كانت الجامعة الأميركية في بيروت، ولا تزال، بمثابة خزّان يرفد جامعات الغرب بكفاءات علمية شابة، أمثال الأميركي - اللبناني غبريال ربيز. انطلق ربيز في العام 1982 الى أميركا، ليتوج تفوقه في الهندسة الكهربائية بشهادتي الماجستير والدكتوراه في «كلية جاكوب للهندسة» في جامعة كاليفورنيا للتكنولوجيا. وبدأ حياته المهنية أستاذاً وباحثاً في جامعتي كاليفورنيا ومشيغن – آن اربور. وأمضى في الأخيرة 16 عاماً، لكنه ما زال يعمل في جامعة كاليفورنيا التي يشغل فيها حالياً منصب مدير مركز التردّدات اللاسلكية وأساسيات التصميم. الموجات وثورة السيليكون تشير وثائق الجامعتين الأميركيتين الى ان ربيز من ألمع الخبراء في «نُظُم الاستشعار الإيجابية والسلبية، التي تشمل أجهزة التصوير الحراري thermal imagers، والتحكّم في أجهزة «النُظُم الكهرو- ميكانيكية المتناهية الصغر» Micro electro - mechanical Systems (واختصاراً، «ميمز» Mems) وتصميم تردّدات الراديو Radio Frequency المتّصلة بها. وكذلك تعتبره جامعة كاليفورنيا مرجعاً في نُظُم الموجات الملليمترية والتصوير، والهوائيات المُسطّحة، وموجات الفيلتر الدقيقة، ونُظُم تتبع الذبذبات المفردة الموجة وغيرها. وعبر مسار أكاديمي متألّق، حقّق ربيز سلسلة من الإنجازات تشمل تصميم شرائح رقمية كاملة، اعتبرت أولى من نوعها القابلة للاستخدام في الاتصالات عبر الأقمار الإصطناعية، إضافة الى ابتكار رقاقات سيليكون، باتت تشكل جزءاً من أجهزة الكومبيوتر المحمول، إذ يمكنها نقل البيانات والمعلومات بقوة مئات من الغيغابايت بسرعة فائقة، من دون ربطها بالكابل او الالتزام بشروط المحطات اللاسلكية. وتلقى هذا المشروع تمويلاً من شركة «إنتل» Intel، عملاق صناعة الرقائق الإلكترونية عالمياً، وجامعة كاليفورنيا. يتحدث ربيز عن «ثورة السيليكون» التي أصبحت مساحة عالمية للجهود العلمية والتكنولوجية الرامية الى دمج شرائح السيلكيون مع أدوات الاتصالات اللاسلكية، ما ولّد موجة متصاعدة من التطوّر في موجات الراديو الدقيقة (مايكروويف). وكذلك الحال بالنسبة الى تطبيقات هذه الثورة في مجال نُظُم الدفاع والرصد الدولي والاقمار الصناعية، ما رفع من كفاءة عمل الشبكات اللاسلكية، مع تخفيض مستمر في ما تستهلكه من الطاقة. ورأى ان هذه الثورة تشهد لها أيضاً المجموعات الكبيرة من المؤتمرات التي تخصّص لها سنوياً، إذ تعرض فيها أحدث البحوث المتعلقة بالدوائر المتكاملة وموجات الراديوية والدوائر التردّدات اللاسلكية المسؤولة عن مسار الاتصالات في الأجهزة اللاسلكية وشبكات الهاتف الخليوي. وأكّد ربيز ان هذا المسار يعتمد أساساً على شرائح السيليكون المحتوية على تقنيات لموجات الراديو، لأنها تستطيع أن تدعم معدلات نقل البيانات بسرعة تصل الى 10 غيغابايت في الثانية. وفي المجال عينه، أدخل ربيز على مكوّنات هذه الشرائح مجموعة من المحوّلات والمفاتيح الإلكترونية تضمن عدم حدوث استهلاك فائض للطاقة فيها، الامر الذي يجعلها مثالية للاستخدام من قبل الشركات العالمية في مجال الاتصالات الحديثة والاجهزة اللاسلكية. تخاطب الأقمار الاصطناعية عكف ربيز أخيراً على مشروع لصنع جهاز صغير لا تتجاوز مساحته 3.2 ملليمتر مربع، يستطيع نقل البيانات وتلقيها بسرعة فائقة. وعمل على التحكّم بموجات الراديو هذا الجهاز من طريق توجيه هوائياته إلكترونياً بسرعة نانو ثانية. ولقي هذا المشروع تمويلاً «وكالة الدفاع الأميركية للبحوث وتطوير الاتصالات عبر الاقمار الإصطناعية ونُظُم الرادار». وأعطي ربيز مثلاً على عمل الجهاز قائلاً: «عندما يرسل قمر اصطناعي معلومات الى قمر اصطناعي آخر، يتولى الأخير نقلها الى الاقمار الاصطناعية القريبة منهما، من دون الحاجة لتلقي إشارة او معلومة خارجية». ولفت ربيز الحاصل على 7 براءات اختراع أميركية، إلى ان التحديات الكبرى امام العلماء تتمثل في وضع تصاميم لأجهزة ذكية متكاملة وفائقة الصغر، بحيث يمكن تثبيتها على ما يشبه رأس دبوس او داخل حبة رز مفردة، وكذلك استخدامها في صناعات مدنية، إضافة الى جعلها قلب نظام الاتصالات الحديثة، كي تؤسس لأجيال المقبلة من الخليوي. وحاز ربيز مكانة مميزة في الأوساط الأكاديمية والعلمية، إذ حصل على درجة الزمالة من «المعهد الدولي لمهندسي الكهرباء»، وعلى جائزة أصغر باحث متميز، التي منحها له الرئيس جورج بوش (الاب) عام 1991، «تقديراً لمساهماته الحيوية في بناء المستقبل العلمي للامة». كما نال «وسام الاستحقاق الذهبي الياباني» للبحوث الدولية لعلوم الراديو، وجائزة «المهندس الأكثر تميّزاً في نظرية الموجات الدقيقة وتقنياتها وتطبيقاتها العملية». ويتولى حالياً منصب خبير استشاري في عدد من شركات صناعة الأجهزة الإلكترونية الدقيقية مثل «كوالكوم» و «إنتل» و «باناسونيك» و «سامسونغ» وغيرها. ألّف ربيز كتاباً عنوانه «آر اف ميمز: النظرية، التصميم والتكنولوجيا»RF MEMS Theory, Design & Technology. ويعتبر الكتاب مرجعاً أساسيا للباحثين والطلاب في مجال الأجهزة الكهربائية - الميكانيكية الدقيقة. ويشرف حالياً على 20 طالب دكتوراه و 5 بحّاثة في مرحلة ما بعد الدكتوراه يعملون في دوائر الموجات الدقيقة والتردّدات اللاسلكية. ونشر ربيز ما يقارب من 350 ورقة علمية متنوّعة.