المقالات أنواع وأصناف متعددة ومتغايرة، تختلف باختلاف كتّابها وباختلاف مضمونها ثم باختلاف الصحف المنشورة فيها. وبصفتي شريكاً في الصنعة فإنه كثيراً ما يلفت انتباهي، مثلاً، المقال القصير المكتنز عن المقال الطويل الممطوط (طول صناعي)! وهناك المقال الذي لا تكاد تجد فيه الكاتب، والمقال الآخر الذي لا يكاد يجد القارئ فيه مكاناً بسبب زحمة وجود الكاتب! ويمكن سرد تصنيفات أخرى ثنائية وأحادية لأنواع المقالات، لكن الشكل الأعجب منها عندي هو ما يمكن تسميته بالمقال الجماعي، أي المقال الذي يشارك في كتابته اثنان أو ثلاثة أو أكثر ممن يزدان عنق أو ذيل المقال بأسمائهم المكتظة! دوماً كنت أتفهَم المسألة حين أرى مقالاً جماعياً بقلم: هيلاري كلينتون وكوفي أنان ونبيل العربي، لأني أعرف أنهم اشتركوا معاً في «عدم» كتابة المقال (!) لكني أعجب حين أرى مقالاً جماعياً مظللاً بأسماء كتّاب حقيقيين. لا أستطيع أن أفهم كيف يمكن لأكثر من شخص واحد أن يكتبوا مقالاً واحداً؟! فالواحد منا بالكاد يتوافق مع نفسه عند كتابة المقال. يتصارع فينا أكثر من شخص (شخصية) عند الكتابة: الشخص القديم والشخص الجديد... الشخص الرسمي والشخص الشعبي... الشخص الفرداني والشخص الاجتماعي، شخوص عدة في دواخلنا تتنافس لكتابة المقال. الكل في داخلي يريد أن يلتقط أصابع الكتابة من الآخر، وأنا أحاول أن أكون عادلاً بين كل هذه الشخوص في داخلي، وأن أخفي عنهم تحيزي للجديد على القديم وللشعبي على الرسمي وللفردي على الجماعي. أنجح في الحياد حيناً وأفشل أحياناً أخرى. وإذا انتهيت من كتابة المقال وأردت الاستئناس برأي الشخوص التي في داخلي، قبل إرساله للنشر، فإن الرسمي كثيراً ما ينصحني بعدم نشره أو بحذف مقاطع منه، أما الشعبي فيريد أن يلتقطه مني قبل أن أجري عليه أي حذف أو تعديل، إلا تعديلاً يزيده شعبوية واشتعالاً! كل هذا الصراع بيني ونفسي من أجل أن نتفق أنا وهي على كتابة مقال موحَد، ثم تأتي أنت لتطلب مني أن نكتب مقالاً «جماعياً» .. هل جننت؟! * كاتب سعودي [email protected] twitter|@ziadaldrees