وصف رئيس الإعمار والتخطيط في حكومة بغداد المحلية (البلدية)، محمد الربيعي، مساعي الحكومة إلى تحويل الأراضي الزراعية في العاصمة إلى سكنية بأنه «غير مدروس»، متهماً جهات سياسية بالضغط على أصحاب القرار لتحقيق منافع مالية. وأكدت أمانة العاصمة أن «لجنة حكومية شُكلت لتحويل الأراضي الزراعية إلى سكنية». ويعاني العراق عموماً وبغداد خصوصاً، أزمة حادة في السكن وارتفاعاً غير مسبوق في أسعار العقارات والإيجارات، إذ تجاوز سعر المتر الواحد في منطقة الكاظمية ببغداد ستة آلاف دولار، وقفز سعر المتر في بعض مناطق كربلاء والنجف الدينيتين إلى 40 ألف دولار. ايجارات مرتفعة وقال أحمد عباس العجيلي ل «الحياة» إنه أجبِر على شراء 100 متر مربع في أراضٍ زراعية في منطقة الكريعات بسعر 92 مليون دينار عراقي (80 ألف دولار)، لأنه لم يعد يتحمل دفع إيجار شهري بلغ مليون دينار، في حين لا يتجاوز راتبه الشهري وراتب زوجته 1000 دولار. وشهدت بغداد بعد 2003 تجاوزاً لتصميمها الأساسي عبر شطر المنازل وتحويل مساحات من البساتين المحيطة بها إلى أراضٍ سكنية. وأكد مدير التخطيط العمراني للعاصمة محمد الربيعي ل «الحياة» وجود 42 حيّاً سكنياً أنشئ في شكل عشوائي غير قانوني في بغداد، واعتبرها تجاوزاً للتصميم الأساسي. وكان مجلس الوزراء قرر نهاية حزيران (يونيو) الماضي تشكيل لجنة حكومية من وزارات تتولى دراسة إمكان تحويل الأراضي الزراعية إلى سكنية، وفق ضوابط محددة. وأضاف الربيعي أن «مشرّعي هذه القرارات لا يعلمون العواقب الوخيمة التي ستلحق بالتصميم الأساسي للعاصمة، ناهيك عن الأضرار الأخرى المتعلقة بالبيئة»، مؤكداً أن «ما نسبته 60 في المئة من حزام بغداد الأخضر يعاني تعديات، ما زاد من العواصف الترابية، وحتى في الأيام غير العاصفة، يمكن ملاحظة الجو المغبر للمدينة». واتهم الربيعي أطرافاً بمحاولة الاستفادة من قطاع العقارات لتحقيق أرباح مالية كبيرة، مشيراً إلى أن «البعض ممن يمتلكون نفوذاً في الدولة حرصوا طيلة السنوات الخمس الماضية على شراء بساتين وأراضٍ زراعية بمساحات شاسعة، ثم باشروا الضغط على الجهات صاحبة القرار لاستحصال موافقات بتحويل نوع العقار من زراعي إلى سكني وقسّموا الأراضي إلى وحدات عشوائية صغيرة لا تتجاوز مساحة إحداها 100 متر مربعاً، وباعوها بأسعار مرتفعة، محققين أرباحاً تبلغ 500 في المئة أحياناً». رؤية غير واضحة وقالت عضو لجنة الإعمار والخدمات البرلمانية سهاد العبيدي ل «الحياة» إن «الحكومة لا تملك رؤية واضحة في شأن ما تخطط له أو تريد فعله، فهي تسعى إلى تقليل الضغط على مركز العاصمة والبدء بمشاريع سكنية في الضواحي، وتخطط لنقل المجمعات الصناعية إلى خارجها». وأردفت أن «هذه المساعي تتناقض وأفعال الحكومة، فهي وافقت على إعطاء رخصة بناء للوحدات المجتزأة، وتسعى إلى تحويل عقارات من زراعية إلى سكنية». وتشكل مساحة العاصمة بغداد ما نسبته واحداً في المئة من مساحة العراق، ويقطنها أكثر من ثمانية ملايين نسمة، أي ثلث سكان البلد، ما يجعلها من أكثر مدن العراق كثافة سكانية. وسبق أن أعلنت أمانة بغداد اختيارها قائمة تضم ست شركات محلية وعالمية لإعداد المتطلبات الفنّية والتعاقدية لمشروع تحديث واستكمال الخريطة الأساسية للعاصمة، وإعداد قاعدة بيانات ملحقة باستخدام تقنيات حديثة للاستثمار من بعد. وضمّت قائمة الشركات المختارة «ستنكرا» الفرنسية و «لانكَن» الأميركية، و«المزاورة» العراقية، و «خطيب وعلمي» اللبنانية، و «إعمار» الإماراتية، ومكتب «الاستشارات العلمية والهندسية» في الجامعة التكنولوجية العراقية.