أظهرت دراسة أعدتها «الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار» أن إنشاء بورصة عربية موحّدة يواجه اختلافات كثيرة في الرأي حول إمكان نجاحها في ظل الظروف الحالية، واختلاف آليات عدد من البورصات عن الأخرى، خصوصاً في ما يتعلق بأنظمة التداول وطبيعة القطاعات. ولفتت الدراسة إلى جدل حول هذا الاتجاه، ففريق يؤيد فكرة المبادرة بخطوات فعلية لقيام بورصة موحّدة اعتماداً على أن التنسيق في مجال أسواق المال يكون أسهل من التنسيق في مجال حركة السلع والعمالة، وأن النجاح في هذه الخطوة سيعطي دفعاً للتعاون في المجالات الأخرى. في حين يرى فريق آخر أن إنشاء بورصة موحدة مجرد فكرة لا يمكن تحقيقها حالياً، وأن هذه الخطوة يجب أن تكون تتويجاً لقيام السوق المشتركة، كما في حال الاتحاد الأوروبي. ويستند هذا الرأي إلى عدد من المعوّقات التي تحول دون نجاح هذه الخطوة، وتتمثل في اختلاف القوانين والتشريعات وأنظمة التداول التي تحكم عمل البورصات العربية، ما يعني ضرورة توحيد القوانين والتشريعات، إضافة إلى الاختلاف بين النظم والهياكل الاقتصادية وتوجهات القوى الدولية والإقليمية. كما أشارت الدراسة إلى أن الأسواق العربية مختلفة في ما بينها من حيث درجة النشاط والأدوات المستخدمة والأهمية النسبية لكل أداة، ويستدل على ضيق نطاق الأسواق الثانوية في الدول العربية من خلال بعض المؤشرات، أهمها معدل دوران الأسهم، والذي يقيس كمية الأسهم المتداولة إلى كمية الأسهم المدرجة ويقل هذا المعدل عن عشرة في المئة في عدد كبير من الدول العربية. ورصدت الدراسة تفاوتاً عميقاً بين تجارب الدول في مجال أسواق المال، فما زالت هناك بورصات مغلقة لا يسمح للأجانب بالتعامل فيها، وما لم يكن هناك قيد متبادل للأسهم بين البورصات فلا مجال لقيام بورصة موحدة. وأوضح نائب رئيس «الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار»، محسن عادل، أن التكامل بين أسواق المال العربية سيكون وسيلة من وسائل الاستثمار، وتجميع الادخار بطريقة غير تضخمية على مستوى المنطقة العربية، وهي بذلك تتلافى الآثار التضخمية إلى حد كبير. حيث إن التمويل من خلال الأسهم والسندات يختلف عن التمويل المصرفي من سوق النقد، لأن الأخير يمكن أن يؤدي إلى زيادة مفرطة في عرض النقود، وبالتالي إحداث موجات تضخمية، بينما إصدار الأسهم والسندات يتضمن امتصاص قوة شرائية من جمهور المتعاملين، وبالتالي يقلل من الآثار التضخمية. وأشار إلى أن إنشاء سوق مالية عربية مشتركة يساهم في تقليص أخطار وجود الأموال العربية في الاقتصادات المتقدمة، مشدداً على أن الأفضل أن تزداد العلاقات المالية بين الدول العربية حتى تتفادى الأخطار المحيطة بالأموال العربية في الخارج، والتي بلغت 1.4 تريليون دولار.