سيطرت أجواء الحرب الباردة مع الغرب مجدداً على تحركات القيادة العسكرية الروسية، إذ أعلنت موسكو خطة استراتيجية لتعزيز قدراتها البحرية الضاربة في المياه الدولية، مع توسيع قطعاتها الأساسية بكلفة تزيد على 70 بليون دولار. كما بدأت نشاطاً مكثفاً لإعادة تمركز قواتها في قواعد عسكرية بحرية كانت تشغلها قبل انهيار الاتحاد السوفياتي، وتمتد من كوبا إلى سيشيل وفيتنام، مروراً بأوكرانيا وآسيا الوسطى، لتصل إلى المياه الدافئة في البحر المتوسط. وأعلن قائد القوات البحرية الروسية الأميرال فيكتور تشيركوف أن «العمل جار بنشاط لتأمين قواعد بحرية خارج روسيا»، مضيفاً أن بلاده تجري «محادثات دولية مكثفة في شأن إقامة نقاط الإمداد والخدمات الفنية، في أراضي كوبا وجزر سيشيل وفيتنام»، علماً أن الأسطول العسكري الروسي لم يتمسك بأي قاعدة بحرية خارج أراضي روسيا، سوى قاعدة «سيفاستوبول» في شبه جزيرة القرم ونقطة الإمداد والصيانة في ميناء طرطوس السوري. وأتت تصريحات تشيركوف قبل ساعات من لقاء الرئيس فلاديمير بوتين أمس، نظيره الفيتنامي ترونج تان سانغ في سوتشي. وأبلغ الأخير إذاعة «صوت روسيا» استعداد بلاده لاستضافة «نقطة إمداد وصيانة» للسفن الروسية في ميناء كامران. وأشار إلى «تعاون عريق وشراكة استراتيجية بين البلدين، ستشهد تطوراً وستمنح فيتنام روسيا تسهيلات لتطوير التعاون العسكري في كامران». وزاد: «نعطي روسيا أفضلية في مرفأ كامران لتطوير هذا التعاون». وكان الاتحاد السوفياتي يقيم قاعدة بحرية في هذا المرفأ. وأشار بوتين إلى قروض روسية لفيتنام قيمتها 10 بلايين دولار، وأصدر وضيفه بياناً أعلن اتفاقاً على «توطيد الشراكة الاستراتيجية الشاملة» بين البلدين. وأشار الجانبان الى «الشراكة في الدفاع والأمن»، كما «استهجنا التدخل العسكري الخارجي في نزاعات تشهدها دول أخرى». ومع «العودة» الروسية إلى كامران، والحديث عن نيات للعودة إلى كوبا عبر تأهيل محطة الرادار التي كانت تشكّل أساساً لنشاط القوات السوفياتية في أميركا اللاتينية، بعد عقدين على انهيار الاتحاد السوفياتي، تتأهب موسكو لتعزيز وجودها في آسيا الوسطى، من خلال مفاوضات مكثفة تجريها مع طاجيكستان وقيرغيزستان، للحفاظ على قواعدها العسكرية لديهما. وتتزامن هذه الجهود مع توجّه إلى تعزيز الوجود الروسي في المياه الدافئة، واستخدام ميناء طرطوس موقعاً أساسياً لذلك، إذ أكد تشيركوف أن البحرية الروسية «ستحافظ على قاعدة الإمداد والصيانة في ميناء طرطوس التي نحتاجها لإمداد سفننا، ولتعزيز قدراتها خصوصاً على مواجهة القرصنة في خليج عدن». وأضاف أن البحر المتوسط يقع في مجال عمل أسطول البحر الأسود. وتزامنت هذه المساعي السياسية والعسكرية، مع الإعلان عن خطة ضخمة لتعزيز قدرات البحرية الروسية، تُعتبر الأوسع منذ انهيار الاتحاد السوفياتي، وتبلغ كلفتها نحو 70 بليون دولار، ستنفق خلال السنوات السبع المقبلة لتزويد البحرية أكثر من 15 سفينة وناقلة استراتيجية يعمل بعضها بالوقود النووي. كما تنصّ الخطة على تزويد القوات الضاربة 8 غواصات نووية من طراز «بوريه» و8 غواصات استراتيجية من طراز «ياسين» التي تعمل بالطاقة النووية، إضافة إلى 20 غواصة و50 سفينة ومركبة قتالية. وأعلن ناطق باسم الأسطول العسكري الشمالي الروسي التحضير لمناورات واسعة في بحر بارنتس في آب (أغسطس) المقبل، تشارك فيها حاملة الطائرات «الأميرال كوزنيتسوف» وغواصات نووية، وتشمل إطلاق صواريخ ونيران مدفعية حيّة.