أمطرت سماء القاهرة أمس مبادرات أطلقتها قوى سياسية سعياً إلى توحيد الصف في مواجهة الإعلان الدستوري التكميلي الذي أصدره المجلس العسكري وكبّل صلاحيات الرئيس المقبل مقابل استئثار قادة الجيش بصلاحيات واسعة غير مسبوقة. وقدم أمس المرشح الرئاسي السابق خالد علي وآخرون دعاوى قضائية لإسقاط الإعلان الدستوري، فيما توحد ميدان التحرير أمس خلف رفض «عسكرة الدولة». وبدا أن جماعة «الإخوان المسلمين» الأكثر تضرراً من الإعلان الدستوري الذي يستهدف بالأساس تقليص صلاحيات مرشحها محمد مرسي الذي تشير النتائج الأولية إلى فوزه بالرئاسة، تحظى بدعم واسع من قوى ليبرالية ويسارية في مواجهة الإعلان الدستوري وحل البرلمان. وتظاهر أمس آلاف في ميدان التحرير ضمن فاعليات ما سمي»مليونية الرفض» التي تبنتها قوى ثورية وأعلن التيار الإسلامي وفي القلب منه جماعة «الإخوان» المشاركة فيها، إضافة إلى حركات احتجاجية وأحزاب ليبرالية. وطالب المتظاهرون ب «إسقاط الإعلان الدستوري المكمل» وب «تسليم كامل للسلطة قبل نهاية الشهر». وكان ميدان التحرير ظهر هادئاً حتى ظهر أمس، قبل أن يبدأ توافد المتظاهرين مع الساعات الأولى للمساء نظراً إلى ارتفاع درجات الحرارة، وتجمع عشرات أمام مقر مجلس الشعب في قلب العاصمة احتجاجاً على منع النواب من الدخول عقب قرار حل البرلمان. وردد متظاهرون هتافات ضد المجلس العسكري تحمله مسؤولية حل البرلمان، كما توافدت المسيرات على الميدان من مناطق متفرقة، وانتشرت أعداد كبيرة من قوات الأمن أمام مجلس الشعب، وأقامت حاجزاً أمنياً لمنع المتظاهرين من الاقتراب منه. وقال منسق «حركة 6 أبريل» عمرو علي إن الحركة عقدت اجتماعات عدة مع القوى الثورية للاتفاق وتنسيق التحركات التنظيمية لمسيرات «مليونية رفض الانقلاب العسكري»، مشيراً إلى أن جماعة «الإخوان» تشارك مع «6 أبريل» وعدد من الحركات الثورية والائتلافات الشبابية، احتجاجاً على الإعلان الدستوري الذي أعلنه المجلس العسكري مساء الأحد. وأكد أن «الشعب المصري لا يزال مؤيداً للثورة، وسقوط (المرشح المحسوب على المجلس العسكري الفريق أحمد) شفيق إعلان لمرحلة جديدة للثورة»، رافضاً «محاولات المجلس العسكري الالتفاف على سلطات الرئيس المنتخب والسيطرة على الحكم عبر إعلان دستوري غير شرعي». وأشار إلى أن «الحركة لن تعترف بأي إعلان يصدره المجلس العسكري منفرداً لضمان بقائه في السلطة». وندد «ائتلاف شباب الثورة» ب «انقلاب العسكر». وقال في بيان إن «المجلس العسكري بالانقلاب غير الدستوري المكمل أعطى لنفسه صلاحيات لم تكن موجودة حتى في دستور العام 1971 والدساتير القديمة»، فيما دعت «الجبهة القومية للعدالة والديموقراطية» التي تضم قوى ثورية وحركات احتجاجية أبرزها «الجمعية الوطنية للتغيير» و «الاشتراكيون الثوريون» و «تحالف القوى الثورية» و «ثورة الغضب الثانية»، إلى «توحيد الصفوف لإسقاط الإعلان» الذي اعتبرت في بيان أمس أنه «استكمال عملي للانقلاب العسكري». ودعت المصريين إلى «المشاركة في التحركات الجماهيرية الرافضة له من منطلق الإصرار على استمرار الثورة حتى تحقق أهدافها»، كما طالبت الرئيس المنتخب ب «إعلان رفضه هذا الإعلان في شكل قطعي، وإصدار قرار فوري بإعادة كل التشكيلات العسكرية إلى الثكنات وإلغاء قرار الضبطية القضائية». وطالبت الأحزاب والحركات السياسية والنقابات الرئيسية «بتشكيل جمعية تأسيسية توافقية منتخبة لتقطع الطريق على حق العسكر المزعوم في تشكيل اللجنة». وأقام عدد من المنظمات الحقوقية دعوى قضائية أمس ضد الإعلان الدستوري المكمل باعتباره «عسكرة للحياة السياسية»، خصوصاً عبر جعل التشريع بيد المجلس العسكري. وذكر رافعو الدعوى في عريضتها أن «المجلس العسكري استغل حكم المحكمة الدستورية في شأن حل مجلس الشعب وأصدر إعلاناً دستورياً مكملاً تضمن عدواناً على صلاحيات رئيس الجمهورية وسلبها مصلحته فأضحى بسبب هذه النصوص هو الرئيس الفعلي للبلاد يتحكم في كل صغيرة وكبيرة»، مطالبين ب «عرض هذا الإعلان على الشعب للاستفتاء». حاجز في وسط القاهرة لمنع المتظاهرين من الوصول الى مقر البرلمان (أ ف ب)