انطلاق مهرجان الفعاليات الشتوية في الساحل والبرك.. و3 أشهر على واجهة عسير البحرية    حرس الحدود بمنطقة مكة ينقذ مواطنيْن تعطلت واسطتهما البحرية في عرض البحر    هيئة التأمين تبين منافع وثيقة التأمين على العيوب الخفية لحماية المشاريع الإنشائية وضمان جودتها    مؤشر سوق الأسهم السعودية يغلق منخفضًا عند مستوى 12069 نقطة    طلائع الجسر البري الإغاثي السعودي لمساعدة الشعب السوري تعبر منفذ جابر الأردني    نهائي السوبر الإيطالي .. انعقاد المؤتمر الصحفي لمدربي إنتر ميلان وإي سي ميلان    «عِلم» تُطلق هويتها المطورة وتتميز بعناصرها الثلاثة الرئيسية «الإنسان - الطموح - التقنية»    إحباط تهريب 12 كلجم من الحشيش و240 كلجم من القات و28050 قرصا خاضعًا لتنظيم التداول الطبي    إنقاذ حياة خمسيني بإعادة بناء جدار القفص الصدري الأمامي    عاصفة ثلجية تضرب ولايات الساحل الشرقي الأمريكي    أمير القصيم ييتفقد المرافق البلدية والخدمية شمال مدينة بريدة    جمعية المساجد بالزلفي تُحدث نقلة نوعية في مشاريع بناء المساجد بتطبيق كود البناء السعودي    جمعية تحفيظ القرآن الكريم بشقراء تكرم الفائزين بجائزة الجميح بأكثر من 100 ألف ريال    الأمير محمد بن سلمان يهنئ ملك البحرين وأمير وولي عهد الكويت    اضطرابات في حركة الطيران بألمانيا نتيجة سوء الأحوال الجوية والثلوج    سعود بن نايف يستقبل سفير جمهورية السودان ومدير جوازات المنطقة الشرقية    أمانة الشرقية تنهي سلسلة من المشاريع التطويرية في 2024    المرور : استخدام "الجوال" يتصدّر مسببات الحوادث المرورية في الجوف    رئيس وأعضاء لجنة أهالي البكيرية يشكرون أمير القصيم على رعايته "يوم الوفاء السابع"    فتح باب التطوع للراغبين في إغاثة الأشقاء بسوريا    قوات الاحتلال الإسرائيلي تعتقل شابين وتداهم منازل في الخليل    مستشفى الشرائع في انتظار التشغيل.. المبنى جاهز    هل تصبح خطوط موضة أزياء المرأة تقنية ؟    5 تصرفات يومية قد تتلف قلبك    فاتح ينطلق مع الشباب بمواجهتي الفيحاء والأهلي    أرض العُلا    «عون الحرم».. 46 ألف مستفيد من ذوي الإعاقة    «البرتقالي» يكمل مسارات «قطار الرياض»    البحرين بطلاً لكأس «خليجي 26»    إسطبل أبناء الملك عبدالله يتزعم الأبطال بثلاث كؤوس    الداخلية أكدت العقوبات المشددة.. ضبط 19541 مخالفًا لأنظمة الإقامة وأمن الحدود    جمعية «صواب» بجازان تسيّر أولى رحلات العمرة ل«40» متعافياً من الإدمان    4,494 حقيبة إيوائية لقطاع غزة    وفاة والدة الأمير الوليد بن طلال بن عبدالعزيز آل سعود    في الجولة 15 من دوري" يلو".. العربي في مواجهة الصفا.. والباطن في ضيافة العدالة    المهرجانات الشتوية.. إقبال متزايد على الفعاليات المتنوعة    الصندوق الثقافي يعزز قدرات رواد الأعمال في قطاع الأزياء    زيارة وفد الإدارة الجديدة للرياض.. تقدير مكانة المملكة ودعمها لاستقرار سوريا وتطلعات شعبها    استشاري ل«عكاظ»: 5 نقاط مهمة في كلاسيكو كأس الملك    انطلاق ملتقى دعاة «الشؤون الإسلامية» في نيجيريا    الكذب على النفس    القيادة تعزي الرئيس الأمريكي في ضحايا الحادث الإرهابي الذي وقع في مدينة نيو أورليانز    «911» تلقى 2,606,195 اتصالاً في 12 شهراً    «تليغرام» يتيح التحقق من الحسابات بتحديث جديد    مخلفات العنب تعزز علاجات السرطان    الإنسان الواقعي في العالم الافتراضي    مشكلات بعض القضاة ما زالت حاضرة    الفاشية.. إرهاب سياسي كبير !    الأسهم السعودية تشهد أداء متباينا خلال 2024    المرأة السعودية من التعليم إلى التمكين    تأخر المرأة في الزواج.. هل هو مشكلة !    القيادة التربوية نحو التمكين    البرد لم يمنع نانسي ورامي من رومانسية البوب    ظلموه.. فمن ينصفه؟    حركية المجتمع بحركية القرار    كيف تُخمد الشائعات؟    2.6 مليون اتصال للطوارئ الموحد    الكلية الأمنية تنظّم مشروع «السير الطويل» بمعهد التدريب النسائي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل من حل سياسي في سورية؟!...
نشر في الحياة يوم 05 - 07 - 2012

فشلت المبادرة العربية، ولم ينفذ بند واحد من خطة كوفي أنان، مثلما لن يتأخر الوقت حتى يلقى مؤتمر جنيف لمجموعة الاتصال حول سورية المصير نفسه.
نجاح الحل السياسي المقترح للصراع الدائر في سورية يتطلب واحد من احتمالين، إما قبول الأطراف الداخلية المعنية به وأولها وأكثرها تأثيراً، النظام السوري، قبولاً جدياً يضع الحل موضع التنفيذ، وإما، في حال تعذر ذلك، أن تتكفل قوى خارجية بإكراه النظام على ذلك، عبر استخدام مختلف الضغوط، السياسية والاقتصادية من دون استبعاد القوة العسكرية أو التلويح بها.
لا يدل المشهد السوري، حتى اليوم، على وجود فرصة لأحد الاحتمالين، فالنظام ليس بوارد التراجع خطوة واحدة عن خياره الأمني والعسكري، بل يتضح للعيان وبعد خمسة عشر شهراً من تجريب مختلف وسائل القمع بأن لغة القوة والعنف وسياسة التدمير والتنكيل هي اللغة السائدة، بل هي خياره الوحيد للحفاظ على سلطته ولسحق ما يعتبره مجموعات مسلحة متآمرة، بخاصة أنه خير من يعرف مخاطر السير في الطريق السياسي ويدرك أن الدخول في أجواء هذه اللعبة سوف يقضي على ما تبقى من مظاهر هيبته وقوته، ويفضي خلال فترة قصيرة إلى تفكيك بطانته وتعديل سريع في توازن القوى شعبياً ولنقل إلى حضور كثيف للناس في الساحات لتقرر مصيرها.
«لا للحل السياسي» هي عبارة تكثف موقف السلطة السورية الحقيقي، ليس فقط بسبب بنيتها المعجونة بمنطق القهر والغلبة، بل لإدراك بعض رجالاتها بأنهم وصلوا إلى نقطة اللاعودة، وإنهم بعد ما ارتكبوه يخوضون معركة حياة أو موت، والأهم لأنها تستند إلى اطمئنان خارجي مزدوج، من الحلفاء والأعداء على حد سواء، فهي مطمئنة بأن مصالح أصدقائها لن تسمح لهم بتركها وحيدة في الميدان، فموقف ايران وأنصارها في لبنان والعراق واضحة بما يكفي لتجعل النظام متيقناً بأنه ضرب من المحال التفريط به أو بموقعه لأنه تفريط بما راكمته إيران من نفوذ طيلة عقود. أما روسيا فقد تمثلت درس ليبيا جيداً وتخوض غمار صراع دولي دفاعاً عن النظام كي تحسن أوراقها التفاوضية ومن دون أن لا تخسر آخر موقع نفوذ لها في المشرق العربي.
وبديهي أن تذهب إيران إلى آخر الشوط وتدفع موقفها إلى النهاية، لكن تبدو روسيا أقرب إلى البحث عن مخرج سياسي، فهي تتحسب من الغرق في الملف السوري، وتزداد حرجاً من الأوضاع المأسوية التي تخلفها آلة الدمار وتمادي النظام في القتل والتنكيل، ومع ذلك تبقى موسكو حريصة على أن لا يتجاوز جديدها السقف الذي يفقدها التحكم بخيوط اللعبة، فهي تعرف الحجم المتواضع لتأثيرها على النظام السوري وحدود قدرتها لإجباره على قبول تسوية سياسية، بخاصة إن تضمنت تنحية الرئيس السوري.
صحيح أن روسيا دخلت بقوة على الخط السوري وبدت صاحبة القرار في أهم المنعطفات لكنها تبقى عاجزة عن فرض موقفها على النظام، ويصح القول إن الكلمات التي يكررها الاعلام الرسمي عن رفض الرضوخ لأية حلول تفرض من الخارج تعني موسكو أيضاً كما تعني غيرها.
من جهة أخرى يبدو النظام مطمئناً أيضاً إلى السياسات الغربية التي لا تزال مترددة وتحجم عن الدخول بقوة على الصراع السوري كما في ليبيا واليمن، والأسباب متعددة، منها التحسب من ردود أفعال أطراف المحور الإيراني الداعمة للنظام، ومن حسابات التكلفة في بلد لا يمتلك موارد للتعويض، ومنها تفهم الهموم الإسرائيلية وخشيتها من وصول سلطة جديدة إلى الحكم في سورية تهدد أمنها واستقرار المنطقة، عوضاً عن سلطة خبرتها جيداً وأظهرت وفاء بعهودها، ولا يمكن هنا إغفال الوقت الضائع قبل الانتخابات الأميركية، لجهة حرص أوباما على دخول مرحلة التجديد من دون التباسات قد يجرها التصعيد في سورية، أو لجهة الفائدة من تأخير المعالجة السياسية لاستنزاف النظام وحليفه الإيراني أطول مدة ممكنة.
الاطمئنان المزدوج يقفل باب السياسة ويطلق أيادي النظام قمعاً وتنكيلاً ويزيد إصراره على الحسم العسكري، وآخر دليل توظيف حادثة إسقاط الطائرة التركية لتأكيد جدوى المواجهة وللاستهزاء بالتصريحات النارية لغير مسؤول تركي أو غربي وللسخرية من المجتمع الدولي العاجز عن الرد والتدخل.
ويبقى أن استمرار الثورة هو العامل الحاسم في فتح طريق المعالجة السياسية، فعجز النظام عن محاصرتها وكسر شوكتها سيزيد من تفكك مؤسساته وآلته الحربية وأعداد المنشقين واتساع المناطق التي تخرج عن السيطرة، ومن حصول تحول نوعي في موقف الفئات السلبية، وما سيعطي هذه الظواهر أبعادها السياسية، تنامي فاعلية قوى المعارضة التي تخطو هذه الأيام خطوات جدية نحو رص صفوفها أو على الأقل توحيد إيقاع سياساتها وممارساتها.
وهنا لا يغيب عن البال احتمال حصول تغير في موقف بعض أطراف السلطة، فالفشل في إخماد الاحتجاجات، وحالة الإنهاك للقوى العسكرية والأمنية، وتسارع التدهور الاقتصادي، وتصاعد حدة الضغوط العربية والدولية الراغبة في مخرج سياسي، يمكن أن تفضي إلى تبلور قوى من داخل تركيبة النظام نفسه تزداد قناعة بعجز الحل الأمني وبضرورة المعالجة السياسية، وتتنطح بداية ربما للمنازعة والمشاركة في اتخاذ القرارات ثم المبادرة عند اللزوم لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
تكرار المشهد السوري المأسوي لم يعد ممكناً، ولم يعد الهامش أمام النخبة الحاكمة واسعاً كي تتصرف بحرية وتتصدى للاحتجاجات بكل ما تملكه من وسائل قهر وتدمير، متكئة إلى ردود أفعال بطيئة ومترددة ولا ترقى إلى مستوى الحدث ومعاناة الشعب السوري، مثلما لم تعد بعيدة لحظة سقوط أوهام العقل الأمني ولنقل لحظة إدراكه بلا جدوى هذا العنف والتنكيل البربري وبأنه قد يزيد التكلفة والأثمان، وربما يؤخر موعد الخلاص، لكنه آتٍ على أية حال. 
* كاتب سوري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.