اربيل، السليمانية - أ ف ب، رويترز - للمرة الاولى منذ عقود تمكنت قائمة من المنشقين عن حزب الرئيس العراقي جلال طالباني، خاضت حملتها الانتخابية تحت عنوان محاربة الفساد، من زعزعة الهيمنة التقليدية للحزبين الكبيرين في اقليم كردستان الذي يتمتع بحكم ذاتي موسع، فيما شكت قائمتان معارضتان من انتهاكات واسعة النطاق في الانتخابات التي أجريت السبت، لكن المفوضية العليا للانتخابات أعلنت ان التصويت صحيح الى حد بعيد. وقال مسؤول رفيع في قائمة «التغيير» بزعامة نوشيروان مصطفى، الرجل الثاني سابقاً في قيادة «الاتحاد الوطني الكردستاني» بزعامة الرئيس العراقي، ان اللائحة «حصلت على خمسين في المئة من الاصوات في محافظة السليمانية»، معقل طالباني، كما «نالت 22 في المئة في اربيل». وأضاف رافضاً كشف اسمه «هذا يعني اننا حصلنا على 19 مقعداً من اصل 38 مخصصة للسليمانية، و9 مقاعد في اربيل، اي 28 مقعداً» من اصل 111 من مقاعد البرلمان. يشار الى ان مطصفى انشق عن «الاتحاد الوطني» في كانون الاول (ديسمبر) 2006، وما لبثت مجموعات اخرى مؤيدة لتوجهاته ان لحقت به. الى ذلك، أعلن المصدر ان المرشح الى انتخابات رئاسة الاقليم كمال ميراودلي تفوق على زعيم «الحزب الديموقراطي الكردستاني» مسعود بارزاني في محافظة السليمانية. من جهته، قال مصدر في قائمة «الخدمات والاصلاح» التي تضم اربعة احزب اسلامية ويسارية انها ستحصل على 17 مقعداً، وهو العدد الذي تشغله حالياً، بينها 15 للاسلاميين. وبالتالي، فإن المعارضة ستشغل حوالى 45 مقعداً في البرلمان المقبل. ولم يكن ممكناً التأكد من ذلك من المفوضية العليا المستقلة للانتخابات. من جهة اخرى، أكدت مصادر في «الحزب الديموقراطي» حصول القائمة «الكردستانية» على نسبة 59 في المئة من الاصوات في محافظات الاقليم الثلاث، اربيل والسليمانية ودهوك. وتضم «الكردستانية» الحزبين الكرديين الرئيسيين «الاتحاد الوطني» و «الحزب الديموقراطي». وأضافت المصادر ان النتائج الاولية تؤكد ان قائمة «التغيير» تحل ثانياً. وفي حال تأكدت هذه النتائج، ستحظى قائمة «الكردستانية» بعدد مقاعد يتراوح بين 53 و55 مقعداً بالاضافة الى 11 مقعداً مخصصة للاقليات من تركمان ومسيحيين متحالفين تقليدياً مع بارزاني. وأوضحت مصادر «الحزب الديموقراطي» ان «التصويت الخاص لم يفرز بعد، وكله من قوات الأمن والبشمركة والسجناء والمرضى والكوادر الطبية، الامر الذي قد يغير المعادلة لمصلحة القائمة الكردستانية». وسجلت المشاركة على مستوى الاقليم ما نسبته 78.5 في المئة بينما يبلغ عدد الناخبين اكثر من مليونين ونصف المليون. وقال ممثلون عن الاحزاب المشاركة في العمل مع المفوضية في عمليات العد والفرز ان «القائمة الكردستانية تأتي في المقدمة في محافظتي اربيل ودهوك» اللتين تشكلان المعقل التقليدي ل «الحزب الديموقراطي». وأضافت المصادر ان «قائمة التغيير تأتي في المرتبة الثانية في اربيل فيما حلت قائمة «الخدمات والاصلاح» في المرتبة الثانية في دهوك». وتنافس بارزاني لتجديد ولايته مع اربعة مرشحين آخرين خلال اول انتخابات رئاسية تجري بواسطة الاقتراع العام المباشر. من جهتها، قالت حمدية الحسيني مديرة الدائرة الانتخابية في المفوضية العليا للانتخابات لوكالة «فرانس برس» ان «بإمكان ممثلي الاحزاب معرفة النتائج الأولية». وأشارت الى ان «النتائج النهائية ستصدر من بغداد» بعد ايام قليلة. بدوره، قال هوكر شتو، منسق برامج شبكة «شمس» لمراقبة الانتخابات ان «النتائج الاولية تؤكد ولادة حكومة قوية الى جانب معارضة قوية». وأضاف شتو، الذي نشرت شبكته «شمس» 2500 مراقب في جميع مناطق اقليم كردستان، ان «القائمة الكردستانية ستحصل على مقاعد كافية لتشكيل الحكومة كما ان قائمة التغيير ستحصل على مقاعد لتشكل معارضة قوية داخل البرلمان». واعتبر شتو ان «نتائج الانتخابات تعبّر عن الواقع الذي كان موجوداً وتأتي مماثلة لتوقعات المواطنين». وكانت القائمتان المعارضتان «التغيير» و «الخدمات والاصلاح» اشتكتا مساء السبت من حصول انتهاكات واسعة في الانتخابات. وذكرت قائمة «التغيير» في بيان ان السلطات نفذت «خطة مدبرة لتغيير النتائج لمصلحتها»، فيما ذكرت قائمة «الخدمات والاصلاح» انه «بدأت بعد الظهر (السبت) حملة انتهاكات بتعليمات من مسؤولين من الحزب الحاكم في مراكز التصويت في جميع البلدات». وأعلن رئيس المفوضية العليا للانتخابات فرج الحيدري ان «العملية الانتخابية نجحت في شكل كبير وأجريت بشفافية وانسيابية ومن دون مشاكل كبيرة». وأضاف ان «النتائج الاولية ستعلن في الاقليم بعد ثلاثة ايام». وذكرت المفوضية في بيان انها ستحقق في الشكاوى التي قدمت في شكل رسمي في شأن حدوث انتهاكات، وأبلغت الصحافيين مساء السبت ان التصويت كان خالياً من الانتهاكات الى حد بعيد. لكنها ذكرت ان بارزاني خرق قاعدة تتعلق بالموعد النهائي للحملات الانتخابية بالتحدث الى الصحافيين بعد التصويت. ووصف المسؤول في المفوضية قاسم ساجت هذا الخرق بأنه «ليس مهماً، بل في غاية البساطة وليس له تأثير في الانتخابات». ويتهم منتقدون الحكومة الاقليمية الكردية بأنها تعاني من فساد رسمي متفش على نطاق واسع وانتهاكات من قوات الامن وترهيب وسائل الاعلام وتهيئة مناخ يخنق المعارضة.