ندد إمام المسجد الحرام، بسفك الدماء «في فلسطين وغزة وبلاد الشام في المجازر الجماعية، وجرائم الحرب ضد الإنسانية الذين يتعرضون لها، من دون وازع ديني أو إنساني أو أخلاقي، حتى أصبح للإرهاب أشكالاً مختلفة، كل ذلك يحدث تحت سمع وبصر المجتمع الدولي بكل مؤسساته ومنظماته، مما يخشى معه أن يوجد ذلك جيلاً لا يؤمن إلا بالعنف والإرهاب وصراع الحضارات»، داعياً إلى أن الحاجة أصبحت «ملحة إلى وضع ميثاق شرف عالمي يؤدي فيه القادة والعلماء رسالتهم، ويضبط الشباب فيه فكرهم، ويضبط فيه مسار الإعلام الجديد». وقال الشيخ عبدالرحمن السديس في خطبة الجمعة بالمسجد الحرام في مكةالمكرمة: «إن التاريخ يعيد نفسه، وكما لم تسلم خير القرون من نزغات الشياطين، فظهرت أول بدعة في الإسلام في نهاية الخلافة الراشدة فإن فئة من الخوالف ساروا على درب أسلافهم ممن قصرت أفهامهم وطاشت أحلامهم، ففهموا النصوص الشرعية فهماً خاطئاً مخالفاً لفهم الصحابة والسلف الصالح، فشوهوا صورة الإسلام بنقائه وصفائه وإنسانيته، وانحرفوا بأفعالهم عن سماحته ووسطيته». وأضاف: «إن الغيورين من أهل الإيمان ليعجبوا من هؤلاء لأشباههم، يسلكون طرائق الباطل وينهلون من مشارب البطش، أرخصت لديهم الأعمار فقامت بسفك الدماء وقتل الأبرياء وجلب الدمار وإلحاق العار والشنار وخراب الأوطان والإساءة إلى خلاصة الشرائع والأديان». وتابع: «هذه الدعوات التي تستهدف المجتمع الإسلامي عامة، وتختطف عقول الشباب خاصة ليس وراءها إلا هدم المجتمع وتفككه وإحلال أمنه واستقراره، والمصطلحات الشرعية التي يستخدمها هؤلاء لجر شبابنا إلى الويلات باتت واضحة مكشوفة الأهداف لكل ذي عين».وطالب إمام الحرم، العلماء والأئمة بأن «يستنهضوا العزائم والهمم، ويطرحوا عن أنفسهم التواني والصمت والوهن، وأن يقولوا كلمة الحق من دون مواربة، لا يخشون في الله لومه لائم، ويرسخوا العقيدة الإيمانية لدى النشء والأجيال في تمازح الوحدة الدينية واللحمة الوطنية وفق الضوابط الشرعية والمقاصدية، والوقوف صفاً واحداً في وجه كل من يحاول اختطاف وتشويه الإسلام». وأكد أن «من سنن الله الكونية الشرعية ما يكون بين الحق والباطل من نزاع، وبين الهدى والضلال من صراع، ولكلٍ أنصار وأتباع، وذادة أشياع، وكلما سمق الحق وازداد تلألؤاً واتضاحاً، ازداد الباطل ضراوة وافتضاحاً، وهكذا بعد المحن المطوحة والصروف الدهم المصوحة يذهب النور بذيول أهل الفجور». وتابع: «فلا تسل عبر التاريخ عن فعال أهل الكفر الشنعاء أو رزايا التتار الشعواء أو بلايا المغول البواء أو فتنة القرامطة الدهياء الذين سعوا لقمع أهل الإسلام وغيرهم سلفاً وخلفاً ممن ضحت الخضراء والغبراء لجرمهم الكفور وحقدهم الطامي بالفجور والشرور، كل أولئك وغيرهم أين آثارهم؟ لقد بادوا بعد أن عاثوا في الأرض وأبادوا وكادوا للمسلمين ما كادوا، فلم يتخذهم التاريخ إلا مثالاً قاتماً للطغيان الغشوم، وصمد دين الله في شموخه وإبائه وعزته وعلائه، وسيدوم بإذن الله».