حتى وقت قريب كان أهالي قرية سوسيا في محافظة الخليل يأملون أن تتراجع السلطات الإسرائيلية عن قرار قديم يعود إلى عام 2001 يقضي بهدم القرية وإزالتها من الوجود بدعوى إقامتها على «أراضي دولة». لكن آمالهم هذه تبددت قبل أيام عندما تسلموا إخطارات هدم نهائية من السلطات الإسرائيلية تشمل جميع البيوت والمرافق البالغ عددها 60 بيتاً ومرفقاً منها المدرسة والعيادة الصحية والمركز الاجتماعي ومنشأة توليد الطاقة الشمسية. وزار رئيس الوزراء الدكتور سلام فياض أمس القرية المهددة بالهدم برفقة ممثل الاتحاد الأوروبي في القدس جون جات روتر وعدد من المسؤولين وممثلي البعثات الديبلوماسية للوقوف على حجم الكارثة الإنسانية التي تهدد سكان القرية البالغ عددهم 350 نسمة. وقال فياض: «سنكون إلى جانب أهلنا في سوسيا لمنع تنفيذ قرار إزالة القرية بشتى الوسائل». وأضاف: «أبناء شعبنا الفلسطيني يعرفون كيف يدافعون عن أرضهم وعن حقهم في البقاء عليها». بدأت الحرب الإسرائيلية على قرية سوسيا في عام 1982 عندما استولت السلطات على مساحة واسعة من أراضيها، وأقامت عليها مستوطنة تحمل الاسم ذاته. وبعد أربع سنوات من إقامة المستوطنة، قام الجيش الإسرائيلي بهدم القرية المؤلفة من الصفيح وخيام شعر الماعز. وقال نصر النواجعة عضو لجنة الدفاع عن سوسيا إن أهالي القرية لجأوا إلى القرى المجاورة، لكن عدداً قليلاً انتقل إلى التلال القريبة، وأقام في كهوف وبيوت متنقلة ليشكلوا من جديد قريتهم التي يبلغ عدد سكانها 350 نسمة. وقال سكان القرية إن السلطات واصلت ملاحقتهم طيلة العقود الثلاثة الماضية بأشكال مختلفة منها مصادرة الأراضي والطرد وهدم الخيام. وقال نصر: «لكننا كنا نعيد بناء كل خيمة وبيت يتم هدمه من جديد». وفي عام 2001 أصدرت السلطات قراراً بهدم جميع بيوت القرية. لكن محامياً إسرائيلياً نجح باستصدار قرار من المحكمة ينص على تجميد القرار لحين البحث عن بدائل أخرى لإسكان أصحاب البيوت. وقال نصر بأن الأهالي أوكلوا منذ ذلك الوقت عدداً من المحامين الإسرائيليين لحماية بيوتهم والبحث عن فرصة لترخيصها. وتقدمت جميعة استيطانية مطلع العام الحالي بالتماس إلى محكمة العدل العليا الإسرائيلية تطالبها العمل على إزالة القرية التي وصفتها في الالتماس بأنها «بؤرة استيطانية فلسطينية». وبررت الالتماس ب «دواعي الأمن». وقالت المحامية قمر مشرقي التي تتولى الدفاع عن القرية إن قرار الهدم جاء استجابة لطلب المستوطنين، وأن «خطورة القرار أنه جاء نهائياً». ويعتزم أهالي القرية الاعتراض على القرار لدى الإدارة المدنية الإسرائيلية ومن ثم إلى محكمة العدل العليا. وتعهد فياض أمس توفير الدعم المالي اللازم لتوظيف محامين للدفاع عن القرية، وإعداد مخطط هيكلي وتمويل الوكالات القانونية وغيرها. لكن المحامين يقولون إن فرص نجاح الاستئناف غير مرتفعة. وقال نصر نواجعة: «المحامون يقولون لنا إن فرص كسب الاعتراض لا تزيد على 20 في المئة بسبب المزاج السياسي في إسرائيل الداعم للمستوطنين». وأضاف: «توقعاتنا متدنية لكن همتنا عالية، وسنظل ندافع عن قريتنا مهما حدث».