أثار تسليم الحكومة التونسية الأحد البغدادي المحمودي (67 سنة) إلى ليبيا غضب الرئاسة التونسية التي اتهمت رئيس الوزراء التونسي ب «تجاوز صلاحياته». وقالت الحكومة التونسية برئاسة حمادي الجبالي الأمين العام ل «حركة النهضة» الإسلامية، إن تسليم آخر رئيس وزراء في عهد معمر القذافي جاء بعد «الاطلاع على تقرير اللجنة التونسية الموفدة إلى طرابلس لمعاينة شروط توافر المحاكمة العادلة للمواطن البغدادي المحمودي، وبناء على تعهدات الحكومة الليبية بضمان حماية البغدادي المحمودي من كل تعد مادي أو معنوي وتجاوز مخالف لحقوق الإنسان». وأضافت أن التسليم يستند إلى حكمين قضائيين صدرا في تونس العام الماضي. وسرعان ما نددت الرئاسة التونسية بالقرار الحكومي، متهمة حمادي الجبالي ب «تجاوز صلاحياته». وأعربت الرئاسة في بيان عن «رفضها» و «إدانتها» لقرار تسليم المحمودي إلى «الحكومة الليبية الموقتة»، معتبرة أن التسليم «قرار غير شرعي ينطوي على تجاوز للصلاحيات، بخاصة أنه تم بشكل أحادي ومن دون استشارة وموافقة» الرئيس المنصف المرزوقي. وأضافت الرئاسة أن الجبالي سلم المحمودي لليبيا «من دون تشاور لا بين الرئاسات الثلاث (رئاسة الجمهورية والحكومة والمجلس التأسيسي) ولا في اجتماعات (أحزاب) الترويكا (التي تشكل الائتلاف الحاكم في تونس) وآخرها ذلك الذي انعقد يوم الجمعة 22 حزيران (يونيو) 2012». وحمّلت الرئاسة الجبالي مسؤولية «ما قد يكون لهذه الخطوة من انعكاسات على الائتلاف» الثلاثي الحاكم، مؤكدة أن «أمر التسليم الذي وقعه رئيس الحكومة فيه خرق واضح لالتزامات بلادنا الدولية وتجاه الأممالمتحدة خصوصاً أن المنظمة الدولية للاجئين طالبت السلطات التونسية بعدم تسليم السيد المحمودي قبل البت في طلب اللجوء المقدم من طرفه بحسب ما يجري به التعامل وفق اتفاقية جنيف لعام 1951». وكان عدنان منصر الناطق الرسمي باسم المرزوقي صرح في وقت سابق بأن الأخير الموجود جنوب البلاد للاحتفال بعيد الجيش «لم يوقع مرسوم تسليم» المحمودي وأن رئاسة الحكومة «اتخذت بمفردها قرار التسليم من دون أن تأخذ رأي الرئاسة». وينتمي المرزوقي إلى حزب «المؤتمر» (يساري وسطي) الذي يشكل مع «التكتل» (يساري وسطي) و «حركة النهضة» (إسلامية) الائتلاف الثلاثي الحاكم في تونس. وكانت ليبيا وجهت طلبين رسميين بتسليم المحمودي لمحاكمته بتهمة الفساد المالي في عهد معمر القذافي، و «التحريض» على اغتصاب نساء ليبيات خلال ثورة 17 شباط (فبراير) 2011 التي أطاحت نظام القذافي. وأعلن رئيس الوزراء الليبي عبد الرحيم الكيب أن بلاده تسلمت البغدادي المحمودي الذي «أودع أحد السجون التابعة لوزارة العدل والخاضعة لإشراف الشرطة القضائية وذلك بناء على أمر الحبس الصادر بحقه في النيابة العامة بتهمة ارتكاب جرائم ضد أبناء الشعب الليبي». وأوضح في بيان أصدره مكتبه أن الحكومة الليبية «تجدد تأكيدها بأن يلقى (المحمودي) المعاملة الحسنة بما يتفق مع تعاليم ديننا الحنيف وبما تقتضيه المعايير الدولية لحقوق الإنسان»، مضيفاً أن رئيس الوزراء الليبي السابق «سيقدم هو وأمثاله إلى محاكمة عادلة ونزيهة».