بعد ساعات من توزيع روسيا على أعضاء مجلس الأمن الدولي مشروعَ قرار حول سورية يقضي بمد بعثة مراقبي الأممالمتحدة ثلاثة أشهر اخرى بهدف العمل لإيجاد حل سياسي للصراع، لكنه لا يلمح إلى عقوبات أو الفصل السابع لميثاق الاممالمتحدة، أعلن الناطق باسم الخارجية الفرنسية برنار فاليرو، أن مشروع القرار الروسي «دون التوقعات الدولية»، وأضاف أنه «من الضروري نقل السلطات التنفيذية كافة إلى هيئة حكومية انتقالية، كما لا بد من ان تتوقف أعمال العنف ويبدأ انسحاب قوات الامن السورية والأسلحة الثقيلة من المدن، ووقف القمع الذي تمارسه السلطات ضد المعارضة السلمية». وذكّر فاليرو برغبة فرنسا بالتوصل إلى «قرار لمجلس الامن بموجب الفصل السابع في شرعة الاممالمتحدة»، مما يفسح في المجال امام تبني عقوبات ضد سورية واللجوء الى القوة كحل أخير. وفي تكرار لتكتيك استخدمته في طرح مسوّدة القرار رقم 2043 في نيسان (أبريل) الماضي في مجلس الأمن، استبقت روسيا جلسة الاستماع إلى المبعوث الخاص المشترك الى سورية كوفي أنان امس، وأي تحرك غربي في ضوئها، وطرحت مشروع قرار على مجلس الأمن ليلة اول من امس. وقوبل مشروع القرار الروسي بتحفظات غربية قوية وفورية، باعتباره «لا يتضمن أي ضغوط فعلية على من لا يتقيد بتطبيق خطة المبعوث الخاص المشترك كوفي أنان وقرارات مجلس الأمن»، وفق ديبلوماسي غربي في مجلس الأمن. وإذ لم يتضمن مشروع القرار أي إشارة الى عقوبات أو تهديد بعقوبات أو إجراءات تحت الفصل السابع، فقد نص على تمديد ولاية بعثة الأممالمتحدة للمراقبة في سورية «أنسميس» ثلاثة أشهر مع «قدرات مراقبة عسكرية». كما أكد مشروع القرار الروسي دعم تطبيق خطة أنان والإعلان الختامي لمجموعة العمل من أجل سورية وقرارات مجلس الأمن، لكنه لم يتضمن أي تحذير أو تهديد الى من لا يتقيد بتطبيقها. وقال ديبلوماسي غربي في مجلس الأمن، إن مشروع القرار الروسي «يمدد عمل بعثة المراقبين، ولكنه يجب أن يتضمن بعض الضغط الفعلي على الأطراف». وأضاف أن «هدف نشر بعثة أنسميس هو ضمان تطبيق خطة انان وقراري مجلس الأمن 2042 و2043، وليس الهدف نشر البعثة وحسب». وشدد على أن مجلس الأمن سيحتاج الى معالجة الوضع في سورية بطريقة أكثر شمولية». وشدد على ضرورة عدم «فصل تمديد ولاية بعثة المراقبين الدولية عن السياق السياسي العام المتعلق بالأزمة السورية». وطلب مشروع القرار الروسي من الحكومة والمعارضة في سورية «البدء فوراً في تطبيق» خطة انان والتوصيات من اجل مرحلة انتقالية كما تم تحديدها خلال اجتماع مجموعة العمل حول سورية في 30 حزيران (يونيو) في جنيف. وخلال الاجتماع، اتفقت الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن على اقتراح يقوم على تشكيل حكومة انتقالية في سورية لكن من دون التحدث بوضوح عن رحيل الرئيس السوري بشار الاسد. وبعد الاجتماع، اختلف اعضاء مجموعة العمل حول تفسير الاتفاق، حيث اعتبرت الولاياتالمتحدة انه يمهد الطريق أمام مرحلة «ما بعد الأسد»، فيما أكدت روسيا والصين مجدداً انه يعود للسوريين تحديد مستقبلهم. ورداً على الانتقادات، قال نائب السفير الروسي في الأممالمتحدة ألكسندر بانكين، إن قراراً بموجب الفصل السابع «سيكون ضاراً» بما سماه «موقفاً حرجاً». واضاف قوله: «لا ذكر للفصل السابع (في مشروع القرار الروسي) وهذه مسألة مبدئية في نظرنا لأننا نعتقد ان المبعوث الخاص يقوم بجهد يستحق الثناء». وقال بانكين لرويترز: «انه (مشروع القرار) استمرار للمهمة مع وضع توصيات الأمين العام في الاعتبار». وكان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أوصى بتحويل تركيز مهمة الأممالمتحدة في سورية من المراقبين العسكريين الذين أوقفوا معظم أنشطتهم لمراقبة الهدنة في 16 من حزيران (يونيو) بسبب تزايد المخاطر مع اشتداد العنف إلى موظفين مدنيين مئة بالمئة تقريباً ينصبّ اهتمامهم على العمل لإيجاد حل سياسي وقضايا مثل حقوق الإنسان. وفي إطار هذا الخيار، ستبقي مهمة الأممالمتحدة على تفويضها الحالي لما يصل إلى 300 مراقب أعزل، لكنها ستحتاج إلى عدد أقل كثيراً لمساندة محور التركيز الجديد. ولا يحدد مشروع القرار الروسي عدد أفراد المهمة، لكنه «يشدد على الحاجة إلى ان يكون لدى مهمة الأممالمتحدة في سورية قدرات مراقبين عسكريين لإجراء عمليات فعالة للتحقق وتقصي الحقائق». ويدعو المشروع أيضاً «الأطراف السورية جميعاً إلى ضمان سلامة أفراد مهمة الأممالمتحدة دون مساس بحريتها في التحرك والوصول»، ويشدد على أن «المسؤولية الرئيسية في هذا الشأن تقع على كاهل السلطات السورية». ويجب على مجلس الأمن المنقسم على نفسه ان يحدد مستقبل بعثة المراقبين قبل حلول 20 من تموز (يوليو) موعد انقضاء تفويضها الأولي الذي يمتد 90 يوماً. أبرز فقرات المشروع الروسي في مشروع قرار انتقدته دول غربية بالفعل، وزعت روسيا بين أعضاء مجلس الأمن مشروع قرار يقضي بتمديد مهمة الأممالمتحدة في سورية ثلاثة أشهر حتى يمكنها تحويل التركيز من مراقبة الالتزام بهدنة لا وجود لها إلى العمل لإيجاد حل سياسي للصراع. وهنا ترجمة غير رسمية لأبرز فقرات مشروع القرار الروسي: «مجلس الأمن» يؤكد دعم المبعوث الخاص المشترك كوفي أنان وخطته ذات النقاط الست والمقرة بقرارت مجلس الأمن؛ ويرحب بالإعلان الختامي لمجموعة العمل من أجل سورية ويدعو كل الدول والأطراف السوريين الى تطبيقه كاملاً؛ ويدين انتهاكات حقوق الإنسان الواسعة النطاق من السلطات السورية، وكذلك أي انتهاكات لحقوق الإنسان من المجموعات المسلحة، مذكِّراً بأن المسؤولين عنها سيخضعون الى المحاسبة، ويعبر عن استعداده لتمديد ولاية بعثة الأممالمتحدة للمراقبة في سورية-أنسميس؛ ويؤكد التزامه القوي سيادة سورية واستقلالها ووحدة أراضيها وسلامتها، وأهداف ومبادئ ميثاق الأممالمتحدة؛ 1. يقرر تمديد ولاية أنسميس ثلاثة أشهر آخذاً في الاعتبار توصيات الأمين العام للأمم المتحدة المتضمَّنة في الفقرتين 67 و71 من تقريره، ويشدد على الحاجة الى أن يكون لأنسميس قدرات مراقبة عسكرية لتنفذ تحققاً فعالاً وأعمال تقصي الحقائق؛ 2. ويدعو كل الأطراف السوريين الى ضمان سلامة عناصر أنسميس من دون أي إعاقة لحرية تحركهم ويشدد على أن المسؤولية الأساسية في ذلك تقع على السلطات السورية؛ 3. ويحض كل الأطراف السوريين بقوة على الوقف الفوري لكل العنف المسلح بكل أشكاله؛ 4. ويؤكد دعمه ويدعو الى تطبيق عاجل وشامل وفوري لكل عناصر خطة المبعوث والإعلان الختامي لمجموعة العمل من أجل سورية؛ 5. ويحض حكومة سورية والمجموعات المعارضة على البدء بتطبيق مندرجات الإعلان الختامي بما فيه المبادئ والنقاط العامة حول العملية الانتقالية التي يقودها السوريون، ويشدد على أنه يعود الى الشعب السوري أن يجد حلاً سياسياً، وأن الأطراف السوريين يجب أن يكونوا مستعدين لتعيين مفاوضين فعالين ومتوافق عليهم للعمل مع المبعوث الخاص المشترك نحو تسوية يقودها السوريون؛ 6. ويحض كل الدول على العمل بروح الإعلان الختامي (لمجموعة العمل) والتعاون بنية جيدة مع المبعوث الخاص المشترك في جهوده لتسهيل عملية انتقال سياسي يقودها السوريون؛ 7. ويعبر عن قلقه من تدهور الوضع الإنساني في سورية بما فيه نمو أعداد اللاجئين والنازحين داخل البلاد وفي الدول المجاورة؛ 8. ويحض كل الأطراف السوريين على ضمان وصول إنساني كامل وغير معوِّق للعاملين الإنسانيين ويكرر دعوته هؤلاء الى مراقبة الهدنة الإنسانية الضرورية للتأكد من إجلاء المدنيين من المناطق المتأثرة بالقتال؛ 9. ويطلب من الأمين العام أن يقدم تقريراً فورياً الى مجلس الأمن عند وجود أي عائق لعمل بعثة أنسميس من أي طرف أتى؛ 10. ويعبر عن اعتزامه تقويم تطبيق هذا القرار وإلى دراسة خطوات إضافية وفق ما هو مناسب».