تظاهر عشرات من سكان مدينة غوندام القريبة من تمبكتو شمال غربي مالي، احتجاجاً على سيطرة مسلحين إسلاميين من حركتي «أنصار الدين» و «التوحيد والجهاد» المتحالفتين مع «تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» على منطقتهم، ومحاولتهم فرض تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية فيها. وقال أحد سكان غوندام أن «خرج السكان بأعداد كبيرة للتعبير عن رفضهم لسلطة الإسلاميين الذين جلدوا الخميس الماضي رجلاً اتهموه بارتكاب الزنا، ثم ضربوا بوحشية أول من أمس امرأة غير محجبة، ما أدى أيضاً إلى سقوط طفلها أرضاً، وهو بين الحياة والموت». وكشف موظف في بلدية المدينة أن حشداً من السكان تجمع حول المسجد لمنع الإسلاميين من أداء صلاة الجمعة، وهو ما حصل على رغم إطلاق المسلحين الإسلاميين النار في الهواء لترهيب المتظاهرين. وأعقب ذلك جمع الإسلاميين أئمة المساجد، وتهديدهم باستبدالهم في حال لم يلقوا «خطباً مناسبة» بدءاً من الأول من شهر رمضان المبارك (المتوقع أن يبدأ في 19 أو 20 الشهر الجاري). في غضون ذلك، أكد وزير الدفاع الفرنسي جان ايف لو دريان أمس، ضرورة «استعادة وحدة أراضي مالي» والتصدي للجماعات المسلحة التي تحتل شماله. وقال لإذاعة «فرانس انتر»: «الوضع مقلق جداً في مجمل الساحل الأفريقي وليس فقط شمال مالي الذي لا بدّ من إعادته إلى كنف الدولة، ما يعني أيضاً ضرورة تشكيل حكومة وحدة وطنية في العاصمة باماكو لضمان الهدوء الممهد لاستعادة أراضي مالي، وبسط الحكومة تدريجياً نفوذها عليها مجدداً». ودعا لو دريان المجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي إلى الاستجابة لقرار الأممالمتحدة استعادة أمن كل المنطقة»، مقراً بأن «الأمر معقد جداً وربما خطير جداً للمستقبل، لأن خطر الإرهاب كبير، لكن الانتشار الأفريقي ضروري في أي حال، مع دعم فرنسا وأوروبا». وتعد مجموعة دول غرب أفريقيا منذ فترة لإرسال قوة عسكرية محتملة تضم 3 آلاف رجل لمساعدة الجيش المالي في استعادة شمال البلاد، في وقت تواصل التفاوض مع الجماعات المسلحة بوساطة من بوركينا فاسو. لكن إرسال القوات يتطلب تقديم السلطات الانتقالية في باماكو طلباً رسمياً، فيما تطلب مجموعة غرب أفريقية تفويضاً من الأممالمتحدة من دون أن تحصل عليه حتى الآن. وقال رمضان العمامرة، مفوض الأمن والسلم في الاتحاد الأفريقي، إن الدول الأفريقية تعطي أولوية لإيجاد حل سياسي سلمي لأزمة مالي، لكن التدخل العسكري يبقى الخيار الأخير». واقترح رئيس وزراء مالي الشيخ موديبو ديارا خلال لقائه الرئيس المالي بالوكالة ديونكوندا تراوري في باريس، حيث يخضع لعلاج منذ 23 أيار (مايو) من جروح خطرة أصيب بها في اعتداء تعرض له في 21 الشهر ذاته، «الانفتاح على كل القوى الحية في البلاد من خلال هندسة حكومة مناسبة» تشكل أحد مطالب مجموعة دول غرب أفريقيا الذي تعتبره شرطاً مسبقاً أساسياً لاستعادة شمال مالي. وعرض أيضاً نيل مساعدة المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا في تعزيز قدرات قوات الدفاع والأمن المالية في إنجاز مهماتها وواجباتها. على صعيد آخر، أعلن مصدر أمني جزائري إطلاق الديبلوماسيين الجزائريين السبعة جميعهم الذين خطفهم متمردون إسلاميون في شمال مالي في مدينة غاو نيسان (أبريل)، ما يمكن أن يخفف حدة التوتر على طول الحدود المضطربة.