برورا (ألمانيا) - أ ف ب - في إحدى جزر بحر البلطيق، يمتد على مسافة 4,5 كيلومتر صف مبانٍ شيدت قبل الحرب العالمية الثانية، كمجمّع ترفيهي ساحلي أو مصيف لعمّال الرايخ الألماني، لكنها تشكل الآن معضلة بالنسبة إلى المسؤولين عن هذه المنطقة السياحية الألمانية. «يجب إيجاد حل لهذا المجمّع»، يقول أحد الموظفين الحكوميين فيما يتنزه في المجمّع الضخم الواقع شمال برلين في جزيرة روغن. واليوم، وبعد أكثر من عقدين على إعادة توحيد ألمانيا، قلة هم الألمان الذين يعلمون بوجود هذا الإرث الهندسي من الحقبة النازية التي سعت إلى تنمية «سياحة جماعية». وتقرّ المرشدة السياحية سابين ساكوت بأن ألمانيا «تواجه صعوبة في إدارة هذا الإرث... هذا المجمع كان غير معروف نسبياً في ألمانياالشرقية، وبعد إعادة التوحيد، أرادت الدولة بيعه»، وتضيف أن استثمار المجمع «يلزمه المال، لكن المال غير متوافر». وبُني المجمّع المسمى «منتجع العشرين ألفاً»، في إشارة إلى عدد الأسرّة المفترض أن يضمّها، بين 1936 و1939، وشيّد في إطار مشروع «اجتماعي» وضعه النازيون بغية جذب العمال إلى هذا المكان لتمضية عطلة تحظى بموافقة النظام. ودشّن المجمع قبل ثلاثة أشهر من اندلاع الحرب العالمية الثانية، لكنه لم يفتح أبوابه قط. أراد هتلر أن يحوله مستشفًى عسكرياً في أوقات النزاعات. وأعلنه السوفيات منطقة عسكرية، وكذلك فعل جيش ألمانياالشرقية الذي استخدمه ثكنة لمظليّيه. وبعد عام 1945، غاب المجمع عن الخرائط كلها. واليوم، باتت أجزاء كاملة منه مهددة بالانهيار، لكن تدميره ليس وارداً لأنه أدرج على لائحة التراث العالمي منذ عام 1993. ويشكل السعي لإقامة مشروع جديد للمجمّع مصدر إزعاج بالنسبة إلى رئيس البلدية كارستن شنايدر الذي يقول «إنه ملف معقد، وفي السنوات العشرين الأخيرة، لم نشهد سوى مضاربات عقارية، ولم يفض أي مشروع إلى نتيجة». فإعادة ترميم هذا «الحصن» تستتبع تكلفة باهظة، لا يسهل تعويضها من الأرباح، إذ تقدّر تكلفة إعادة ترميم مبنى واحد من المباني الخمسة، بعشرات الملايين من اليورو. ومع ذلك، افتتح العام الماضي نزل للشباب يعتبر بين الأكبر في ألمانيا ويضم 400 سرير، بعد أعمال استمرت سنتين. وقد تطلب ترميم المكان الذي بيع بيورو واحد كمبلغ رمزي، 27 مليون يورو، أمكن توفير جزء منها بفضل تمويل أوروبي. ويستقبل هذا النزل، المتصل بشبكة الإنترنت، طلاباً وعائلات، ويتميز بواجهة بيضاء ناصعة تضم 820 نافذة جديدة. ويقرّ مدير النزل دنيس بروسيت بأن المبنى «يطرح مشكلة، فالبعض يراه قبيحاً، لكن له تاريخه الذي يتوجب علينا احترامه». ودفع المستثمر الأخير، حتى اليوم، وهو من برلين، 2,75 مليون يورو لشراء أحد مباني المجمع والذي بيع للمشتري السابق ب120 ألف يورو. ويعتزم هذا المستثمر افتتاح مجمع سياحي يضم شققاً وفندقاً ومنتجعاً، فيما كانت البلدية تتمنى افتتاح «كلية للسياحة أو جامعة لعلوم البحار لاستقطاب الشباب».