يعتبر النحات محمد العلاوي من رواد النحت في مصر والعالم العربي، إذ ارتبطت أعماله بالتغيرات الاجتماعية والسياسية في مصر، بدءاً من «حرب أكتوبر التحريرية» في العام 1973 وحتى «ثورة 25 يناير» 2011. «لا نعرف مصر رايحة على فين»، يقول الفنان بمرارة المنتظر بذوغ الشمس في العتمة، على أحرّ من الجمر. ويشير الى أن الوضع الذي تشهده مصر اليوم يوتّره ويشتّت تفكيره، لأن «حالة الانتظار لما ستصل إليه البلد، أليمة جداً». لذلك جاءت منحوتته الأخيرة التي صنعها من النحاس الأحمر وعرضها في مركز الجزيرة للفنون، مجسّدة إنساناً مندفعاً الى الأمام وهو يخترق حجاباً ثقيلاً وكثيفاً يمنعه من التنفس والرؤية. يرى العلاوي أن منحوتته تعبّر عن الوضع المصري الحالي، كونها في حالة توتر قصوة، شارحاً أن وحدة الخطوط والظلال في جسد التمثال تنبئ باقتراب هذا الإنسان من الخلاص. يكرس الفنان الذي تتلمذ على يد جمال السيجيني، كل القيم النحتية المصرية الموروثة في أعماله، حيث يتمسك بالثبات الرشيق رغم اندفاع الكتلة الى الأمام وهو يحتفظ برسوخ القدمين ولا يستسلم لقواعد التشريح مسايراً لحركة الجسد والحجاب من صد ومقاومة للرياح، بل ويتشبّث أكثر بالقدمين المصريتين الراسختين. ومحمد العلاوي هو أستاذ النحت الميداني في كلية الفنون الجميلة في جامعة حلوان، تخرج في كلية الفنون الجميلة في جامعة القاهرة بتقدير امتياز سنة 1970. وحصل بعدها على الماجستير في الفنون من جامعة حلوان، ثم سافر الى الاتحاد السوفياتي سابقاً لمدة 4 سنوات للحصول على الدكتوراه. في بلاد الثلج، أبدع العديد من منحوتاته حتى نشرت صحيفة «البرافدا» السوفياتية أن «أعمال محمد العلاوي تذكرنا بما قاله أرنهايم بأن النحت وثيق الصلة بالأرض وبخاصة عندما يكون التمثال صرحياً كأعمال العلاوي التي تصلح أكثر كمكان للزيارة وليس للعرض داخل القاعات المغلقة». استمر العلاوي بعد عودته من لينينغراد في معزوفته الاجتماعية المتناغمة مع النص التشكيلي المصري القديم. فقدم العديد من المنحوتات الجميلة، وعُرضت أعماله في أكثر 32 معرضاً داخل مصر وخارجها، مثل سورية ولبنان وإيطاليا والولايات المتحدة ودول الاتحاد السوفياتي سابقاً. وحصل على العديد من الجوائز والتكريمات، أهمها اختياره كرجل العام من المعهد الأميركي للإحصاء في 2003، إضافة الى تسجيل اسمه في الموسوعة الدولية الصادرة عن المعهد ذاته. كما نال جائزة النحت الأولى في بينالي القاهرة الدولي الثالث العام 1988، وجائزة النحت الأولى في مسابقة الإبداع الفني ل «نصر أكتوبر»، والجائزة الثالثة في مسابقة أعياد سيناء 1999، وجائزة محمود مختار الأولى العام 1986 والثانية في 1988. للعلاوي العديد من الأعمال في متحف الفن الحديث في القاهرة، وفي كليات الفنون الجميلة في العاصمة والمنيا، ومتحف بورسعيد للفن الحديث، ومتحف دنشواي، ودار الأوبرا المصرية، وفي قاعة المؤمرات الكبرى في مدينة نصر. ويقتني أعماله مهتمون بالفن التشكيلي من روسيا والنمسا وإيطاليا وبريطانيا. ويُزيّن تمثال خطّه بعنوان «لبنان ينهض من جديد»، ساحة مدينة طرابلس في شمال لبنان. شارك العلاوي بالتحكيم في العديد من المهرجانات المحلية والدولية أهمها عضوية لجنة بينالي أوزبكستان الدولي، ومهرجان سان بطرسبرغ في روسيا الاتحادية. كما شارك في لجنة التحكيم في صالون الشباب وصالون الخريف ومسابقة النحت في أتيلييه القاهرة، وعضو لجنة التحكيم في جائزة الدولة التشجيعية لعدة سنوات. وعن المشكلات التي يعانيها النحاتون المصريون، يفيد العلاوي بأن أهمها عدم وجود وكيل يسوق لهم أعمالهم خارج مصر. ويشير الى أن غالبية النحاتين، خصوصاً الشباب منهم، لا تتوافر لديهم أمكنة أو محترفات لينفذوا فيها أعمالهم. ويلفت إلى أنه دائماً يأخذ برأي ابنته الصغيرة تسنيم التي يساعدها لتصبح تشكيلية متميزة، ولكنها غالباً ما تنتقد أعماله، إلا أن هذا يزيده سعادة وأملاً في مستقبل الفن التشكيلي المصري. يستعد العلاوي لجولة عربية لعرض أعماله في لبنان والأردن وقطر والكويت، كما يستعد لمعرض خاص في مركز الجزيرة للفنون في القاهرة حيث يجمع كل المنحوتات التي صنعها في حياته المهنية.