في مثل هذه الأيام تكثر المطالبة من البعض بالمساواة بين الرجل والمرأة، وتثار قضية المساواة بين الجنسين، وتختلف مواقف الناس من هذه القضية بين مؤيد ومعارض، ومناصر ومحارب، وللموضوعية في اتخاذ موقف عدل من هذه القضية التي تحمل كلمات عمومية، نجد أن هناك سؤالاً ملحاً يطرح نفسه لفهم تفاصيل الموضوع، وللإحاطة بكنهه: ما تطبيقات المساواة؟ تريدون مساواة المرأة بالرجل في أي شيء في الخلق والتكوين، أم في الحقوق والواجبات؟ لاشك أن الأول خلق الله، لا قدرة لأحد على إلغاء فوارقه، وتبقى المساواة لا محالة في الشق الثاني، والعاقل يدرك التناقض، لأن خصائص الخلق والتكوين أساس الحقوق والواجبات، فهذه مشتقة من تلك مبنية عليها، وأي مساواة لا تراعي التمايز والفروق في الخلق وما يتبعه من قدرات وحاجات، تخرج عن العدل الذي يقوم عليه الإسلام إلى الظلم الذي يحاربه، وكل مساواة ليست بعدل، إذا قضت بمساواة الناس في الحقوق على تفاوت واجباتهم، وكفاياتهم، وأعمالهم، وإنما هي كل الظلم للراجح والمرجوح. إن المساواة التي تنادي بإلغاء كل الفوارق بين الرجل والمرأة غير مقبولة علمياً وعملياً، فالعلم والواقع يؤكدان أن المرأة تختلف عن الرجل في كل شيء من الصورة والسمة والأعضاء الخارجية إلى خلايا الجسم البروتينية، ويختلفان في الوظائف العضوية، والنواحي النفسية، فكيف يساوى بينهما في الحقوق والواجبات؟ هذا كله حدا بعقلاء الغرب إلى الوقوف في وجه هذه الدعوة الظالمة فأجاد الدكتور (ألكسيس كاريل) في نقدها علمياً وموضوعياً في كتابه «الإنسان ذلك المجهول» وقال بعد أن قرر الفوارق بين الرجل والمرأة: « لقد أدى الجهل بهذه الحقائق الجوهرية بالمدافعين عن الأنوثة إلى الاعتقاد بأنه يجب أن يتلقى الجنسان تعليماً واحداً، وأن يمنحا سلطات واحدة، ومسؤوليات متشابهة، والحقيقة أن المرأة تختلف عن الرجل اختلافاً كبيراً، فكل خلية من خلايا جسمها تحمل طابع جنسها، والأمر نفسه صحيح بالنسبة إلى أعضائها، وفوق كل شيء بالنسبة لجهازها العصبي، فالقوانين البيولوجية غير قابلة للتغيير، فليس في الإمكان إحلال الرغبات الإنسانية محلها، ومن ثم فنحن مضطرون إلى قبولها. فعلى النساء أن ينمين أهليتهن تبعاً لطبيعتهن من دون أن يحاولن تقليد الذكور، فإن دورهن في تقديم الحضارة أسمى من دور الرجال، فيجب عليهن أن لا يتخلين عن وظائفهن المحددة». وأعلنت رئيسة الجمعية الفرنسية رفضها لمثل هذه الدعوة في مقولتها: «إن المطالبة بالمساواة الكاملة بين الرجل والمرأة تصل بهما إلى مرحلة الضياع إذ لا يحصل أحد من الطرفين على حقه». ومن الطرائف في مثل هذا أن مجلة «ماري كير» الباريسية أجرت استفتاء للفتيات الفرنسيات من جميع الأعمار والمستويات الثقافية شمل 2,5 مليون فتاة عن رأيهن في الزواج من العرب، فكانت إجابة 90 في المئة منهن نعم، والأسباب كما أفاد الاستفتاء: مللت المساواة بالرجل، مللت حالة التوتر الدائم ليل نهار، مللت الاستيقاظ عند الفجر، والجري وراء المترو، مللت الاستيقاظ للعمل حتى السادسة مساء في المكتب والمصنع». مالذي ستقدمه المرأة حين تمتطي صهوة جواد، لتكون فارسة العصر، أو لاعبة كرة أو تنس، أو كابتن طائرة، وما حال أسرتها في حين غيبتها، لقد جاءت الشريعة الإسلامية بقانون عظيم يحمل في طياته العدل بين الجنسين، إنه قانون التساوي والاختلاف، التساوي فيما اتفقا فيه، والاختلاف فيما افترقا فيه، بما يتلاءم مع طبيعة كل منهما، ويحقق المصلحة والعدالة لهما. ولذا جاء النص النبوي (النساء شقائق الرجال) ولم يقل النساء هن الرجال، ولا مثل الرجال، فتأمل. * أكاديمية وداعية سعودية. [email protected]