عرضت دولة جنوب السودان خطة سلام جديدة على السودان وصفتها بأنها «عادلة ومتوازنة» وستؤدي في حال قبلتها الخرطوم إلى سلام دائم وفتح صفحة جديدة بين البلدين. لكن الحكومة السودانية قللت من الطرح الجنوبي واعتبرته تكراراً لمواقف قديمة «تحت عنوان جديد». وقال كبير مفاوضي جنوب السودان باقان أموم خلال مؤتمر صحافي أمس في أديس أبابا عقب معاودة المفاوضات بين دولتي السودان، إنه طرح على الوفد السوداني في حضور وسطاء الاتحاد الأفريقي مشروع «اتفاق حول العلاقات الودية والتعاون بهدف إحلال سلام شامل ودائم وأمن وازدهار لكل من البلدين»، موضحاً أن الاتفاق سيؤدي إلى إنعاش الاقتصاد السوداني وإنهاء الأعمال العدائية واستئناف التجارة والصادرات وضمان سلام دائم بين الدولتين» في حال قبلته الخرطوم. وذكر أموم أن «جنوب السودان يعرض استئناف تصدير نفطه عبر خطوط السودان مقابل رسوم نقل عادلة ومعقولة»، كما طرح جنوب السودان إعفاء السودان من ديون بقيمة 500 مليون دولار من العائدات المفقودة بسبب الخلافات النفطية بين الجارين. وأضاف أن حكومته عرضت حزمة مساهمات لتغطية العجز الذي نجم عن فقدان السودان عائدات النفط المنتج من جنوب السودان، وهو «مقترح سخي» يقضي بتحويل مبلغ 8.213 بليون دولار في صورة مساهمة مالية مباشرة ما يعني سد 75 في المئة من إجمالي الفجوة المالية التي قدّرها السودان كخسائر بعد انفصال الجنوب. وتابع أن جنوب السودان يعرض أيضاً تحويل مبلغ مالي صاف يبلغ 3.245 بليون دولار إلى السودان. وقال أموم أيضاً إن الجنوب قدّم مقترحات لوقف الأعمال العدائية، ووافق من دون شرط على الخريطة التي اقترحتها لجنة الوساطة الأفريقية لإنشاء منطقة حدودية عازلة منزوعة السلاح وتفعيل كل الآليات الأمنية. وكشف أن الجنوب اقترح عملية تحكيم دولية تتضمن إطاراً زمنياً نهائياً وملزماً للوصول إلى حل سلمي ونهائي لقضية تحديد المناطق المختلف عليها على الحدود المشتركة بين دولتي السودان. كما اقترح إجراء استفتاء تنظمه الأممالمتحدة والاتحاد الأفريقي في منطقة أبيي المتنازع عليها قبل نهاية العام الحالي. وأضاف أموم أن حكومته طرحت حماية مواطني كل دولة يعيشون في الدولة الأخرى وضمان حقوق البدو والسكان المهاجرين في الوصول إلى المياه والمراعي. كما عرض دعم التفاوض بين حكومة السودان و «الحركة الشعبية - الشمال» والتي تتعلق بالمساعدات الإنسانية ووقف النار وتسوية سياسية شاملة في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق. لكن عضو وفد الحكومة السودانية في المحادثات مع الجنوب مطرف صديق وصف مقترحات دولة الجنوب بأنها «اجترار وإعادة لمواقف قديمة دُمجت في وثيقة واحدة وطرحت تحت عنوان جديد». وقال صديق خلال مؤتمر صحافي في أديس أبابا إن السودان سيدرس ورقة الجنوب على رغم أنها «لا تحمل جديداً»، موضحاً أن الحديث عن مبالغ مالية من الجنوب للخرطوم تم احتسابها ودمجها وتقديمها كأنها «منحة» إلى السودان. وعن النزاع على منطقة أبيي، رأى أن الجديد في الطرح الجنوبي هو تحويل الحق المحلي في تنظيم الاستفتاء على مصير المنطقة إلى «الأممالمتحدة والاتحاد الأفريقي»، واعتبر ذلك تجاوزاً لقانون استفتاء المنطقة المتفق عليه بين السودان والجنوب. وأضاف صديق أن السودان يرغب في حلول بالتوافق مع الجنوب في شأن الخلاف على مناطق حدودية وإن لم يتحقق ذلك يمكن اللجوء إلى التحكيم الدولي، لكنه «ليس الخيار المطروح الآن». وذكر أن جدول الاجتماعات الآن يركّز على القضايا الأمنية. وقال إن المهلة الزمنية التي حددها مجلس الأمن الدولي وتنتهي في 2 آب (أغسطس) المقبل غير نهائية والقصد منها هو إعادة الأطراف إلى مسار المفاوضات وقياس مدى جديتها في الوصول إلى حل. وتابع «إن لم تتحقق الحلول النهائية في الأجل المحدد فلن يقول لهم أحد: توقفوا (عن متابعة التفاوض)». وقال مطرف صديق إن المحادثات مع الجنوبيين في إثيوبيا سارت بصورة طيبة إلى أن عبرت قوات متمردي «حركة العدل والمساواة» إلى الأراضي السودانية في شرق دارفور من أراضي جنوب السودان. وأضاف أنها تتحرك الآن داخل ولاية غرب كردفان و «تتعامل معها قوات الشعب المسلحة». في غضون ذلك، اتهم مسؤول في حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان حكومة دولة جنوب السودان ووفدها المفاوض بعدم الجدية في الوصول إلى تسوية للقضايا محل الخلاف والتي يجرى التفاوض حولها تحت رعاية الاتحاد الأفريقي. وقال نائب رئيس حزب المؤتمر الوطني في ولاية الخرطوم محمد مندور المهدي إن جوبا ومفاوضيها يعوّلون على المجتمع الدولي ومجموعات الضغط التي تؤثر في الحكومات الغربية والتي «تعودت على مناصرة الجنوب على السودان». وقال مندور في تصريحات أمس «إن مفاوضي الجنوب يعرقلون جولة (المفاوضات)» أملاً في انقضاء مهلة مجلس الأمن المحددة في الثاني من آب المقبل وبالتالي فرض عقوبات جديدة على السودان بزعم أنه يتحمّل مسؤولية عدم الوصول إلى حل للأزمة مع الجنوب.