جاء قرار فرض الزي الشرعي (الجلباب والحجاب) على المحاميات في قطاع غزة لينضم الى مجموعة من الاجراءات اتخذتها حركة «حماس» في القطاع في اطار «حملة الفضيلة» التي اقرتها وزارة الاوقاف في الحكومة المقالة. وينص قرار مجلس العدل الاعلى الذي حصلت «الحياة» على نسخة عنه، على ان ترتدي المحاميات لدى ظهورهن امام المحاكم النظامية «كسوة من القماش الاسود المعروف بالروب، وسترة قاتمة اللون المعروفة بالجلباب، وغطاء يحجب الرأس (المنديل)»، وذلك اعتبارا من مطلع الشهر المقبل. ولاقى هذا القرار رفضاً شديداً من نقابة المحامين والمحاميات ومنظمات المجتمع المدني ومنظمات حقوق الانسان، ووصف بأنه غير دستوري او قانوني، في وقت يتهم مفكرون ومثقفون وكتّاب وأكاديميون وحقوقيون «حماس» بأن لديها مشروعاً لفرض احكام متشددة على المجتمع الفلسطيني، إن لم يكن بالضغط والاكراه حالياً، فبالاقناع والارشاد الى أن تتهيأ الظروف لفرضه. وكثر اخيراً في الشارع «الغزي» الحديث عن «حملة الفضيلة» التي باتت تطاول سلوكيات الناس ولباسهم في الاماكن العامة، خصوصا على شاطئ البحر. ويتناول الناس في أحاديثهم اليومية قصصاً كثيرة عن منع الرجال من الاستحمام بجذع عار في البحر، الملاذ الوحيد للغزيين من قيظ الصيف، وكيف يجب أن يكون «الشورت إسلامياً يغطي الساقين حتى أسفل الركبتين»، وكيف تم الاعتداء بالضرب على غير الملتزمين. ويتندر «الغزيون» في جلساتهم على هذه الاجراءات بالقول: «غزة في عهد حماس... شورت وفانيله وحجاب». ومن بين الاحداث ما حصل مع الزميلة الصحافية أسماء الغول عندما حاول رجال من المباحث الجنائية بزي مدني اعتقالها عندما توجهت الى منزل صديقتها وزوجها لتغيير ملابسها، بعدما استحمت في البحر. غير ان تدخل الناطق باسم الحكومة طاهر النونو حال دون اعتقالها، لكن تبين ان تحركاتها كانت مرصودة من المباحث الجنائية. ويتناول الناس ايضا قصة تدخل عدد من رجال الأمن لمنع الاختلاط في فعاليات للأطفال كانت تنظمها جمعية محلية، اضافة الى منع اصحاب المعارض والمحال التجارية من عرض الملابس النسائية، خصوصا الداخلية وغير المحتشمة، على المانيكانات في الواجهات الزجاجية لمحالهم. وتشير المعلومات الى ان بعض هذه الاجراءات رسمي، وبعضها الآخر ناجم عن تصرفات فردية من رجال الشرطة او الامن. وفي هذا الصدد، اقر وزير الأوقاف الدكتور طالب أبو شعر بوجود «حملة الفضيلة التي تحذر الشباب من الرذيلة والسلوكيات الخاطئة والوقوع في خطر ادمان المخدرات والمواقع الاباحية»، وقال ل «الحياة» إن تنفيذ الحملة لا يتم بالاكراه بل «بالدعوة والارشاد من خلال ملصقات وبعض البرامج الاذاعية والمتلفزة بطريقة اقناعية». ونفى أي علاقة لوزارته ب «ممارسة أي اجراءات عملية أو تنفيذية في المجتمع»، في اشارة الى بعض عناصر الأمن ممن يرتدي زياً مدنياً ويتصيد المواطنين. وقال: «لم نطلب من أي جهة تنفيذية اتخاذ خطوات تنفيذية في حق التجاوزات، ونتعاون مع وزارة الداخلية تحت عنوان اعتماد منهج التوعية فقط». وأكد أن «الحكومة لم تلزم المواطنين حملة الفضيلة، بل جاءت في اطار التوعية والارشاد». ويعتقد بعض «منظري» حركة «حماس» أو «مفتييها» أنه آن الآوان لاعلان «مشروع أسلمة المجتمع»، في حين يرى آخرون أن الوقت لم يحن بعد، فيما يعتقد قلة منهم أنه لا لزوم لذلك، وانه لا يمكن أن تقوم دولة «الخلافة الاسلامية» في هذا العصر. ويرى البعض ان لدى بعض مفكري الحركة مشروعاً اسلامياً استراتيجياً ينطلق من غزة وصولا الى اندونيسيا. ويستدل الباحث في حقوق الانسان الكاتب المختص في الشأن الداخلي مصطفى ابراهيم على ذلك بما استمع اليه في خطبة الجمعة من احد شيوخ «حماس». ويروي ابراهيم ان إمام صلاة الجمعة الماضية انهى خطبته بالقول ان «أربعة ملوك حكموا الأرض، اثنان منهم مؤمنان، والآخران كافران، والخامس سيكون إسماعيل هنية بإذن الله». واشار ابراهيم الى ان الخطيب نفسه كان فسر حديث النبي محمد (صلعم) في حجة الوداع عن اخوانه في بيت المقدس واكناف بيت المقدس، بالقول انهم جماعة «الاخوان المسلمين» في فلسطين والتي ولدت من رحمها «حماس»، مضيفاً ان «الاخوان» سيقودون الشعب الفلسطيني إلى النصر والتحرير .