تمركزت آليات مصفحة وناقلات جند أمس بالقرب من دمشق وذلك للمرة الأولى منذ بدء الاضطرابات في سورية قبل 16 شهراً، بحسب ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان وناشطون. وذكرت الهيئة العامة للثورة السورية من ناحيتها أن «حشوداً أمنية وعسكرية اتجهت بعيد السادسة صباحاً إلى حي الميدان في دمشق عبر طريق المتحلق الجنوبي» وتضم شاحنات عسكرية مليئة بالجنود و «ثلاثة مدافع مسحوبة مع العربات ومغطاة بشادر أبيض». وقال نشطاء إن قوات الجيش تريد طرد المعارضين الذين سيطروا على مناطق على مقربة من مؤسسات رئيسية للدولة. وأفاد المرصد السوري «إنها المرة الأولى التي تتواجد فيها آليات مصفحة وناقلات جند في حي الميدان». وأضاف: «في السابق، كانت قوات الأمن تنتشر لقمع التظاهرات. اليوم، هناك جنود يشاركون في القتال». وقال المرصد إن الاشتباكات ما زالت متواصلة منذ صباح أمس في حي الميدان بين القوات النظامية ومقاتلين معارضين، و «تستخدم فيها الأسلحة الرشاشة الخفيفة والمتوسطة». وتابع: «إنها نقلة نوعية في المعارك»، معتبراً أن الاشتباكات في دمشق تحمل «تهديداً واضحاً للنظام وبما أنها تتواصل لساعات وأيام يعني أن الثوار أصبحوا داخل العاصمة». وأضاف: «حين لا تستطيع القوات النظامية السيطرة وترسل الآليات المصفحة، فهذا يدل على ضعف النظام، وعلى حضور قوي للثوار في دمشق». وأوضح أن المقاتلين الذين يواجهون قوات النظام «هم من أبناء المنطقة وليسوا وافدين إليها وبالتالي هم محميون من أهالي المنطقة». وأكد نشطاء إن الاشتباكات العنيفة بين معارضين وقوات الحكومة دفعت المئات إلى الفرار. وأفاد أحد النشطاء مشيراً إلى اثنين من أحياء دمشق «هناك اشتباكات الآن في الميدان والزاهرة. أحرقت سيارتان». وقال ناشط آخر إن أعمال عنف اندلعت أيضاً في حي التضامن بجنوب العاصمة. وأشار المرصد السوري إلى «معلومات أولية عن سقوط شهداء وجرحى في حي الميدان» والى أن «الثوار استولوا على حافلة متوسطة الحجم لقوات الأمن». من ناحيته، قال الناشط أبو عمر من حي الميدان «إنها المرة الأولى التي تدخل فيها مدرعات مجهزة برشاشات ثقيلة إلى حي الميدان». وأضاف إن «حدة القصف ارتفعت بعد الظهر على إحياء أخرى يتواجد فيها الجيش السوري الحر وتشهد اشتباكات لا سابق لها منذ الأحد». وقال: «الشوارع خالية، باستثناء حركة ناقلات الجند والجيش السوري الحر». وقال الناشط أبو مصعب من دمشق في اتصال مع فرانس برس عبر سكايب أن «تكبيرات تتعالى في حي الميدان من بعض المساجد وتترافق مع نداءات «حي على الجهاد». واعتبر أن «15 تموز (يوليو) يسجل منعطفاً في تاريخ الثورة السورية». في المقابل، أفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أن «الجهات المختصة تلاحق مجموعة إرهابية مسلحة في نهر عيشة (في دمشق) فرت (أول من) أمس من حي التضامن» قرب العاصمة. وأشارت إلى أن «عملية الملاحقة أسفرت عن إلحاق خسائر بصفوف المجموعة الإرهابية التي قامت بالأمس بتفجير عبوات ناسفة في حي التضامن». وأشارت «سانا» إلى أن «الجهات المختصة عثرت أمس على سيارة مسروقة تركتها مجموعة إرهابية مسلحة على طريق الفصول الأربعة في داريا، حيث عثر بداخل السيارة على بندقيتين آليتين وتسعة مخازن مملوءة وقنبلة دفاعية وأخرى هجومية وجعب سوداء مع قنبلتين قابلتين للتفجير عن بعد صناعة إسرائيلي». وذكرت صحيفة «الوطن» السورية الخاصة المقربة من السلطة أمس من جهتها أن «الأجهزة الأمنية دأبت بالتعاون مع وحدات الجيش العربي السوري خلال ال48 ساعة الماضية على ضرب مجموعات إرهابية سعت للتمركز والتحصن في عدد من الأحياء الملاصقة لمدينة دمشق مثل التضامن والحجر الأسود ودف الشوك ونهر عيشة والقدم وكفرسوسة استعداداً لما سموها بمعركة دمشق الكبرى». وأضافت إن قوات الأمن والجيش اشتبكت مع عناصر هذه المجموعات «وأوقعت بينهم خسائر فادحة ودمرت عدداً من أوكارهم واستسلم العشرات منهم لقوات حفظ النظام». وروى أحد سكان مدينة جرمانا الواقعة على طريق مطار دمشق الدولي لفرانس برس أنه «لم ينم طيلة الليلة الماضية». وتابع: «كانت هناك ساحة حرب حقيقية أمس، وكانت أصوات القذائف وإطلاق النار تسمع في البلدات الواقعة على طريق المطار حتى ساعات الفجر الأولى». وأشار ناشط إلى أن «عدداً كبيراً من سكان حي التضامن نزحوا منه بحثاً عن ملجأ لدى أقارب لهم» في مناطق مجاورة. وذكرت الهيئة العامة للثورة السورية في بيان أن قوات الأمن أغلقت جميع الطرق المؤدية من الغوطة الشرقية في ريف دمشق إلى العاصمة. فيما قال المرصد السوري إن مدينة قطنا في ريف دمشق تتعرض منذ صباح أمس للقصف من القوات النظامية السورية. وكان يوم أول من أمس شهد «أعنف الاشتباكات» في العاصمة منذ بدء الاضطرابات، شملت حيي التضامن (جنوب العاصمة) وكفرسوسة (غرب العاصمة). وقال ناشطون إن اشتباكات سجلت أمس في حي جوبر في شرق العاصمة. ولا تزال أحياء في مدينة حمص تشهد قصفاً من قوات النظام التي تحاول اقتحامها والسيطرة عليها، يترافق مع اشتباكات عنيفة بين القوات النظامية والجيش السوري الحر، بحسب المرصد وناشطين. في أنحاء البلاد الأخرى، قتل أربعة مقاتلين معارضين في اشتباكات فجر أمس مع القوات النظامية السورية في مدينة جرابلس في محافظة حلب (شمال). كما قتل شاب برصاص قناص في مدينة دير الزور (شرق). أما في إدلب، فأفاد ناشطون عن عمليات كر وفر في الجبل الوسطاني بين الجيش والمنشقين عنه في الجبل الوسطاني في محافظة إدلب. وقال أبو سعيد الملتحي زعيم إحدى مجموعات المنشقين: «مضى شهر ودبابات النظام تحاصرنا في الجبل الوسطاني وإذا كان لا بد من الموت فنحن جاهزون إن شاء الله». من جهته يقول شاب آخر يطلق على نفسه اسم أبو سطيف: «إن الوضع معقد في محافظة إدلب، أحيانا الجيش هو الذي يسيطر وأحياناً أخرى الجيش السوري الحر، أما هنا في الجبل الوسطاني فنحن نسيطر على غالبية المنطقة». وأوقعت أعمال العنف أول من أمس 105 قتلى هم 48 مدنياً و41 جندياً و16 مقاتلاً معارضاً وجنوداً منشقين.