بعض الإعلاميين السعوديين لا يمكنك مهما بلغت من ذكاء وفراسة أن تعرف كيف يفكرون أو ماذا يعملون، لأنهم مع الأسف يعتبرون أن الأصل في الصحافة العبث والمشاكسة، ويتخذون من المثل «خالف تُعرَف» وسيلة لتحصيل رد فعل، بغض النظر عن نوع واتجاه رد الفعل هذا، فالمهم أن يظهروا مختلفين عن الآخرين ايجاباً أو سلباً، ولعل ما كتبه أو قاله البعض عقب احتلال الدوري السعودي للمركز ال 16 عالمياً يبرهن أنهم أقرب إلى العبثية في تفكيرهم وسلوكهم، ولا سيما أنهم شككوا في هذا الإنجاز وهم الذين انتقدوا المسؤولين عن الكرة السعودية في الموسم الماضي حين نال الدوري السعودي المركز ال 65 عالمياً والتاسع عربياً، وهم عادة يتعاملون مع مجهودات تطوير الكرة السعودية على طريقة لا «حمداً ولا شكوراً» لأغراض شخصية وغير مقنعة، وهذا لا يهمنا الآن. ولو بحثتَ لدى هؤلاء عن مبرر التشكيك بهذا الإنجاز، لوجدت أن الأسباب مخجلة، وفي مجملها شخصية، فالأول طلب إجراء مقابلة صحافية مع رئيس هيئة دوري المحترفين ولم يتحصل على طلبه، والثاني يكره حافظ المدلج، لأنه يحابي الهلال، والثالث لا تعجبه طريقة حديث محمد النويصر، والرابع يريد أن يصبح مقرباً من المسؤولين عن الدوري، لكنهم رفضوا قربه، وقائمة هؤلاء المرضى النفسيين تطول، فالمهم لديهم أن يعبثوا بكل الطرق للفت الأنظار، من باب أنهم ينتقدون بحرية مع أن ما يقولونه لا يعدو كونه مشاغبات لا يلجأ إليها أبداً من يمتلك في داخلة ثقة بالنفس. وعندما ظهر الأمير نواف بن فيصل وتعهد بأن يجعل الدوري السعودي ضمن أفضل 20 بطولة دوري في العالم، تهكّم هؤلاء بطريقة أو بأخرى ورددوا في مجالسهم الخاصة «أبقى قابلني» وحين تم إعلان التصنيف العالمي رسمياً أخذوا يشككون بحجة أن الملاعب السعودية لا توجد بها مقاعد للمتفرجين تارة وبحجة أن النقل التليفزيوني محتكر تارة أخرى، وراحوا يسردون مسبباتهم التي لا علاقة لها بتصنيف الاتحاد الدولي لتاريخ وإحصاءات كرة القدم التي تعتمد على رصد نتائج المباريات من دون أن يكون لها دخل في تقويم الحكام أو المعلقين الرياضيين أو انضباط المشجعين أو نظافة دورات المياه في الملاعب وهي معايير يرى هؤلاء المغتاضون أنها أهم من نتائج المباريات! ومع الأسف أنهم يدعون المهنية ومع ذلك لم يكلفوا أنفسهم عناء البحث عن المعلومة الصحيحة، وإن كنت أعذرهم في هذا، لأن قدرتهم على التواصل مع العالم محدودة وإمكان حصولهم على الخبر وكتابته بالصورة الصحيحة فعل لا يستطيعون القيام به. كثيرون مهتمون بتصفية الحسابات حتى لو كان الأمر ضد مصلحة الرياضة السعودية، ولهؤلاء الذين اغتاضوا لتقدم الدوري السعودي إلى المرتبة ال 16 أسوق لهم بشرى سارة ستخفف من وطأة الخبر عليهم، إذ أن الدوري المحلي في تصنيف نهاية العام سيتراجع ربما إلى المرتبة ال 35 عالمياً، بداعي توقف المسابقة المحلية خلال ثلاثة أشهر، وفي ذلك ربما ما يخفف من مصابهم ويجعلهم يخرجون للانتقاد والانتقاص مجدداً، وهم عادة يجدون متعة لا نظير لها طالما أن الأمر يتعلق بالتراجع! وفي مقال سابق حملت بشدة على المسؤولين عن الدوري السعودي بعدما نال المركز ال 65 عالمياً ووصفت الأمر بالفضيحة، غير أنني وعقب عام أجد نفسي مجبراً على أن أشيد بالإنجاز الكبير، على اعتبار أن الأمر يتعلق بالأمانة المهنية، وهو ما يفرض علينا دائماً أن ننتقد التقصير ونشيد بالإنجاز بحثاً عن المصلحة العامة وتحفيزاً للمزيد من الإنجازات. وكم تمنينا لو تنازل هؤلاء وقالوا كلمة «شكراً» لكل من عمل من أجل أن يتقدم الدوري السعودي لكرة القدم ويستعيد مكانته في الوطن العربي برجوع مقولة «الأقوى عربياً» التي أعتقد بأن الدوري السعودي على رغم الانتقادات والملاحظات ما زال يستحقها. عموماً سنقول بدورنا «شكراً» لكل من قطع عهداً على نفسه وسعى لتحقيقه، ولكل من عمل من أجل الكرة السعودية بإخلاص وتفانٍ، ولكل من يؤمن بأن للكرة السعودية مكانة متقدمة يجب أن تصل إليها... شكراً لهم ولا عزاء للمغتاضين. [email protected]