«إنتاج لقاح مصري مئة في المئة لمقاومة فيروس إنفلونزا الطيور، يعد خطوة مهمة نحو تأكيد أهمية البحث العلمي في النهوض بمصر». هذا ما أعلنته وزيرة البحث العلمي والتكنولوجيا المصرية الدكتورة نادية زخاري، خلال مؤتمر صحافي عُقد أخيراً في القاهرة. وقالت زخاري: «إنفلونزا الطيور تسببت في تدمير ثروة الدواجن في مصر، ما أدى إلى ارتفاع أسعارها. واستدعى الأمر إنتاج مصل مصري لمقاومة المرض». وأوضح الدكتور أشرف شعلان رئيس «المركز القومي للبحوث» أن العمل على هذا المصل استمر 6 سنوات. وأشار إلى أن الفريق البحثي الذي عمل على إنتاج المصل قدّم منتجه إلى أكثر من جهة منذ العام 2008 إلا أنه لم تكن هناك رغبة في إنتاج هذا اللقاح محلياً والاستغناء عن المستورد الذي يدر أرباحاً باهظة على الشركات. وأضاف أنه بعد «ثورة25 يناير»، حضّر علماء المركز اللقاح، وصنّعوه بالتعاون مع إحدى شركات القطاع الخاص، لتباع الألف جرعة منه ب 305 جنيهات (نحو 50 دولاراً)، ما يقلّ كثيراً عن سعر اللقاح المستورد. وأضاف: «في هذه الفترة كان الفريق البحثي المصري برئاسة الدكتور محمد أحمد علي، يتعاون مع فريق بحثي أميركي في مستشفى «سان جود»، حيث يوجد المعمل الأكبر للإنفلونزا عالمياً. وتمكن الفريق المصري من الحصول على فيروس «آتش1 آن1» H1N1 في طريقة مكّنته من التحكّم بالجينات المُكوّنة للفيروس. وأوضح شعلان أن الخطوة التالية تمثّلت في إجراء اختبارات عدّة على اللقاح للتأكد من قدرة تركيبته على تحفيز الجهاز المناعي للدواجن كي ينتج أجساماً مناعية مضادة لسلالات متنوّعة من فيروس «آتش1 آن1» المُسبّب لإنفلونزا الطيور. وسُجّل المنتج المصري كبراءة اختراع للفريق، كما وُضِع التركيب الجيني الذي اعتُمد أثناء صنع اللقاح في البنك الدولي للجينات». وأصبحت لدى مصر تكنولوجيا تصنيع لقاحات لإنفلونزا الطيور، بحيث يصنع لقاح يتناسب مع التغيّر المحتمل في سلالات فيروس هذه الإنفلونزا. وأضاف شعلان أن مصر أصبحت الدولة الأولى في عدد بؤر انتشار المرض، إضافة إلى أنها جاءت في المرتبة الأولى في حالات الإصابة البشرية بالمرض، وكذلك حالات الوفاة كنتيجة طبيعية لذلك. ولفت إلى أن الفيروس تسبب في نفوق 60 مليون دجاجة وفقاً لإحصاءات رسمية، إضافة إلى ما أُعدِم من دون الإعلان عنه، والذي ربما فاق الإحصاءات الرسمية. وأكد شعلان أن مصر تحتاج قرابة 1.5 بليون جرعة من هذا اللقاح، فيما الإنتاج لا يتجاوز نصف بليون جرعة، ما يعني عدم تصديره في الوقت الحالي. وأشار إلى أن اللقاح المستورد كان يعطي نتائج بنسبة من 20 إلى 30 في المئة على أفضل تقدير، وذلك لاختلاف البيئة والعوامل الأخرى. وقال: «ما ينفع للوقاية في أندونيسيا لا ينفع في مصر، مع العلم أن هذا الفيروس ليس ثابتاً وتغير من سنة إلى أخرى، وهنا تأتي أهمية إنتاج لقاح مصري مئة في المئة حتى نستطيع أن نغير المصل عند التغيير في التركيب الجيني للفيروس، وهذا ليس متوافراً في استيراد اللقاح. وفي السياق عينه، أوضح الدكتور أسامه سليم رئيس مجلس إدارة «الهيئة العامة للخدمات البيطرية» أن ما تعرضت له ثروة الدواجن من تدمير جاء نتيجة لاستيراد لقاحات من الخارج غير قادرة على الحدّ من خطورة المرض بدرجة كافية. وأشار سليم إلى أن مصر لا تعاني مرض إنفلونزا الطيور وحده، بل هناك أمراض عدة تتسبب في تدمير الثروة الحيوانية، لافتاً إلى أن الفترة المقبلة سوف تشهد اعتماداً كاملاً على المركز القومي للبحوث في إنتاج اللقاحات في مواجهة الأمراض والأوبئة. وشدد سليم على أن 60 في المئة من الأمراض التي تصيب الثروة الحيوانيه تنتقل إلى الإنسان وهو ما يتطلب ضرورة وجود لقاح لحماية المواطن أيضاً.