أسامة كمال وزيراً للبترول والطاقة، أسامة العبد وزيراً للأوقاف، رئيس الشركة القابضة للكهرباء محمود بلبع وزيراً للكهرباء، مسؤول ملف التعليم في حملة مرسي أستاذ الهندسة مصطفى مسعد وزيراً للتعليم العالي، رئيس مجلس إدارة هيئة البريد هاني محمود وزيراً للاتصالات، وكيل وزارة الري محمد بهاء الدين وزيراً للري، مساعد وزير السياحة هشام زعزوع وزيراً للسياحة، محافظ كفر الشيخ اللواء أحمد زكي عابدين وزيراً للتنمية المحلية، رئيس لجنة الإسكان في حزب «الحرية والعدالة» طارق وفيق وزيراً للإسكان، أستاذ الهندسة في جامعة القاهرة محمد رشاد المتيني وزيراً للنقل، محمد محسوب وزيراً للشؤون القانونية والمجالس النيابية، نائب رئيس الشركة القابضة لشؤون المطاحن والصناعات الغذائية أبو زيد محمد أبو زيد وزيراً للتموين، رئيس مركز البحوث الزراعية صلاح عبدالمؤمن وزيراً للزراعة، محافظ القاهرة عبدالقوي خليفة وزيراً للمرافق، لاعب الكرة السابق علاء عبدالصادق وزيراً للرياضة، رئيس لجنة الشباب في البرلمان السابق القيادي في «الحرية والعدالة» أسامة ياسين وزيراً للشباب. ولم تُعلن أسماء وزراء العدل والإعلام والتخطيط والصناعة والتربية والتعليم والصحة والثقافة والإنتاج الحربي والطيران المدني والقوى العاملة، وقال الناطق باسم رئاسة الجمهورية ياسر علي إن الإعلان النهائي للتشكيل الوزاري سيتم اليوم، وبعدها سيدلي رئيس الوزراء ببيان صحافي في مقر رئاسة الجمهورية قبل أن يؤدي الوزراء الجدد القسم أمام الرئيس الذي يعقد اجتماعاً مع مجلس الوزراء، كما يقيم مأدبة إفطار لأعضاء الحكومة الجديدة. وفور تكليفهم بتولي حقائب وزارية، أطلق الوزراء تصريحات أكدوا فيها عزمهم التصدي للمشكلات التي تواجهها البلاد، وقال وزير الخارجية إن «الثورة عكست نفسها على الخارجية المصرية»، مشيراً إلى أنه «مهتم بعلاقات جديدة مع دول حوض النيل، والشأن العربي سيكون له وضع خاص في المستقبل». واعتبر وزير الداخلية الجديد أن «مصر دخلت مرحلة صعبة وتحتاج إلى استقرار وأمن»، مشيراً إلى أن «الشرطة تدرك حجم المسؤولية وستكون خلال الفترة المقبلة على قلب رجل واحد». وتعهد «التصدي بحزم لظواهر قطع الطرق والسكة الحديد». وأشار إلى أنه التقى الرئيس أول من أمس وأطلعه على رؤيته للمرحلة المقبلة. وأعلن وزير المال «خطة متوسطة الأجل وطويلة الأجل لتوفير مصادر تمويل، وسنعمل على تشكيل منظومة ضرائب جديدة». وقالت وزيرة التأمينات إنها ستعمل على «حل المشاكل وتطوير الوحدات الخدمية وتيسير الخدمة لأصحاب المعاشات». وأكدت وزيرة البحث العلمي أن «البحث العلمي سيشهد طفرة كبيرة من خلال زيادة الموازنة». أما وزير الكهرباء الجديد، فتعهد العمل على تحسين أداء الشبكة الكهربائية لمواجهة الأعطال وترشيد الطاقة والاهتمام بالطاقة المتجددة المتمثلة في طاقة الرياح. وأشار وزير الزراعة إلى أنه سيهتم بالمحاصيل الصيفية وسيعمل على النهوض بالبحث العلمي الزراعي والاهتمام بالعاملين في القطاع. وقال وزير التموين الجديد إنه سيسعى إلى وضع منظومة جديدة للمطاحن وسيكافح تسريب الدقيق (الطحين) ويعمل على ضبط الاسواق وتفعيل الرقابة ودعم رغيف الخبز عن طريق منظومة جديدة. وأكد وزير الشؤون القانونية والمجالس النيابية الجديد، أن ملف استعادة الأموال المهربة سيكون على رأس أولوياته، مشيراً إلى أن هذا الملف سيمثل معركة قانونية. وأضاف أنه سيضع «منظومة قانونية للتحول الديموقراطي تلبي مطالب الشعب». وأكد وزير السياحة الجديد أن الحكومة «داعمة لقطاع السياحة ولاستكمال العمل الجاد فيه»، مشيراً إلى أن «المسؤولية كبيرة حتى تعود السياحة إلى سابق عصرها». وأشار وزير الإسكان الجديد إلى أنه سيعمل على «إعادة التوزيع المتوازن للسكان في كل ربوع مصر». وقال وزير النقل الجديد إنه سيسعى إلى «تحويل مصر إلى مركز عالمي بارز للنقل». أما وزير المرافق، فقال إنه سيعمل على «التوسع في إقامة محطات المياه والصرف الصحي في مختلف المحافظات لضمان وصول المياه النقية إلى كل مكان». وأكد وزير الاستثمار أن خطته «تعتمد على النظر في إجراءات تسهيل الاستثمار وتنظيم العمل في الوزارة». ووعد وزير التعليم العالي بتحقيق استقلال الجامعات، فيما قال وزير الأوقاف إن الوزارة «من الوزارات المهمة ولا بد من الاهتمام بالاوقاف وتنظيمها واستثمارها استثماراً جيداً». وتعهد وزير البترول «التنسيق بين الوزارة وبقية الوزارات لحل أزمة الطاقة والكهرباء». من جهة أخرى، التقى مرسي للمرة الثانية في غضون أيام المرشح الإسلامي السابق للرئاسة محمد سليم العوا، ما أوحى بأنه قد يتولى منصباً في الفريق الرئاسي الجديد. وقال الناطق باسم الرئاسة إن اللقاء «جاء في إطار التشاور مع القوى الوطنية والسياسية».