يتوقَّع على نطاق واسع في مصر عودة الاستقرار وزيادة معدلات التدفقات الاستثمارية المباشرة في المدى القصير بعد انتهاء استحقاق الانتخابات الرئاسية بسلاسة نسبية وإعلان مرشح الإخوان المسلمين محمد مرسي رئيساً، لكن خبراء حذروا من استمرار التصنيف الائتماني للبلاد عند مستويات منخفضة في حال سادت عملية الانتقال السياسي الجارية أجواء غامضة أو أبدت المؤسسات الدستورية تخبطاً أو عجزاً. وقال نائب رئيس «الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار» محسن عادل: «في المرحلة الانتقالية بين نظام قديم ونظام جديد تكون التكلفة الاقتصادية عالية»، موضحاً «أن مشكلات مصر الاقتصادية نوعان: قريبة الأجل وبعيدة الأجل». وحذّر من تطبيق حلول لمشكلات الأجل القريب تنتج أضراراً أو زيادة في مشكلات الأجل البعيد، «إذ لا يمكن أن تستمر الحكومة في الاقتراض من المصارف المحلية إلى ما لا نهاية». وأضاف عادل «أن الأوضاع الأمنية كانت سبباً في تأخر الكثير من الشركات الأجنبية في تنفيذ خططها وضخ استثمارات إضافية»، لافتاً إلى «أن الاقتصاد المصري قادر على التصدي للأزمات المالية، ولا بد من وجود تيسيرات حكومية كبيرة لفتح الباب أمام المستثمرين». وتابع أن تطبيق المصرف المركزي المصري قواعد الرقابة والحوكمة وقواعد «بازل 2» في المصارف المصرية أدى إلى حفظ القطاع المصرفي من أية اهتزازات. ونفى ما يردده البعض حول هروب الاستثمارات، لافتاً إلى «أن الاستثمارات نوعان: سريع وبعيد الأجل، فالسريع هو الذي خرج من مصر، وحجمه لم يكن بسيطاً وشكّل أحد أسباب انخفاض الاحتياط المصري، لكنه خرج بسلاسة ويمكن أن يعود بسرعة أيضاً، وهو ما بدأ يحدث خلال المدة الماضية، إذ استعادت البورصة خسائرها». وزاد أن القطاع المصرفي لم يضع أية عقبات أو معوقات لخروج أرباح المستثمرين إلى الخارج، ما أعطى ثقة كبيرة للمستثمرين بأن لا قيود على تحركات رأس المال. ولفت إلى أن مصر خطت خطوات واسعة نحو الاستقرار، ما يعطي الثقة للمستثمرين الأجانب. البورصة وأفاد رئيس البورصة المصرية محمد عمران بأن المرحلة المقبلة تتطلب أن يلتف الجميع حول الرئيس المنتخب، ما يتطلب تعيين حكومة في أسرع وقت والاهتمام بالملف الاقتصادي بصورة خاصة. وأشار إلى رد فعل البورصة وصعودها القوي لليوم الثالث على التوالي بعد إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية، في أعلى ارتفاع بالنسبة المئوية منذ الثاني من شباط (فبراير) 2003، متجاوزة مستوى 4500 نقطة. وأوضح أن أداء البورصة المصرية «سجل رد فعل طيباً بعد إعلان النتائج الخاصة بالانتخابات الرئاسية». وأكد «أن الأخبار الجيدة والنتائج الإيجابية للعلمية السياسية تؤثر إيجاباً في أداء البورصة التي تستجيب إيجاباً وسلباً إلى التطورات السياسية». وكان الإعلان عن هوية الرئيس المنتخب الأحد ساهم في ارتفاع مؤشرات البورصة المصرية أياماً متتالية، لتصل إلى أعلى مستويات في تسع سنوات، الأمر الذي أوجد حالاً من التفاؤل بين المتعاملين في البورصة خصوصاً والمستثمرين في القطاعات الاقتصادية ككل. وأكد أستاذ الاقتصاد الدولي والقانون الدستوري عزت محمد الزعويلي حتمية تحسن الوضع الاقتصادي في مصر بعد الإعلان عن فوز مرسي بالرئاسة، مشيراً إلى تقرير للبنك الدولي بعنوان «الآفاق الاقتصادية العالمية»، توقع تحسّن الاقتصاد المصري خلال الفترة القريبة المقبلة، خصوصاً بعد استقرار الوضع السياسي، ليسجل نسبة نمو تصل إلى 4.1 في المئة لعام 2012 كله، ويرتفع إلى 6.4 في المئة سنوياً بدءاً من عام 2014. وأفادت خبيرة الاقتصاد العالمي والعلاقات الدولية غادة بشر بأن الشركات الأجنبية، بعد سنة من العنف والفوضى السياسية والاقتصادية، كانت تتطلع بترقب إلى انتخابات الرئاسة وتنتظر الآن تشكيل حكومة متماسكة ومستقرة. وتوقعت أن يعمل الرئيس المنتخب على تشكيل حكومة ائتلافية إصلاحية، يقودها الإخوان المسلمون، الذين يدعمون أيضاً الليبرالية الاقتصادية، مشيرة إلى أن تلك السياسات الاقتصادية ستحقق نتائج باهرة إذا نفِّذت في الشكل الصحيح.