ظهرت أخيراً بوادر ضعف في تأمين تدفقات نقدية قادرة على تلبية الطلب المتنامي لتمويل المشاريع الرئيسة للبنية التحتية في الشرق الأوسط، ولكن قطاع البناء لا يزال يعيش حالة من التفاؤل نظراً إلى مستوى النمو في عدد المشاريع وحجمها، وذلك وفقاً لمسح أجرته شركة «بي دبليو سي» شمل المشاريع الرئيسة للبنية التحتية في المنطقة. وأشار التقرير الشهري عن البنية التحتية الذي تصدره شركة «الهلال للمشاريع»، إلى أن «75 في المئة من المشاركين في الاستطلاع، بينهم مطوري العقارات والمقاولين وأصحاب المشاريع في المنطقة، توقعوا ارتفاعاً في حجم تمويل مشاريع البنية التحتية والمشاريع الرئيسة خلال السنة المقبلة نتيجة بعض الأحداث العالمية المنتظر استضافتها في المنطقة، مثل معرض اكسبو الدولي 2020 في دبي، وتنظيم بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022 في قطر». وأضاف: «على رغم حال التفاؤل السائدة، إلا أن الواضح أن السوق التمويلية غير قادرة على مواكبة الطلب، ما أثر بالفعل على عمليات تسليم المشاريع، مشيراً إلى أن «مشاريع 95 في المئة من المستطلعين تأخرت، بينما أكد 45 في المئة منهم أن مدة التأخير ستتجاوز ستة أشهر». وقال الخبير في المشاريع الرئيسة والبنية التحتية في الشرق الأوسط لدى «بي دبليو سي» ستيفن أندرسون: «على رغم أن الاستطلاع يظهر حالة عامة من التفاؤل، إلا أن أزمة في القدرة على الاستيعاب وتلبية الطلب قد تلوح في الأفق، ما يؤثر في عملية تسليم المشاريع، وبدأت النتائج المترتبة تظهر بالفعل، وبدأنا نشهد مزيداً من التأخير في تنفيذ المشاريع قيد التنفيذ». ولفت التقرير إلى أن «قيمة صفقات الاندماج والاستحواذ سجلت في الربع الثاني من السنة أعلى مستوياتها منذ بداية عام 2011، وفقاً لبيانات «تومسون رويترز». وارتفعت صفقات الاندماج والاستحواذ الصادرة من الشرق الأوسط 83 في المئة مقارنة بالفترة ذاتها عام 2013، إلى 7.6 بليون دولار، بينما تراجعت الصفقات الواردة 19 في المئة إلى 1.3 بليون. وشكلت صفقات الاندماج والاستحواذ القطرية في الخارج 46 في المئة من إجمالي العمليات الصادرة من الشرق الأوسط خلال الأشهر الستة الأولى من السنة. وكان نشاط الصفقات في الربع الثاني قوياً وبلغت قيمتها 14 بليون دولار، وهي أعلى قيمة فصلية تسجل منذ الربع الأول عام 2011، كما أنها أكثر ب2.5 مرة من قيمة الصفقات في الربع السابق. وأضاف تقرير «الهلال للمشاريع» أن «دول مجلس التعاون الخليجي ستعزز جهودها في الأشهر الستة المقبلة للمضي قدماً في تنفيذ خطط البنية التحتية، مع توجه الحكومات نحو تنويع اقتصاداتها بعيداً عن النفط». وتوقع «ارتفاع إجمالي قيمة مشاريع البناء الممنوحة في منطقة الخليج 22 في المئة هذه السنة إلى 195.67 بليون دولار، يتركز معظمها في السعودية والإمارات. وأشارت تقديرات إلى أن قيمة المشاريع التي ستُمنح في السعودية هذه السنة بلغت 69.62 بليون دولار، تليها الإمارات ب47.16 بليون، وفقاً لتقرير صادر عن «فنتشرز» الشرق الأوسط. وفي الوقت الذي ستستمر فيه السعودية والإمارات في الهيمنة على هذا القطاع، يُتوقع أن تسجل الكويت النمو الأكبر مع ارتفاع قيمة المشاريع الممنوحة نحو 150 في المئة إلى 27.7 بليون دولار. ولفت التقرير إلى أن «الطلب المتنامي على الطاقة يساهم في تعزيز الإنفاق على البنية التحتية في المنطقة، حيث تحتاج السعودية إلى إنفاق 526 بليون ريال (140.3 بليون دولار) لتوليد الطاقة الكهربائية ومشاريع النقل والتوزيع، وذلك وفقاً لتقرير صادر عن هيئة تنظيم الكهرباء والإنتاج المزدوج في المملكة». ويتوقع أن تبلغ كلفة خدمات الكهرباء 335 بليون ريال عامي 2009 و2020، ونحو 121 بليوناً لعمليات النقل، و70 بليوناً لخدمات التوزيع. ورجح «استمرار المشاريع العملاقة في دبي بتصدر عناوين الصحف لبعض الوقت، حيث أعلنت الإمارة عن خططها لبناء مول العالم عبر شركة دبي القابضة، وهو أكبر مركز تسوق في العالم، بهدف تعزيز مستويات الاقتصاد السياحي». وتخطط قطر لإنفاق نحو 205 بلايين دولار لتطوير البنية التحتية بحلول عام 2018، وفقاً لما أعلن بنك قطر الوطني، الذي يعد أكبر ممول في قطر، في وقت سابق هذه السنة. وعلى رغم تحمل الحكومة القطرية جزءاً كبيراً من موازنة تمويل المشاريع التطويرية، إلا أن هذه المشاريع تحتاج مزيداً من الدعم من مستثمرين محليين أو دوليين. وأوردت مجلة «ميد» أن سلسلة من المشاريع الإنشائية لعدد من مراكز التسوق في الدوحة والتابعة للقطاع الخاص ما زالت في مراحلها الأولى. وفي ظل اتجاه القطاع الخاص نحو تطوير بنية اقتصادية متينة، فإن العديد من المستثمرين القطريين يسعون للمضي قدماً ووضع خطط مستقبلية لإنشاء المزيد من مراكز التسوق، ما من شأنه أن يوفر دعامة مهمة للاقتصاد المحلي. وكخطوة أولية في هذا المجال، عُيّنت شركة «هيل إنترناشيونال»، التي تتخذ من الولاياتالمتحدة الأميركية مقراً، للعمل على إدارة مشروع «بوليفارد مول» في الدوحة. وفي أيار (مايو) الماضي منحت الشركة القائمة على مشروع مركز «الدوحة فيستيفال سيتي» للتسوق عقداً ب453 مليون دولار لتحالف شركات محلية يضم كل من «شركة الخليج للمقاولات» و»أليك قطر» لإنجاز المرحلة الثانية من المشروع.