تأتي زيارات المسؤولين الأميركيين المتعاقبة لتل أبيب، وبينهم وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون ووزير الدفاع ليون بانيتا المُتوقع وصوله الى هناك الأسبوع المقبل، بمثابة محاولة من إدارة الرئيس باراك أوباما لحصد مناخ من الطمأنينة السياسية بين الجانبين، يوفّر عليه مأزقاً انتخابياً في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، وآخر أمنياً في ملفات ساخنة بينها إيران وسورية. وتتمحور زيارة كلينتون للدولة العبرية، حول مصر والحفاظ على العلاقة الاستراتيجية ومعاهدة السلام بين القاهرة وتل أبيب، ويأتي توقيتها قبل أسبوع من زيارة المرشح الجمهوري ميت رومني، وذلك لأسباب محض انتخابية، لتفادي تحويل ورقة إسرائيل أداة ضغط في ايدي الجمهوريين لانتقاد أوباما. ويخطط الجمهوريون لتوظيف زيارة رومني المقررة الأسبوع المقبل، ولقائه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الذي تجمعه به علاقة جيدة منذ تسعينات القرن العشرين، في أهداف انتخابية لاستقطاب الصوت اليهودي الأميركي، وانتقاد أوباما لسببين: الأول عدم زيارته إسرائيل منذ توليه الرئاسة العام 2008، على رغم ذهابه إلى القاهرة وأنقرة، وثانياً لاتهامه بالمجازفة بالعلاقة مع الدولة العبرية ودعوتها صراحة إلى وقف الاستيطان، في بداية جهود عملية السلام. من هنا، يأتي إيفاد كلينتون بمثابة ضربة استباقية، في زيارة هي الأولى منذ 2010، وكونها أحد الوجوه الأكثر قرباً من الناخب اليهودي الأميركي في الولاياتالمتحدة، إذ كانت عضواً في مجلس الشيوخ عن ولاية نيويورك، وبسبب رصيد بيل كلينتون في البيت الأبيض. ويُعتبر الصوت اليهودي - الأميركي حاسماً، سياسياً ومادياً، في الانتخابات الأميركية، وخصوصاً في ولاية فلوريدا التي أوصلت جورج بوش إلى البيت الأبيض العام 2000. وتظهر استطلاعات الرأي تقدّم أوباما على رومني في الوسط اليهودي – الأميركي، بنسبة 59 في المئة في مقابل 27. لكن في هذه النسبة تراجعاً عن نسبة 70 في المئة رافقت صعود أوباما، وتتقاطع أيضاً مع انطلاق مجموعات يهودية أميركية جديدة موالية لإسرائيل، وبثّها حملات إعلانية تنتقد الرئيس الديموقراطي وتجمع تبرعات لخصمه الجمهوري. وسبق زيارة كلينتون، توجّه مستشار الأمن القومي الأميركي توم دونيلون إلى تل أبيب نهاية الأسبوع الماضي، حيث حضر اجتماعات انحصرت في ملفات أمنية، تصدّرها ملفا إيران وسورية. كما يستعدّ بانيتا لزيارة الدولة العبرية الأسبوع المقبل، لمناقشة التعاون الأمني والاستخباراتي وتهدئة مخاوف تل أبيب إزاء المحادثات بين إيران والدول الست المعنية بملفها النووي، وتفادي أي تحرّك عسكري أحادي تنفذه حكومة نتانياهو، وتعارضه واشنطن في الفترة الراهنة. وتعطي المؤشرات الانتخابية الأميركية، قفزة طفيفة لأوباما بمعدل نقطتين في ولايتي فلوريدا وأوهايو. وفي حين أن معدلات النمو المتباطئة في الاقتصاد، ونسبة 8.2 في المئة للبطالة، لا تفيد الرئيس الأميركي انتخابياً، نجحت حملته أخيراً في حشر رومني في الزاوية وزيادة الضغط عليه، ليكشف سجله الضريبي ويوضح التباسات تتصل بإدارته شركة «باين كابيتال» التجارية. ويرفض رومني كشف سجله الضريبي، على رغم دعوات في هذا الشأن وجّهها قياديون جمهوريون بارزون، ولتفادي تضخيم هذا الملف وحرف الأنظار عن الأعباء الاقتصادية في الولاياتالمتحدة. ورجّح مراقبون أن تحوي سجلات رومني، وهو رجل أعمال ثري، تحويلات مالية إلى مصارف في الخارج أو تبرعات قد تؤذيه داخلياً. ويحاول أوباما اللعب على الخط الشعبوي في إعلاناته الانتخابية، من خلال تصوير رومني بوصفه رأسمالياً ثرياً صدّر وظائف إلى الهند والصين، خلال إدارته «باين كابيتال». وأفاد موقع «بلومبرغ» الإخباري بأن رومني قد يسمّي في الأيام المقبلة، مرشحه لمنصب نائب الرئيس، لتحويل الأنظار عن ملفات ضرائبه وسجله في القطاع الخاص. ومن أبرز المرشحين، الحاكم السابق لمينيسوتا تيم بولنتي، وعضوا مجلس الشيوخ روب بورتمان عن أوهايو وماركو روبيو عن فلوريدا، إضافة إلى وزيرة الخارجية السابقة كوندوليزا رايس. ويحتاج رومني إلى شخصية قريبة من الطبقة العاملة والمحافظين، لمساعدته في ولايات الوسط والجنوب الأميركي.