ترى.. ما الذي تخبئه العباءة؟ وماذا تبقي من تجاعيد السنين خلف برقع؟ ماذا تبقي من شيمة الأولين.. وكرم الأيادي؟ ماذا بقي من حنين الماضي؟ في أرض تسفعها «الريح».. وناحية يختالها «الخوف».. على رغم ذلك.. ستعبران أيتها الجدتان.. ومن زمن اللحظة الغابرة.. ليصبح المكان خطة مغامرة.. وعلى رغم الجراحات.. ستكونان غريبتين ببرقع وعباءة.. وستكونان معلماً في غابة متسوقين.. يتهافتون من نواحي الأرض.. فهكذا هو «الزيت».. حين يقامر بأطراف الأرض البعيدة.. فتصير مزاراً ومركزاً. كحبات لؤلؤ تنتثر.. ما بين نضج الإجادة.. واشتهاء الناظرين.. قديماً.. خرجت هذه «اللقم» من بيت خوص على قارعة طريق السفن.. توقد ناره جذوة من حنين.. ويدٌ كريمة، تلقي عجين الأمهات في زيت الأسلاف.. علّ الرائحة تقول للغرباء: «هذا بيتنا».. وهذا عجين أمي.. هنا وُلِدْنا.. وهنا آفاق زيتنا.. هنا وجدناه.. قبل أن تقدحوا ناركم من أحشاء أرضنا. من حنين اللقمة القديمة، أتيتِ.. يا مرآة النَفَس المبارك... بارك الله يدك... فما زالت برغم صدفة تحولات «الجيولوجيا» منجزة تصنع لقمة هنية ك «عافية».. بروح فارهة، ويدٍ نصف مسترخية.. أكرم الله بها أفواه من طلبوا لذة «العتيد»، وروح اليد الطيبة. ولتتسع أحداق الكون، فتنغرس في بساطة «الشهية».. ستمضي بك الحياة في جنبات هذه السوق.. يمر بك الغرباء.. لتقولي لهم بدهشةٍ وحزنٍ: هذه بقيتي والماضي الذي حملته.. ولكنهم لا يسمعون.. لأن بلاهة العصرنة تحملهم غارقين في ضجيج أخلاط من روائح التوابل، وصهيل الفولاذ إذ تجلده رياح «الخليج». [email protected]