يشكل التصوير الضوئي لدى المصور السعودي يوسف الجبري ضرورة يومية، وهو يجد أن الصورة أشبه بكنز تزداد قيمته المادية والمعنوية مع مرور السنوات. والجبري مدرس لكنه لم يعتمد على مهنة التعليم الصباحية، وإنما اتجه إلى مجال التصوير الذي أحبه منذ أكثر من 10 سنوات، إذ لم يكن في ذلك الوقت الكثير من المصورين السعوديين المحترفين، على عكس الوقت الحالي الذي يسجل فيه مصورون ومصورات كثر حضورهم اللافت في المحافل المحلية والدولية. ويحرص الجبري على التنقل بين مواقع عدة داخل المملكة وخارجها سعياً لالتقطاها وفق رؤيته الفنية، وإغناء أرشيفه، لكنه في الوقت ذاته يؤكد أن الصورة الجميلة لا علاقة لها بالتنقل، فغاية التنقل لا تتجاوز الرغبة في التنويع في الصور. ويقول في حديث إلى «الحياة»: «للتصوير متعة مختلفة لا يشعر بها إلا من يقتني الكاميرا، إذ أجد ذاتي في هذا الفن الجميل، وأسعى من خلاله إلى وضع بصمتي في عدد من مجالات التصوير، منها تصوير الطبيعة والعمران والحياة اليومية والوجوه أو ما يسمى (البورتريه) وغيرها، انطلاقاً من قناعة لدي تتمثل في ضرورة توثيق اليوميات وواقع حياة الناس برؤية تتجاوز كونها رصداً وحسب». ويضيف: «إلا أنني أميل إلى ما يُعرف بالفن المفاهيمي، الذي يعني تقديم رسائل مُبطنة وغير مباشرة من خلال الصور وفي مجالات عدة، متخذاً من عبارة «أتعمّق ولا أتوسّع»، رؤية لي في التقاط الصورة، وبالفعل أصبحت الآن امتلك مخزوناً وافراً من الصور، حققت بعضها جوائز محلية ودولية، إضافة إلى مشاركة عدد منها في معارض ومناسبات متنوعة منها المهرجان الوطني للتراث والثقافة (الجنادرية) وملتقى ألوان السنوي، ومعرض آخر في أمارة الشارقة وغيرها وذلك تحت مظلة مجموعة عكس التصوير الضوئي التي ينتمي إليها». ولا يخفي يوسف الصعوبات التي واجهها في احترافه للتصوير، خصوصاً عند البدايات، إذ لم يكن الوعي الاجتماعي بفن التصوير كبيراً، ما جعله يصطدم ببعض حالات الرفض لهوايته. ويوضح: «بالنظر إلى ثقافة التصوير الضوئي في المجتمع السعودي، نجد اختلافاً واضحاً بين اليوم والأمس، فاليوم بات هناك كثيرون ممن يهتمون بالتصوير ويحرصون عليه، لدرجة أصبحنا نجد فيها الكاميرا لدى فئات عمرية مختلفة لتصوير المشاهد، حتى وصل الأمر إلى الاهتمام بتصوير وجبات الطعام». ويضيف: «فالحاجز النفسي تجاه المصور سابقاً لم يعد موجوداً اليوم، ويظهر ذلك بكثافة الإقبال على التصوير، فيما كان الوضع سابقاً مناقضاً لذلك، إذ كان مشهد حمل الكاميرا مستنكراً وغير مألوف، ويواجه أحياناً بعض حالات الرفض الاجتماعي». ويعزو الجبري تغير مستوى الوعي الاجتماعي نحو التصوير إلى التطور التقني ووجود عدد من البرامج التي يحضر من خلالها التواصل بين أفراد المجتمع، إضافة إلى ارتفاع مستوى المعرفة والاطلاع على مستوى الفنون الجميلة عموماً، مبيناً أن مواقع التواصل الاجتماعي ساعدت في انتشار الكثير من المصورين وساهمت في التعريف بما لديهم من إمكانات ومواهب، في حين يجد أن مجموعات التصوير الضوئي لها دورها المؤثر في الوصول والانتشار، إلى جانب ما تتيحه من تعمق في التصوير من خلال ما يتم تنظيمه من رحلات ومشاركات مختلفة. ويستعد يوسف لتجهيز معرضه الخاص الذي يعرض خلاله عدداً من الصور التراثية الملتقطة في مدن عدة حول العالم، في حين يرى أن البيئة التصويرية في المملكة بحاجة إلى مزيد من الدعم والاهتمام من الجهات المعنية، معتبراً أن معظم الأنشطة الفنية التي تقام من معارض ومسابقات ورحلات وغيرها تتم بجهود فردية.