تغيب البيانات بشكلٍ غريب عن معظم النقاشات التي تدور حول عدم كفاية تعليم المواد العلمية في الولايات المتّحدة. وفي المقابل، أظهر تقرير جديد أصدرته «المؤسسة الوطنيّة (الأميركية) للعلوم»، أنّ عدد الأميركييّن الذين يسعون إلى حيازة شهادات متقدّمة في العلوم والهندسة، ارتفع بشكل واضح خلال القرن الماضي ليصل إلى أعلى مستوياته على الإطلاق. ولطالما شكا السياسيون في الولاياتالمتحدة من أن النظام الوطني للتعليم العالي لا ينتج كوادر متمرسة بالتقنية العالية، وهو أمر ضروري من أجل الحفاظ على تنافسية اقتصاد البلد. وبرأي هؤلاء، يتمثل السبب الأهم في هذا النقص بعدم اكتراث الطلاب الأميركيين بحقول المعرفة التي يُشار إليها إختصاراً بمصطلح «ستيم» STEM ( العلوم Science والتكنولوجيا Technology والهندسة Engineering والرّياضيات Mathematics). وعلى عكس هذا الرأي، تبرهن الأرقام، على الأقل تلك التي تتعلق بالتعليم العالي، وجود ميل قوي لدراسة «ستيم». وكذلك أظهر تحليل صدر حديثاً عن «المؤسسة الوطنيّة (الأميركية) للعلوم» أن عدد طلاب الدراسات العليا المسجلين في برامج «ستيم» في المؤسسات الأميركية، ارتفع بنسبة 35 في المئة بين عامي 2000 و2010 ليبلغ رقماً قياسياً مسجلاً ما يزيد على نصف مليون طالب. واعتبر الخبراء أن عدد طلاب الدراسات العليا المسجلين في برامج «ستيم» يشكل مقياساً دقيقاً لاهتمامهم. وارتفع هذا العدد بشكلٍ سريع، ليسجل لأول مرة زيادةً بنسبة 50 في المئة خلال العقد الماضي. عن النساء والأقليات ورد في الاستطلاع السنوي لطلاب الدراسات العليا وبحوث ما بعد الدكتوراه في «ستيم» الذي تجريه «المؤسسة الوطنيّة للعلوم» سنوياً، تحليلٌ أكثر دقّة للأرقام، كما بيّن وضعاً ديموغرافياً مشجعاً. وعلى رغم أن الطلاب الأجانب يشكلون 30 في المئة من مجموع الطلاب الملتحقين ببرامج الدراسات العليا في «ستيم» في الولاياتالمتحدة، (وهم يشكلون الغالبية في مجالات عدة) فإن مساهمتهم في المال العام لم ترتفع خلال العقد الماضي. وفي الواقع، ارتفعت مساهمة المواطنين الأميركيين وأولئك الحائزين تأشيرة موقتة بنسبة 35 في المئة. إضافة إلى ذلك، ثمة أخبار سارة للأفراد والمنظمات الذين يحاولون اجتذاب النساء والأقليات إلى المهن المتعلقة ببرامج «ستيم». إذ ارتفع عدد طالبات الدراسات العليا في هذه المجالات بنسبة 40 في المئة خلال العقد الماضي، مقابل زيادة بنسبة 30 في المئة بين الرجال. كذلك ارتفع عدد طلاب الدراسات العليا الأميركيين من أصل لاتيني وأفريقي في ال»ستيم» بنسبة 65 في المئة و50 في المئة على التّوالي، مقابل زيادة بنسبة 35 في المئة لدى إجمالي عدد السكان. وأشارت كيلي كانغ، وهي محللة في «المؤسسة الوطنية للعلوم» ساهمت في وضع هذا التقرير، إلى أن اهتمام الطلاب الأميركيين المتزايد بشهادات ال»ستيم»، ليس ظاهرة جديدة. وبيّنت أن تحليلاتها لأرقام التقرير تعطي ببساطة دليلاً إضافياً على توجّه مستمر منذ عقدٍ من الزمن. الأمر صحيح بالتأكيد. من جهة أخرى، يمكن أن يستغرق السياسيون وقتاً طويلاً قبل التخلي عن حججهم التي تستند إلى أرقام قديمة، والقبول بالبيانات الجديدة التي تبرهن عكس ما اعتقدوا به طويلاً. إذ تستطيع المعلومات الأخيرة الصادرة عن «المؤسسة الوطنية للعلوم»، تغيير هذه الآراء، وتالياً التأثير على المناقشة التي تدور حول إعداد الأجيال الجديدة من العلماء والمهندسين الأميركيين.