المساواة بين الرجل والمرأة موضوع متشعب، كل يغني فيه على ليلاه، فطرف يمقت هذا المبدأ كلياً وآخر يفتح له الأبواب كلها، وفي نظري ان الطرفين تقودهما تصرفات وأفكار خاطئة حيال هذا الأمر، لكن لو أخذنا موقف الطرف الأكثر رواجاً وتداولاً «المساواة في كل شيء» فهل الهدف هو المساواة فقط مهما كانت هذه النتيجه وبغض النظر عن آلية الوصول اليها؟ للأسف يفهم البعض المساواة على أنها العدالة، ويغفل بأن ليس كل مساواة عدلاً، لكن كل عدل حق. ببساطه المساواة لا تعني العدالة في كل الحالات إلا عندما يكون الأطراف يملكون الصفات نفسها في كل شيء حينها نطالب بمبدأ المساواة لأنها ان غابت عن طرف دون الآخر تبدأ حلقات الظلم بالتتابع، فمثلاً المساواة بين رجل أعرج وآخر سليم في سباق مراثوني هو ظلم فادح، بينما المفترض المطالبة في هذه الحالة بالعدل لا بالمساواة. فلا يوجد تشريع سماوي ولا وضعي ساوى بين الرجل والمرأه على مر العصور وحتى اليوم. قد تكون هذه العبارة صادمة او محل سخرية لدى البعض لكنها حقيقة، فكل من طالب ويطالب بالمساواة لو تأمل القوانين الوضعية سيجد فروقاً ليست قليلة بين الرجل والمرأة، أقلها، على سبيل المثال، الإجازات التي تنهال على المرأه قبل الولادة وبعدها والحضانة وغيرها، وحتى لو صرفت للرجل إجازة إضرارية في بعض الأحيان فإنها لن تكون بمسمى ومميزات إجازة المرأة. اذاً اين المساواه هنا!؟ قد يقول قائل إن الرجل لا يحمل، نقول لأنه مختلف كلياً عن المرأه لذا نطالب بالعدل لا بالمساواة. يقول كاريل في كتابه «الإنسان ذلك المجهول»: « الفروق بين الرجل والمرأة ليست ناشئة عن اختلاف الأعضاء الجنسية، وعن وجود الرحم والحمل، أو عن اختلاف في طريقة التربية، وإنما تنشأ عن سبب جد عميق، هو تأثير العضوية بكاملها بالمواد الكيماوية، ومفرزات الغدد التناسلية، وإن جهل هذه الوقائع الأساسية هو الذي جعل رواد الحركة النسائية يأخذون بالرأي القائل بأن كلاً من الجنسين الذكور والإناث يمكن أن يتلقى ثقافة واحدة وأن يمارس أعمالاً متماثلة. والحقيقة أن المرأة مختلفة اختلافاً عميقاً عن الرجل، فكل حُجَيرة في جسمها تحمل طابع جنسها، وكذلك الحال بالنسبة إلى أجهزتها العضوية، لا سيما الجهاز العصبي، وإن القوانين العضوية (الفيزيولوجية) كقوانين العالم الفلكي، لا سبيل إلى خرقها، ومن المستحيل أن نستبدل بها الرغبات الإنسانية، ونحن مضطرون لقبولها كما هي في النساء، ويجب أن ينمين استعداداتهن في اتجاه طبيعتهن الخاصة، من دون أن يحاولن تقليد الذكور، فدورهن في تقدم المدنية أعلى من دور الرجل، فلا ينبغي لهن أن يتخلين عنه». إذاً هناك اختلاف دقيق في التكوين بين الذكر والأنثى، فمن الطبيعي والبديهي أن يكون هناك اختلاف في اختصاص كل منهما في هذه الحياة، فلكل جنس ما يناسب تكوينه وخصائصه الموجودة فيه، وهذا ما قرره الإسلام وراعاه. بل إننا كمسلمين لا نرضى بأن يُقال بالمساواة بالمطلق بين الرجل والمرأه، فالمرأة «كأم» تتفوق على الرجل»كأب» بمراحل من حيث الأجر والثواب والبر وغيرها. والمرأه لدينا كانت آخر ما نطق به الرسول صلى الله عليه وسلم قبل ان يموت «استوصوا بالنساء خيراً» حتى في بعض التكاليف الشرعيه كالصلاة أثناء الحيض والنفاس والصيام وجواز الإفطار أثناء الحمل والرضاعة وكذلك الحج حيث تخالف الرجل في بعض الأحكام بما يتناسب مع أنوثتها وطبيعتها كملابس الإحرام والطواف وتقصير شعر الرأس. والرجل أيضاً لم يُساو بالمرأة وفُضل عليها في أمورٍ كالميراث والشهادة في المحاكم وغيرهما. اذاً المساواة المطلقة هي شعار زائف ينادي به من لا يعمل به أصلاً، لكن العدالة هي شعار متزن عمل به الإسلام قبل ان يعمل به غيره، فوزع الحقوق ولكل فضله على الآخر في ما يستحق، فمن حق الرجل القوامة لكن لزاماً عليه النفقة، ومن حق المرأة ان تطالب الزوج بتحقيق رغباتها ولكن يجب ان لا تخرج عن إطار الطاعة والتفاهم في ما بينهما. وإن كان البعض يتحسس من مسألة القوامة لكننا نراها لا تتعارض مع تكريم المرأة وإنما شرعها الإسلام لتنظيم العمل داخل مؤسسة الأسرة فكل جماعة وكل تنظيم لابد له من قائد يقوده ويوجهه إلى الطريق الصحيح، ويجب أن يكون لهذا القائد مكانته بين الجماعة حتى يكون مسموعاً ومطاعاً لذلك كان الرجل مهيئأ لتحمل مشاق الحياة ومشاكلها لذا كان الأقرب الى قيادة الأسرة، ومع وضع أسس لهذه القوامة كالتشاور والتراضي وهذه سمات أساسية تحكم العلاقات بين الزوجين وكما يقول الشيخ محمد عبده: «القوامة تفرض على المرأة شيئاً، وتفرض على الرجل أشياء». وحتى لا يُفهم من كلامي أو ينظر اليه من زاوية معينة واعتبار أنني ضد عمل المرأة وخروجها وهذه مغالطة عظمى في الفهم وليس في المقال، فأنا أتحدث بشكل عام عن «المساواة بين الجنسين في كل شيء»، أما الأمور الجزئيه فإن كل أمرٍ منها يوضع في هذا الميزان «العدل واحترام الفوارق بين الجنسين» ثم يُناقش على حدة.