استعادت القوات النظامية السورية مدعمة بعناصر «حزب الله» والميلشيات العراقية أمس منطقة استراتيجية شرق دمشق بعد أكثر من 4 اشهر من المعارك مع مقاتلي المعارضة، في وقت شكلت فصائل معارضة غرفة عمليات مشتركة لوقف تقدم تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) في ريف حلب شمالاً. وأكد مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن في اتصال هاتفي مع «فرانس برس» أن «القوات النظامية مدعومة بحزب الله اللبناني استعادت في شكل كامل على بلدة المليحة في الغوطة الشرقية»، مشيراً إلى أن المعارك استمرت في محيطها. وبث التلفزيون الرسمي السوري لقطات مباشرة من الشارع الرئيسي للبلدة، ظهرت فيها منازل مدمرة وأخرى محترقة، إضافة إلى ركام في الشارع. وأشار مراسل التلفزيون إلى أن القوات السورية سيطرت على البلدة «بعد عمليات محكمة ودقيقة باغتت فيها» المعارضة. وتقع البلدة على بعد عشرة كيلومترات جنوب شرقي دمشق، وتحاول القوات النظامية وعناصر «حزب الله» منذ نيسان (أبريل) الماضي السيطرة عليها. وأدت المعارك في المليحة في أيار (مايو) إلى مقتل قائد قوات الدفاع الجوي السورية العميد حسين عيسى. وتعد البلدة مدخلاً نحو الغوطة الشرقيةلدمشق، أبرز معاقل مقاتلي المعارضة في محيط العاصمة، والمحاصرة منذ أكثر من عام وتتعرض بشكل يومي لقصف من القوات النظامية. وأوضح مصدر أمني سوري أن السيطرة على المليحة «تسرع في الإجهاز على ما تبقى من بؤر» في الغوطة الشرقية. وقال عبد الرحمن إن «استعادة المليحة تسمح للنظام بحماية بعض مناطق دمشق من القذائف التي تستهدفها، ومصدرها مواقع لمقاتلي المعارضة»، مشيراً إلى أن هذه البلدة هي «مدخل الغوطة الشرقية». وتحاول القوات النظامية منذ نحو عام، مدعومة ب «حزب الله»، استعادة معاقل المعارضين في ريف دمشق، ودفعهم بعيداً من دمشق، المدينة الشديدة التحصين والتي تعد نقطة ارتكاز نظام الرئيس بشار الأسد. وكانت «جبهة النصرة» نفذت عملية انتحارية أدت إلى فك الحصار عن مقاتلي المعارضة في المليحة. ونقل موقع «كلنا شركاء» عن الناطق باسم «الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام» وائل علوان قوله إن مقاتلي المعارضة انسحبوا من بلدة المليحة و»ثبوا في المزارع ومعمل تاميكو ومعمل المطاط» في محيط المليحة. وقال علوان: «بعد 135 يوماً من المعارك العنيفة في المليحة تضطر الفصائل العسكرية للانسحاب حيث خاض مقاتلوها أعنف معركة في الثورة السورية على الإطلاق كانت مقبرة ألوية وكتائب كاملة من الميليشيات الطائفية الحاقدة وشبيحة النظام المجرم". وتابع أن قوات النظام اتبعت استراتيجية «الالتفاف انطلاقاً من إدارة الدفاع الجوي مروراً بمزارع زبدين وحتيتة الجرش وطوق المدينة المنكوبة من الجنوب والغرب وصولاً إلى الشمال مع استمرار استنزاف المجاهدين». وكانت «النصرة» و «ألوية الحبيب المصطفى» انسحبت من معارك المليحة قبل أسبوعين. وقالت مصادر موالية للنظام أن قوات النظام و «حزب الله» اتبعت خطة من ثلاث مراحل: قصف عنيف ثم حصار قبل أن تبدأ مساء الثلثاء «هجوماً برياً واسعاً للسيطرة على كامل البلدة». من جهته، قال «الائتلاف الوطني السوري» المعارضة أنه «يحيي ثوار المليحة في الغوطة الشرقية ويثمن التضحيات التي بذلوها في الدفاع عن أهالي المنطقة طوال الشهور الماضية، كما ينحني أمام صمودهم في صد هجمات النظام وميليشيا حزب الله والعصابات العراقية الداعمة له؛ وثباتهم في وجه حصار دام أكثر من أربعة شهور». وجدد «مع الشعب السوري ثقتهم بقدرة الثوار على حماية الأراضي السورية والمدنيين من بطش النظام وإكمال مسيرة النضال حتى تحقيق أهداف وتطلعات الشعب السوري في الحصول على الحرية والكرامة والديموقراطية». في المقابل، قالت «تنسيقية الغوطة الشرقية» إن الطيران شن عدداً من الغارات على بلدة دير العصافير المجاورة للملحية قتل وجرح فيها عشرات المدنيين. وبث نشطاء معارضون صوراً لقتلى وجرحى في مستشفى ميداني. وأوضح «المرصد»: «نفذ الطيران الحربي عدة غارات على أماكن في منطقة دير العصافير، ما أدى إلى استشهاد 6 أشخاص بينهم مواطنة وأنباء عن شهداء آخرين وسقوط عدد من الجرحى، في وقت سقطت قذيفتا هاون على مناطق بالقرب من ساحة السيوف وشارع المدارس في جرمانا ومعلومات أولية عن سقوط عدد من الجرحى». في المقابل، قال ناشطون إن عدداً من الألوية المقاتلة شكل «غرفة عمليات» لوقف تقدم «داعش» في ريف حلب، ضمت «جيش المجاهدين» و «حركة نور الدين الزنكي» و «الجبهة الإسلامية». وخرجت تظاهرات في تل رفعت ومارع وبعض بلدات الريف الشمالي، تطالب الثوار بحشد كل إمكاناتهم للتصدي للخطر القادم إلى الشمال، في وقت واصل الطيران إلقاء «البراميل المتفجرة» على أحياء حيّ المعادي وعين التل وكرم حومد في حلب وبلدة الزربة في ريف حلب الجنوبي. وبعد أكثر من ثلاثة أعوام على اندلاعه، بات النزاع السوري الذي أودى بأكثر من 170 ألف شخص، متشعب الجبهات، لا سيما مع تصاعد نفوذ تنظيم «الدولة الإسلامية» الذي بات يسيطر على مناطق في شمال سورية وشرقها، إضافة إلى مناطق واسعة في شمال العراق وغربه. وأفاد «المرصد» أن عناصر من التنظيم قاموا بقطع رؤوس تسعة مقاتلين معارضين على الأقل في ريف حلب، اثر سيطرتهم أمس على بلدات قريبة من الحدود السورية كانت تحت سيطرة مقاتلين معارضين. وكان «المرصد» أفاد عن سيطرة التنظيم الذي عرفت عنه ممارساته المتشددة وتنفيذه إعدامات ميدانية، على ثماني بلدات على الأقل بين حلب والحدود التركية، أبرزها أخترين حيث عثر على الجثث المقطعة الرؤوس. وأدت هذه المعارك إلى مقتل 40 مقاتلاً معارضاً على الأقل، و12 عنصراً من «الدولة الإسلامية». كما أسر الجهاديون نحو 50 مقاتلاً آخرين، بحسب «المرصد». وسيطر «داعش» من دون اشتباكات على قرية احتيملات القريبة من قرية دابق «بسبب عدم تواجد مقاتلي الكتائب الإسلامية والكتائب المقاتلة في القرية». وبات التنظيم مسيطراً على قرى المسعودة والغوز والعزيزية ودويبق وأرشاف واحتيملات إضافة لسيطرتها على بلدات دابق وتركمان بارح وأخترين في ريف حلب الشمالي الشرقي».