من مشكلات مصر الأزلية أن من يمسك بزمام السلطة لا يتركها بسهولة. يشعر وكأنه مثل أجداده الفراعنة يجب أن يظل حاكماً حتى الموت، لا يدرك بأن الزمن تغير وجاءت أجيال غير أجيال الماضي، وأن خلع الديكتاتور أسهل من طاعته! التلفزيون الرسمي المصري يتعامل مع الشعب على اعتبار أننا ما زلنا نعيش في عصر الحمام الزاجل، له مذاق خاص في نقل الأخبار بضبابية وتشويه للحقائق، الأدهى أنهم يعتقدون أن الناس تستقي الأخبار منه. يبدو أن مسؤولي التلفزيون لا يعلمون بوجود الفضائيات الإخبارية العربية. في صغري كانت الكلمات تتشابه، فاعتقدت أن المؤسسات الوطنية هي نفسها مؤسسات الحزب الوطني (المنحل حالياً)، وعندما كبرت وجدت هذه حقيقة وليس تشابه كلمات فقط. وصف الأشياء ونسبتها للوطن كان الخطأ. أحد فلول الحزب الحاكم سابقاً في مصر له قناة فضائية. يطل على شاشتها كل ليلة ليغرق المشاهدين في بحر من الضحك والسخرية على كل ما يقوله. يصف نفسه بالإعلامي، وأحياناً يتقمص شخصية رجل استخبارات أو داعية إسلامي أو مفكر سياسي، وهكذا أكد ذات مرة أنه سيهاجر إلى ألمانيا إذا فاز مرسي بالرئاسة. لا أعرف ما الذنب الذي اقترفه الألمان كي يهاجر إلى بلادهم؟! في الواقع هذا الإعلامي هو الوحيد القادر على سد الفجوة في الكوميديا الساخرة التي أحدثها القذافي برحيله! فأنا لم أجد شخصاً يضاهي القذافي في تناوله للموضوعات مثلما فعل الدكتور «تيفا»! لا في ثقافتنا المصرية ولا في ديننا - سواء الإسلام أو المسيحية أو أي ديانة سماوية - ولا في تقاليدنا التي تربينا عليها، أتحدث هنا عن الدفاع المستميت الذي يظهره كثيرون من الإعلاميين هذه الأيام دفاعاً عن البكيني والخمور والرقص بحجة تأثير ذلك في السياحة، بعد تسلّم إسلامي رئاسة مصر. لنأخذ من دول عربية وإسلامية في مكافحة ذلك مثالاً ناجحاً نقتدي به. بالمناسبة عندما نسافر إلى أي بلد أوروبي فإننا نلتزم بتقاليد البلد وعاداته، نحن مجبرون على أن نحترم قوانينهم، فلماذا لا يحترم السياح قوانين بلادنا أيضاً؟ هل مبدأ التعامل بالمثل لا يطبق إلا في دنيا الديبلوماسية فقط؟!