قال وزير الخارجية الليبي السابق علي عبدالسلام التريكي ان المأساة تبدأ «حين ينفصل الحاكم عن الواقع ويأتي المداحون لمضاعفة المشكلة... وذروة المأساة ان معمر القذافي وككل ديكتاتور يذوّب المؤسسات ويقتل الشعب ثم يخرج هاتفاً: شعبي يحبني». لكنه أعرب عن قلقه على ليبيا وعلى «الربيع العربي» ممن يديرونه آملاً ألا يتكرر عصر القذافي. امضى التريكي اربعة عقود في السلك الديبلوماسي التقى خلالها 128 زعيم دولة، بعضهم مرات عدة. اتاحت له تجربته التعرف إلى اجيال من الحكام، خصوصاً في القارة السمراء التي حظيت باهتمام استثنائي من القذافي الذي ابتهج بلقب «ملك ملوك افريقيا»، وهو ما يعتبره التريكي فصلاً مخجلاً. وكان التريكي يتحدث الى «الحياة» عن تجربته الطويلة في ديبلوماسية «الجماهيرية الليبية» ومفاجآت القذافي وكذلك عن انطباعاته عن شخصيات التقاها بحكم مهماته. (لقراءة نص المقابلة كاملاً.) قال التريكي ان القذافي نظر الى ساعته، وقال حان موعد الصلاة وقطع محادثاته مع القادة السوفيات ليصلّي تحت قبة الكرملين. وروى ان القذافي فاجأ الزعيم السوفياتي ليونيد بريجنيف بالقول: «اتصل بي اليابانيون ووسّطوني من اجل ان تعيدوا اليهم الجزر المحتلة». وبدا الاستياء واضحاً على وجه بريجنيف الذي رد زاجراً ومتهكماً: «لو كنا نريد اعطاء ارض لكل من يطالب بها لأصبحنا دولة صغيرة مثل ليبيا». ابتلع القذافي الملاحظة القاسية بلا تعليق. وكشف ان القذافي استدعاه ذات يوم وطلب منه نقل رسالة الى العاهل المغربي الراحل الحسن الثاني تبدأ بعبارة :»انت رجل خائن وعميل»، مشيراً الى انه كان ينقل الرسائل بعد اسقاط هذه العبارات منها. كان التريكي رئيساً للجمعية العامة للامم المتحدة في ايلول (سبتمبر) 2009 حين وقف القذافي متحدثاً أمامها. انتهك المتحدث كل القواعد وطالب بإعادة التحقيق في اغتيال الرئيس جون كينيدي وإطلاق الكولونيل نورييغا. وفوجئ التريكي بالقذافي يحقر ميثاق الاممالمتحدة ويرميه ارضاً ولم يستطع إلا أن يغطي وجهه خجلاً على مرأى من وسائل الإعلام. وفي تلك الدورة زار الرئيس باراك اوباما التريكي في مكتبه، لكنه امتنع عن لقاء القذافي الذي عاتب التريكي بشدة. قال التريكي ان علاقة من الكره المتبادل قامت بين القذافي وصدام حسين ودعم كل منهما معارضي الآخر وتبادلا الضربات على ارض تشاد. لكنه كشف ان القذافي عرض على صدام، ابان الحرب العراقية - الايرانية، تزويده طائرات حربية اذا وافق على تسليمه المعارض الليبي محمد المقريف، لكن ذلك لم يحصل في حين ادت صفقة مع المغرب الى تسليم عمر المحيشي وقتله. وتحدث عن لقاءات طويلة مع الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد الذي كان يعرب عن عدم ثقته بالنائب اللبناني وليد جنبلاط وانزعاجه الشديد من «عناد» غالبية الموارنة. ووصف امبراطور افريقيا الوسطى بوكاسا بأنه «رجل أهبل ومجنون». وقال ان الرئيس الزائيري الراحل موبوتو سيسي سيكو انزعج من النادل على يخته فأمر بإلقائه للتماسيح. وذكر ان القذافي ارسل قوات الى اوغندا لدعم رئيسها عيدي امين فتكبدت خسائر لأنها معتادة على الصحراء لا على الغابات. وقال انه حمل رسالة الى الرئيس الكيني، وكان اللقاء فاشلاً، لكن وزير الخارجية هناك كان مهتماً ب «السطو على الطائرة الليبية الخاصة التي وصلت بها وقد تمكنت من انقاذها». وذكر التريكي ان اجهزة القذافي فجّرت طائرة مدنية ليبية وقتلت ركابها لاتهام الاميركيين، وعلى امل اجراء نوع من المقايضة مع طائرة «لوكربي».