لا يتأخر عشاق شراب الفيمتو في تحري هلال رمضان، لقص شريط ثورتهم في ميدان محال المواد الغذائية و«السوبر ماركت»، بحثاً عن شراب اعتادوا تناوله فقط في الشهر التاسع من السنة، ليتربع «الفيمتو» على عرش المائدة الرمضانية، في الوقت الذي يعتبره الكثير من الناس جزءاً لا يتجزأ من الطقوس الرمضانية. وعلى رغم اكتناز جل الأسواق والمحال بمئات الأنواع من العصائر الطازجة والمشروبات، إلا أن الكثير من الناس يصرون على توفيره في الشهر الفضيل منذ أكثر من ربع قرن، لتظل عادة تقليدية في الليالي الرمضانية. ووفقاً لشركة العوجان الصناعية، فإن السعوديين استهلكوا العام الماضي 30 مليون عبوة فيمتو. وقال الرئيس التنفيذي للشركة قادر قندز: «يحل شهر رمضان الكريم هذه السنة بالتزامن مع أشد فترات العام حراً، ما ينجم عنه ارتفاع الطلب على «فيمتو» إلى مستويات غير مسبوقة». ومثل العادة من كل سنة، عمدت أم ياسر إلى تقسيم مهمات المنزل وتوزيع أعمال المطبخ بين بناتها الثلاث، لتتكفل إحداهن بلف عجينة السمبوسه وحشوها بمختلف النكهات وتقطيع أنواع متباينة من السلطات، أما الثانية فتمثلت مهماتها في صنع بعض الأطباق الشعبية وأخرى خفيفة، في حين كان نصيب نعيمة عمل شيء من اللقيمات وتعبئة البراد و«الجيك» بشراب الفيمتو، الذي اعتادوا تقسيم كمياته يومياً ما بين المنزل والمسجد، إذ لا تتأخر والدتها في التنبيه عليها في كل مرة أن تتأكد من مذاقه قبل إرساله إلى المسجد مع طبق منوع من الأكلات للمشاركة في إفطار صائم، أما أم فالح (30 عاماً)، فبادرت بدعوة جاراتها بعد انتهائها من صلاة التراويح في الجامع القريب منهن، لتناول القهوة وحلى طبقات الفيمتو مع البسكويت مع بعض من اللقيمات في منزلها. ولم يبخل العم صالح (70 عاماً) في لفت أذهان ومسامع أحفاده الذين اعتادوا إحاطته بعد تناول طعام الإفطار على سفرته، في رواية العديد من القصص والحكايات التي تعكس شيم العرب ومواقف إكرامهم لضيوفهم تارة، وعادات أهل حارته قديماً في نصب سفرة أمام باب منزله تمتد من بداية الشارع وحتى منتصفه تعج بمختلف المأكولات والأطباق الباردة منها والحارة، والمشروبات التي يستعد كل بيت في الحارة للمشاركة في إعدادها وتقديمها تطوعاً لجميع العمال والوافدين من أصحاب المحال والبسطات وسد رمق جوعهم وعطشهم، وكسب أجر تفطيرهم خلال ليالي رمضان، أما قصة دكانه العتيق، فروى أن أطرفها كان صنعه لآيسكريم وشراب الفيمتو قديماً وتعبئته في أكياس بلاستيكية وتجميده في ثلاجة الدكان، ومن ثم بيعه على الأطفال بنصف ريال للكيس الواحد، في الوقت الذي كان أولياء أمورهم يكافئون أبناءهم بنقود معدنية، نظير مساعدتهم لهم في جمع الثمار والحصاد ومساعدة والديهم في المنزل على حد قوله. إلى ذلك، تناوب صغار أم محمد في تقليد دعايات الفيمتو أثناء تناوله، فتارة يصرخ أحدهم في وجه أقاربه خوفاً من أن «يخلصوه»، وآخر عمد إلى دعوة أبناء عمومته على شربه، وثالث راهن على فوزه في لعبة «فلاش» بطلها قارورة فيمتو، وتقول أم محمد: «الصيام وصلاة التراويح عبادات تضيف الكثير من الأجواء الروحانية، أما مثلثات السمبوسة وكرات اللقيمات وشراب الفيمتو فإنها طقوس رمضانية لا تخلو المائدة من أمثالها داخل البيوت السعودية، بل إن هذه الطقوس لا نتأخر في توارثها أباً عن جد، حتى أصبحت عادة وتقليداً نبادر في الامتثال له». وعلى رغم تبني العديد من المواقع الإلكترونية واليوتيوب نشر أضرار الفيمتو الصحية على جسم الإنسان، ومزاعم مساهمته بشكل غير مباشر في الإصابة بسرطان المعدة والكبد والمثانة بفضل المواد المسرطنة المكونة لعناصره، نقلاً عن اختصاصين، إلا أن الكثير لا يزال مدمناً على مذاقه.