في منطقة «طبربور» الشعبية في العاصمة الأردنية عمان، يخيم الحزن والوجوم على عائلة الأردني من أصل فلسطيني وأحد مسؤولي حركة «حماس» الأمنيين كمال غنّاجة، الذي اغتيل في ظروف غامضة الثلثاء الماضي، بعد تعرضه للتعذيب في منزله بضاحية قدسيا في دمشق. وشكل خبر وفاة غنّاجة واسمه الحركي «أبو مجاهد نزار» صدمة لقيادات «حماس»، الذين تجمعوا في سرادق أمام منزل فقيدهم وهم يزورون الأردن منذ أيام بناء على دعوة وجهها لهم في وقت سابق العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني. قبل ذلك، كان الآلاف من أنصار «حماس» وجماعة «الإخوان المسلمين» في الأردن يشيعون جثمان غناجة إلى مثواه الأخير، يتقدمه رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» خالد مشعل، الذي أصر على المشاركة في حمل الجثمان وسط حراسات مشددة وفرتها له الحكومة الأردنية. مصادر رفيعة المستوى في الحركة حماس تحدثت ل «الحياة» عن اللحظات الأخيرة التي عاشها رجل كان يفضل البقاء بعيداً عن الأضواء، عن التفاصيل الكاملة لاغتيال واحد من مسؤوليها الأمنيين. وقال أحدهم: «إن أبو مجاهد كان أحد المسؤولين في الجهاز الأمني التابع للحركة». وأضاف: «أن مهام هذا الجهاز كثيرة ولا نستطيع التحدث عنها علانية لكنها تبدأ بتوفير الحماية الشخصية لقيادات الصف الأول وتنتهي بجمع المعلومات والتحريات الأمنية عن الكيان الصهيوني». معلومات مؤكدة حصلت عليها «الحياة» من مصادر أردنية، أشارت إلى أن غنّاجة حاول العودة إلى المملكة من سورية قبل أسبوعين من اغتياله لكن سلطات الأمن الأردنية منعت دخوله، وطلبت منه العودة من حيث أتى من دون إبداء الأسباب. ولفتت إلى أن غنّاجة كان معنياً إلى وقت معين بالبقاء داخل سورية مع مجموعة من «ضباط الارتباط» التابعين للحركة، للحفاظ على تواجد «خفي» في المدن السورية، تضمن من خلاله العودة إلى حاضنتها الرئيسية دمشق فور استقرار الأوضاع. وقالت مصادر «حماس»، «بدأت القصة حينما اختفى غنّاجة بشكل مفاجئ، عقب اتصال هاتفي أجراه مع زوجته المقيمة في عمان عصر يوم الاغتيال». وتابعت: «واحد فقط من أبناء الحركة الموجودين في سورية كان على علم بالمكان الذي يقيم فيه غنّاجة، وهو منزله الذي تملكه في وقت سابق بضاحية قدسيا». وأضافت المصادر: «بعد محاولات عدة فوجئ الإخوة المعنيين بأحد جيرانه يرد على هاتفه النقال، مؤكداً لهم بأنه ومجموعة من رفاقه اقتحموا منزل غنّاجة بعدما اشتموا رائحة حريق تفوح من داخله، حيث قاموا بإطفاء النيران من دون أن يجدوا أحداً في المنزل». هذا الاتصال دفع كوادر حماس إلى التحرك فوراً إلى منزل غنّاجة للبحث عن أية آثار تدلهم عليه، لكن من دون جدوى، كما كُلف فريق بالبحث عنه في الأماكن التي كان يتردد عليها في دمشق، لكن أثره فقد بالكامل». بعدها «قرر فريق البحث العودة إلى المنزل للبحث مرة أخرى، وبالصدفة التفت أحدهم إلى مستودع في إحدى الغرف، وسرعان ما فوجئ بجزء من ملابس غنّاجة تظهر من خلال باب العليّة الصغير، وتبين أن غناجة مقتول وملقى بين أكوام من الكراتين الورقية القديمة». ونفت المصادر أنباء أشارت إلى أن غنّاجة كان مقطوع الرأس، قائلة: «كانت على جسده آثار تعذيب واحتراق وصعق بالكهرباء». ولم تستبعد المصادر أن يكون «موساد» هو الذي يقف وراء اغتياله، لكن مصادر مقربة من «حماس» أن يكون الاغتيال تم على يد موالين للنظام السوري، كرد انتقامي على موقف «حماس» من الأحداث في سورية، وعدم تأييدها النظام. وقال خالد مشعل ل «الحياة»، إن الحركة «ما زالت تتابع تفاصيل الوفاة، والواضح فيها الحرق وربما شي آخر سنتحقق منه خلال الأيام المقبلة لكن بلا شك إن استشهاد عنّاجة خسارة كبيرة لقادة حماس وكوادرها». وفي حين اتهمت لجان التنسيق المحلية السورية النظام باغتيال غنّاجة، وذكرت في بيان سابق أن «قوات النظام وشبيحته اغتالت أحد قياديي حماس»، مشيرة إلى أن منفذي الجريمة «عذبوه حتى الموت»، وأدرجت ما حصل في إطار «إشعال نار الفتنة بين السوريين والفلسطينيين».