بهدف إكثار النباتات المحلية واستزراعها في مناطقها الطبيعية، والمحافظة على الأنواع النادرة منها، أنشأت الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض أخيراً بنكاً خاصاً للبذور، كما أطلقت مشروعين تجريبيين لغرس أكثر من 86 ألف شجرة في متنزه الثمامة. وأوضحت الهيئة أن فكرة البنك تبلورت بعد أن رصدت الهيئة اختفاء بعض الأنواع النباتية المحلية الرئيسية من مواقعها الطبيعية، نتيجة عوامل التصحر والتمدد العمراني والأنشطة الحضرية، إلى جانب ظهور الحاجة إلى توفير كميات كبيرة من الأشجار والنباتات المحلية لاستزراعها في مشروع التأهيل البيئي لوادي حنيفة، الذي أنجزته الهيئة ويمتد على مسافة تزيد على 80 كلم، لافتة إلى أن بنك البذور سيسهم في تزويد عدد من مشاريع التشجير التجريبية التي تعمل عليها الهيئة لتكثيف زراعة الأشجار والشجيرات البريّة في بيئاتها الصحراوية، وضمان إمداد المشاريع البيئية بالبذور الجيدة في السنوات المقبلة، فضلاً عن استخدام البذور في مواقع التنسيق الزراعي بالمدينة. وأشارت إلى أن البنك نجح في جمع كميات من البذور النادرة لعدد من الأشجار التي تنتج كميات قليلة من البذور سنوياً، أو يصعب الحصول على بذورها لسرعة تناثرها مثل أشجار السلم، أو التي تتعرض للقطع الجائر كأشجار السمر، إضافة إلى الشجيرات التي تتأثر نتيجة الرعي العشوائي أو الصقيع، مشيرة إلى أن البنك أنهى عملية حصر وجمع الكثير من بذور النباتات المحلية الرئيسية لتصنيفها، وأجرى دراسات مختبرية على هذه البذور لمعرفة خصائصها وتحديد الطرق المناسبة لاستخدامها، ومن ثم جرى حفظها وتخزينها في مختبر الهيئة في حي السفارات والذي جرى تجهيزه بمختلف التقنيات الحديثة. وأضافت أن بنك البذور يحوي غرفاً معدة لفرز وتجفيف البذور، وغرفاً أخرى لحفظها عن طريق التبريد أو التجميد، وكذلك «معشبة» لحفظ عينات النباتات التي تم جمع بذورها بعد التجفيف، وأنها تعمل على إجراء تجارب لإنتاج بذور معدلة ومحسنة وراثياً، بهدف إنتاج سلالات جديدة عبر «التهجين» أو «تحسين الصفات»، لافتة إلى أنها استعانت في هذا الجانب بتجارب عالمية في هذا المجال، مثل «حدائق كينجز بارك» العالمية، والحدائق النباتية في غرب أستراليا. ولفتت إلى أنه جرى جمع وتخزين بذور البنك من مناطق عدة محيطة بمدينة الرياض مثل الثمامة والطوقي ورويغب والقدية وحفيرة ونساح والحاير، إذ استهدفت الهيئة في المرحلة الأولى من تأسيس البنك، تنظيم رحلات في محيط مدينة الرياض بمساحة قطر تبلغ 300 كلم لرصد ورعاية الأشجار والنباتات المحلية في مواقع مختلفة خلال مدة زمنية بلغت نحو 24 شهراً، وبعد نضوج ثمار الأشجار، جرى جمع واستخلاص كميات من بذورها، مشيرة إلى أن جرى جمع أشهر البذور للأشجار المحلية من خلال البنك، مثل الطلح النجدي والطلح العراقي والسمر والسلم والسدر البري والرمث والعرفج والأرطى والعوسج والقتاد والشفلح والخزامى وغيرها. وأشارت الهيئة إلى أنها أطلقت برنامجاً بيئياً هو الأول من نوعه في المنطقة، بهدف إعادة الغطاء النباتي في منطقة الرياض، والحد من تدهوره والتحكم في مسبباته، خصوصاً في المناطق الطبيعية، مثل الروضات والشعاب والأودية والنفود والمناطق الرعوية، موضحة أنه تم من خلال البرنامج تنفيذ مشروعي تشجير تجريبيين في متنزه الثمامة، تضمنا زراعة نحو ستة آلاف شجرة طلح، تخضع باستمرار لعمليات المتابعة المنتظمة وإجراء القياسات الدورية لنموها ورصد المؤشرات حول الظروف الأنسب لها من ناحية المكان وأسلوب الغرس والري. وأضافت أنه سيتم ضمن البرنامج تنفيذ مشروع التشجير التجريبي الرئيسي في المتنزه، الذي يتضمن زراعة 80 ألف شجرة من أنواع «الطلح، السمر، سمر الراديانا، والسلم»، وإجراء كل التجارب العلمية عليها لمعرفة ورصد أفضل الأساليب والطرق لإعادة الغطاء النباتي، لافتة إلى أنه جرى ضمن البرنامج، تصنيف الأشجار والشجيرات ومغطيات التربة المحلية في منطقة الرياض، إضافة إلى إعداد «دليل للنباتات بمنطقة الرياض» احتوى على 396 نوعاً مختلفاً من النباتات.