تلقى الرئيس الإيراني حسن روحاني أمس، ضربة من التيار الأصولي المهيمن على مجلس الشورى (البرلمان)، إذ حجب المجلس الثقة عن وزير العلوم والبحث العلمي رضا فرجي دانا، لاتهامه ب»تسييس المناخ الأكاديمي». وكان 51 نائباً، معظمهم ينتمي إلى «جبهة الاستقامة» التي يتزعمها رجل الدين المتشدد محمد تقي مصباح يزدي وتؤيد الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد، قدّموا عريضة لمساءلة فرجي دانا، لاتهامه بتعيين شخصيات إصلاحية شاركت في احتجاجات ما بعد انتخابات الرئاسة عام 2009، مساعدين ومستشارين له، وبسوء الإدارة وانتهاج سياسات مناهضة لمصالح إيران، وإعادة أساتذة طلاب إلى الجامعات، بعد طردهم إثر أحداث 2009 ل»أسباب أخلاقية وأمنية». وبعد سجال دام 6 ساعات، صوّت 145 نائباً لمصلحة حجب الثقة عن الوزير، في مقابل 110 عارضوا، وامتنع 15 عن التصويت. وحضر الجلسة 270 نائباً في غياب روحاني، ما أضعف موقف فرجي دانا. لكن مصادر مؤيدة للحكومة اعتبرت أن الرئيس الإيراني أراد، من خلال امتناعه عن حضور الجلسة، توجيه رسالة واضحة إلى رئيس البرلمان علي لاريجاني والنواب تفيد بعدم ارتياحه إلى حجب الثقة عن الوزير، في وقت تجهد الحكومة لمعالجة المشكلات الاقتصادية وإبرام اتفاق شامل مع الدول الست المعنية بالملف النووي لإيران، علماً أن لاريجاني كان اقترح على الوزير إبعاد معاونيه، ل»تهدئة الأجواء». لكن روحاني وصف الوزير بأنه «عالِم خدوم»، وزاد في خطاب ألقاه في مدينة أردبيل: «تحترم الحكومة رأي المجلس، أياً يكن، لكنني أُبلغ النواب بأنه كلما كانت الوحدة بين السلطات أكثر قوة، سيستاء أعداؤنا ويفرح أصدقاؤنا». وفشل وزير العلوم في إقناع النواب بالتصويت لمصلحته، على رغم تعهده «تصحيح أخطاء»، وتابع في خطاب أمام البرلمان: «أنا مستعد لاستغلال النصيحة الودية للنواب، وهذا طريق الإصلاح». لكن النائب الأصولي علي رضا زاكاني وصف الوزير بأنه «متمرد على القانون»، متهماً إياه بتعيين «عناصر غير كفء في الجامعات ومنح إذن لمنشورات طالبية تشجّع على الانفصال والفتنة والشغب». أما حسين نقوي حسيني، عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في المجلس، فاتهم فرجي دانا ب»الدفاع عن مجرمين» زعموا تزوير انتخابات 2009، معتبراً أن الجامعات باتت «حبلى بالفتنة»، في إشارة إلى احتجاجات 2009. وفي خطوة ذات دلالة، عيّن روحاني فرجي دانا مستشاراً له للشؤون العلمية والتربوية، ومحمد علي نجفي خلفاً له بالوكالة. وكان البرلمان رفض منح الثقة للأخير لتولي حقيبة التربية. وأثبت التيار الأصولي نجاحه في مواجهة محاولات الحكومة التقرّب من الإصلاحيين، وأنه ما زال يمسك بزمام المبادرة إزاء «إعادة الاعتبار» إلى عناصر «الفتنة». لكن مصادر ترى أن التيار الأصولي وضع نفسه في زاوية حرجة، معتبرة أن عزل فرجي دانا سيساهم في بلورة رأي عام لا يخدم المتشددين خلال الانتخابات النيابية العام المقبل، فيما يستعد الاصلاحيون لإعادة تنظيم أوراقهم الانتخابية، من أجل السيطرة على البرلمان بما يخدم حكومة روحاني.