في وقت تنتشر انعكاسات أزمة ديون اليورو بقوة في العالم، ثمة سيناريوات محتملة لمصير نظام النقد الدولي بحلول عام 2030، ستقررها خيارات السياسات الخاصة بالعملات الإقليمية الأساس، أي اليورو والدولار واليوان، وفق تقرير صدر في اسطنبول عن «المنتدى الاقتصادي العالمي»، بالتعاون مع «ديلويت». ولفت التقرير وعنوانه «غموض يلف اليورو، والدولار، واليوان: سيناريوات محتملة لمستقبل نظام النقد الدولي»، إلى أن الاستقرار النقدي الدولي عرضة للخطر نظراً إلى حال الغموض التي تلف أدوار هذه العملات المستقبلية على المستوى الدولي، ونظراً إلى الخيارات السياسية لكل منها، والتي قد تبدّل جذرياً المسارات العالمية للتجارة وحركة رؤوس الأموال. تطوير مطلوب وأوضح الشريك المسؤول عن قطاع الخدمات المالية في «ديلويت الشرق الأوسط» جوزف الفضل أن «النظام النقدي الدولي الحالي الذي يعتمد على الدولار في حاجة إلى التطوير، فالعالم يتحول نحو نظام نقدي متعدد الأقطاب يرتكز على اليورو والدولار واليوان، وتحتاج كل من هذه العملات إلى تعديلات داخلية ضرورية تحد من دورها الدولي المستقبلي». وأظهر التقرير أن منطقة اليورو تتمتع ببنية ضعيفة على صعيد الحوكمة، فيما تكافح الولاياتالمتحدة في وضعية ضريبية غير واضحة، وستضطر الصين إلى حل نقاط ضعف منهجية تشوب نظامها الضريبي في حال أرادت لليوان أن يكتسب مستوى عالمياً. وقدّم ثلاثة سيناريوات معقولة ومختلفة لنظام النقد العالمي، الأول يتمثل في العودة إلى النزعة الإقليمية، أي أن تبقى التحديات المالية غير معالجة في الولاياتالمتحدة ومنطقة اليورو حيث يحوّل صانعو القرارات اهتمامهم إلى المسائل الداخلية؛ ويشهد النمو العالمي المتباطئ وانخفاض الطلب على الصادرات صعوبة لجهة إجراء التعديلات على نموذج النمو الصيني، ما يؤدي إلى إبطاء الإصلاحات الاقتصادية؛ فتنخفض التدفقات التجارية والمالية مع زيادة تركيز الدول على الروابط الاقتصادية الإقليمية. أما السيناريو الثاني فينص على «التوازن في مجموعة الاثنين»، ويرتكز على تفكك تدريجي للاتحاد النقدي الأوروبي نتيجة الجمود السياسي وزيادة الركود والاختلال في التوازن بين مجموعة الدولتين «جي 2»، أي الولاياتالمتحدة والصين، والضغوطات المتزايدة التي تفرضها نسبة الاستهلاك المتزايدة في الولاياتالمتحدة ونمو الاقتصاد الاستهلاكي في الصين على الموارد الطبيعية. والسيناريو الثالث هو خلق توافق في عالم يعمل بسرعتين. ووفقاً لذلك، ومع نجاح أوروبا في إصلاح حوكمتها الاقتصادية وبروزها كاتحاد مالي، تركّز الأسواق على الوضع المالي غير المستدام في الولاياتالمتحدة. وتواصل الصين، متسلّحة بالنمو القوي الذي تشهده، استخدام عملتها الرنمينبي (السام المحلي لليوان) بفاعلية للتجارة في الأسواق الناشئة، ما يؤدي إلى ظهور نظام نقدي بديل يكون الرنمينبي أساسه، وتبرز أسئلة حول سُبل إيجاد التوافق في هذا العالم الذي يعمل بسرعتين مختلفتين. وأشارت رئيسة قسم التوقعات الاستراتيجية في «المنتدى الاقتصادي العالمي» كريستل فان دير إيلست إلى أن «حال الغموض التي تلف العملات تشكّل مصدر قلق متزايد للشركات، نظراً إلى الاندماج السريع للتجارة العالمية وتدفقات رأس المال في العقود الأخيرة، ما جعل الروابط بين أجزاء الاقتصاد العالمي أكثر أهمية لتحقيق الازدهار العالمي، في حين أنها تجعل نظام النقد العالمي والعملات الدولية الأساس التي يرتكز عليها هذا النظام أكثر هشاشة».